آهة مغترب
08تشرين22008
أحمد بسام ساعي
آهة مغترب
أحمد بسام ساعي – أوكسفورد
بعد فراقٍ طويلٍ للوطن يحمّل الشاعر زوجته هذه الرسالة وهي تغادره مع أولادها إلى وطنهم الذي يرونه لأوّل مرّة:
تـعـودين.. عَودي ما يزالُ يـفـتّشُ عن أرضٍ يُريحُ جَناحَه وتَـأويـنَ للأُلاّفِ... بَيتٌ وملعبٌ ربـيعٌ من الأشواقِ في كلِّ عَطْفةٍ وبـحـرٌ غَسَلنا حُزنَنا عند شَطِّهِ وكُـلاًّ حَـصـدْنا، حُلوةً بَعدَ مُرَّةٍ وأمٌّ... بَـرانـي دمعُها ورجاؤها وقـبـرٌ بعيد... ما عَرَفْتُ مكانهُ دَعـي ولـدي يُـلقي عليه تحيّةً * * * تعودين.. ضُمّي أضلُعي وحُشاشتي وطُـوفـي بأحياءِ الأحبّةِ وانثُري وقـولـي لأرضِ اللاذقيّةِ مرحباً نأى عنكِ دونَ الأربعين وما انتوى "وإنّـي لَـتَعْروني لِذِكراكِ هِزّةٌ " * * * تـعـودين.. رُدّيني لمهدِ طفولتي ألِـمّـي بـنبعٍ قد شجاني صَبيبُهُ ومُـرّي بأحراجِ الصَّنَوبَرِ وانشَقي أَرِيـحـي بـظِلِّ السِّنديانةِ خافقاً وأتْـعـبَـني جَرْيٌ وراءَ سَرابةٍ فـتَـبّـاً لآمـالٍ وتَـبّـاً لغُربةٍ وأَكـرِمْ بـأحـبابٍ وأَكرِمْ بموطنٍ فـمـا غُـربَـةُ الأوطانِ إلاّ تَيَتُّمٌ أفـضِّـلُ مَوتاً بينَ أهلٍ وصُحبةٍ | بَعيداوطَـيـرُ سُنوني ما يزالُ عـلـيـهـا، وحُلْمٍ غادروهُ بَديدا وفـرحـةُ أحـبـابٍ تجدّدُ عيدا ودفءُ أحـاديـثٍ تُـبـدِّدُ بِـيدا وردَّدَ وعْـداً مَـوجُـهُ ووعـيدا وعِـشْـناهُ عُمْراً.. بائساً وسعيدا وآهـةُ مـشـتـاقٍ تُـذيبُ جليدا مـن الأرضِ؟ يَحوي والداً وتليدا فـإنْ أَكُ نِـعْـمَ ابناً.. فنِعْمَ حفيدا * * * بـكـفَّـيكِ واذْرِيها هناكَ قَصيدا عـلـى كـلِّ بـابٍ قُبلةً ونشيدا حَـنـانَـيكِ.. هلاّ تذكرين شريدا لأنْ يَـبـلـغَ الخمسين.. ثمّ يزيدا كـمـا انشقّ بَرقٌ أو أَرَعْتَ وليدا * * * وقـبـلَ مُـواراتي الترابَ لَحيدا وغـابٍ قـطَعتُ العُمْرَ فيه وئيدا عـبـيـراً كتِرياقِ الشبابِ جديدا فـقـد نـاءَ بيْ حَملٌ وبِتُّ جَهيدا مـن الـمجدِ لم تَترُكْ لديَّ رصيدا وتَـبّـاً لأرضٍ تـشتريكَ زهيدا عـلـى بـؤسِهِ البادي يَظَلُّ فريدا يُـبـدِّلُ أحـرارَ الـرجالِ عبيدا ولا كـان مـجدٌ عِشتُ فيه وحيدا | طريدا