الإبراهيمي غرّر بمعاذ الخطيب؟!

راجح الخوري

النهار

من الذي دفع أحمد معاذ الخطيب الى تلك الهاوية التي يمكن ان تبتلعه وتبتلع وحدة صفوف "الائتلاف السوري المعارض"؟ هل هو الاخضر الابرهيمي الذي قال في تصريحاته الاخيرة إنه يبحث عن اي منفذ قد يؤدي الى الحوار بين النظام والمعارضة؟

حبور الابرهيمي وهو يقدم في ميونيخ معاذ الخطيب الى سيرغي لافروف، الذي كان قد اعلن انه لن يلتقيه، اوحى إلي والى الكثيرين ان الابرهيمي لم يكن اكثر من ملتزم تولى ما يشبه عملية "تنويم مغناطيسي سياسي" للخطيب جعلته يعرض ما يستعيذ منه المعارضون وخصوصاً المقاتلون على الارض، اي قبول مفاوضة النظام، وهو ما رفضوه بعد فشل "المبادرة العربية" وما كرر الاسد رفضه منذ البداية ومع كوفي انان ومن ثم الابرهيمي!

هل كانت فكرة الخطيب مجرد "رأي شخصي ومبادرة حسن نية" كما يقول، ام انها كانت ثمناً اقنعه دهاء الابرهيمي بتسديده سلفاً قبل ان يطوف به في جولة العروس ليقابل جو بايدن وسيرغي لافروف وكاثرين آشتون وحتى علي اكبر صالحي الذي يقاتل الى جانب الاسد؟ 

اذا كانت رأياً شخصياً فهذه مصيبة تدل على مراهقة سياسية من رجل يفترض انه مؤتمن على دماء السوريين وثورتهم، وخصوصاً انه لم يراجع رفاقه او يستشيرهم في موضوع له فعل القنبلة، اما اذا كانت قشرة موز اميركية - روسية - اوروبية تولى الابرهيمي ادارتها، فالمصيبة اعظم، ليس لأن النظام رفضها بطريقة مهينة للخطيب بل لأنها تركت مفاعيلها المقصودة من الذين حاكوها، اي انها احدثت شرخاً عميقاً في صفوف المعارضين، وهو ما يتوازى مع الشروخ التي تجهد اميركا وروسيا وايران لتعميقها بين الفصائل المقاتلة في الداخل.

بدأ هذا يتضح منذ ابلغتنا هيلاري كلينتون ان واشنطن لم تعد ترى في الثورة السورية إلا "جبهة النصرة"، ومنذ ذلك الحين صدرت الاوامر بتجفيف المصادر المالية والعسكرية للثوار، وهو ما اراح موسكو وطهران ودفع الاسد الى الاستئساد اكثر، ثم بدأت مطالبة المعارضين بعزل "النصرة" كشرط لدعمهم، وهذا يعني دفع الثوار الى الاقتتال في ما بينهم. ومع اقتراب عمليات الثوار من دمشق واعلان اسرائيل اقامة حزام امني في الجولان خوفاً من سقوط النظام، صار لا بد من السعي الى التفاوض بأي ثمن، وهنا تم دفع الخطيب الى "الاقتراح الهاوية"، فاذا تجاوب الاسد يجدون منفذاً لتبرئة الذمم، وإن لم يتجاوب تسقط الديبلوماسية الدولية ما يشبه قنبلة برميلية سياسية على صفوف المعارضة!

كل ما قاله احمد معاذ الخطيب عن تنكر العالم لوعوده وعن معاناة السوريين لا معنى له، فالثورة بدأت من الصفر ولا يجوز اعادتها الى ما تحت الصفر بالإنزلاق العاطفي على قشرة موز دولية ألقاها عربي يدعى الابرهيمي!