لِمَ شلت ضراوة كلبين لحرس الحدود الإسرائيلي أمام شاب فلسطيني ؟!

حدثت وقائع هذه القصة _التي أترك وصفها إلى ما سيكشفه سياقها من هذا الوصف _ في منطقة القرارة شمال شرقي خانيونس ، وجنوب شرقي دير البلح ،قرب بوابة كيسوفيم (  الحنين  بالعبرية ) ، عند خط التحديد بين قطاع غزة وبقية الوطن المغتصب . اقترب شاب عشريني من السلك الشائك ، وأجال بصره حوله ، ثم انسل إلى داخله من ثغرة صغيرة أسفله خلفتها  سيول الشتاء المنحدرة غربا ، ومنها ومن  مثلها  تنتقل الثعالب والأرانب البرية بين المنطقتين . وفي لمحة البرق برز عدد من حرس الحدود الإسرائيلي من  موقع ومعهم كلبان ، أطلقوا عليه أحدهما ، وصعقوا لما حدث ! رقد الكلب ساكنا وديعا واضعا خطمه على ذراعيه المبسوطتين أمام الشاب الذي توقف مرتاعا من الكلب الضخم البادي الضراوة ، ولم يكن هو، الشاب ،  أقل انصعاقا وتفاجؤا من الجنود  لما حدث . واتصلوا بالكلب عبر الهاتف المثبت على جسده طالبين منه العودة ، فلم يستجب  ما ضاعف انصعاقهم وحيرتهم ، فأطلقوا الكلب الثاني ، وانفجر انصعاقهم حين رأوه يفعل ما فعل الكلب الأول ، واتصلوا به ليعود ، فلم يستجب . ولم يعد لديهم طاقة للانصعاق والذهول والحيرة وتخيل السبب المجهول  الذي أرقد الكلبين ساكنين وديعين أمام الشاب . عندئذ أمروه بخلع قميصه وبنطاله والتقدم نحوهم رافعا يديه ، فنفذ الأمر ، فانقضوا عليه هلعين صارخين سائلين : " ماذا تحمل ؟! معك سلاح ؟! ماذا معك ؟! " ، ونقبوا في كل جزء من جسده  العاري ، نبشوا شعره القصير ، ولم يجدوا شيئا .

فسأله الضابط : " ماذا فعلت للكلبين ؟! كيف سكنا أمامك ، ولم يعضاك  ؟! " ، وما كانت به داعية ليقول لهم إنه ليس معه ما أثر به على الكلبين . وفجأة بدا على وجهه المتخوف أنه يريد أن يتذكر شيئا ، فتعلقت عيونهم به متلهفين . تذكر ما فعله قبل مجيئه بساعة ، ودون تأكد واضح راسخ من علاقته بما حدث للكلبين ، وإن كان هو الأقرب لتفسيره تيقناً  أوتَظنياً  ؛ قال لهم إنه نقل جراء كلبة ولدت هذا الصباح من مكان إلى آخر آمن وأظل لها ولأمها ، ولعل رائحة منها علقت به ، وأثرت على الكلبين ، والكلاب معروفة بحدة حاسة شمها وقوتها ، وأن تلك الرائحة ربما شلت ضراوتهما لسر يعلمه الله . تراسل الجنود نظرات الاستغراب ، لكنهم كانوا أميل إلى الاقتناع بتأثير تلك الرائحة على الكلبين ، ونقلوه إلى الداخل ، وبعد التحقيق معه ومحاكمته  حكم عليه بالسجن ستة أشهر ، وعند  خروجه روى تلك القصة الغريبة حقا ، والشاهدة على عجائب الله _ سبحانه _ في خلقه .

وسوم: العدد 833