لماذا !!؟؟

حكايات أهل السخافة وادعاءات أهل الغلو تصدق وتتداول ويتباهى بها المتباهون، وكلام أهل الحق يمر مرا وثقيلا على العقول والقلوب؟؟

ودائما أسأل نفسي: لماذا، يقول: بُطلا فيروج وتصحح له فيستقبلك الوجوم؟؟

ملايين ممن يسمون أنفسهم "مسلمون" يؤمنون أن رجلا منذ ألف وكذا سنة يعيش في مخبئه في سامراء..

ستضحك معي لأنك لست منهم!!

وجاء ابن سبأ من اليمن فيما قالوا وزعم للناس أن سيدنا علي "هو هو" أي هو الله، والعياذ بالله ،فصدقوا، وقالوها لسيدنا علي رضي الله عنه "أنت أنت" فغضب عليهم، وأمر بإحراقهم، فازداودا به يقينا، وقالوا ولا يعذب بالنار إلا رب النار، فأنت أنت!! وما زالت فرق منهم تسلم عليه كلما مر السحاب..

مات سيدنا محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه والملقب ابن الحنفية، فقال قائل للناس: إنه لم يمت، إنه في جبل برضوى عنده "عسل وماء" فصدق فصيل منهم لا يسمى بالقليل وما زالوا..

وفي مأثورنا الشعبي الجميل ودائما أقول لكم ما كل جميل صحيحا، فانتبهوا يقف السيد أحمد الرفاعي أمام الحجرة الشريفة وينشد:

في حالة البعد روحي كنت أرسلها

تقبـــــــل الأرض عنـــــي وهي نائبتي

وهذه دولة الأشباح قد حضرت

فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

فيسكرنا جمال الشعر فنثغو، ولا نهتم كثيرا لصحة الرواية، وأن اليد الشريفة قد امتدت عبر حديد الحجرة فلثمها سيدنا الشيخ!! ومن حق إذا أراجع عقلي أن أخاف على نفسي..

في جيلنا كانوا يحكون عن شيخ دمشقي، سبق إلى صناعة الهواتف الخلوية، فكان يتصل بمن يريد عبر تكة السروال.. تمهل وتفكر قبل أن تمسح بيدك على صدرك. ومن أغرب ما مر بي أن المذكور أعطى أحد المريدين وردا لقمع الشيطان، من كلمات لو كتبتها، حذفني مارك من هذا الفضاء..والآن إذا شئتَ...

كل كلام أهل الخفة مصدق، وأهل الغلو مقدس. وأنا لا أنكر المعجزة لنبي، ولا الكرامة لولي. وكنت قرأت لعالم هندي - غير مسلم - بحثا دلاليا تحت عنوان "الله والإنسان في القرآن" وما زلت أعجب كيف غابت معانيه عن عقول المسلمين. وأهمها أن من قدر الله فينا أنه يفعل بأيدينا. صعبة قليلا على هذا المقام.

الاندفاع إلى تصديق كلام الغلاة وأهل المخرقة والغباوة والرد على العقلاء سجية.

قال: ربنا لنبيه صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) كلام قطعي في ثبوته قطعي في دلالته، ومع ذلك سنجد من يصادرونه، ويلتفون عليه، ويؤولونه، ويزخرفون دعاويهم، وليست هنا المشكلة فقط، بل المشكلة أن هؤلاء الذين ... يجدون من يصدقونهم، وأنا أتوارى خلف الألفاظ خوفا من الذين سينكرون علي!!

قال الصالحون: العوام كالهوام.. وكم حلمنا بأمة ليس فيها من هذه الطبقة من الناس ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 985