الحوار مع من؟

الحوار مع من؟

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

لو أن الرئيس محمد مرسي ظهر علي شاشة التليفزيون وهو يتناول كأسا من الخمر‏,‏ لكان الأمر مختلفا‏,‏ ولتحولت جبهة المناهضة إلي أصدقاء‏.

ولالتمسوا الأعذار حين يتراجع الجنيه وينهار الاقتصاد وتتوقف حركة الإنتاج ويهرب السياح, ويفتقد الناس الأمن والأمان. مشكلة الدكتور مرسي أنه لا يشرب ولا يسرق ولا يمارس جبروت السلطة ولا يقمع معارضيه ولا يسحل مناهضيه, ولذا فهو مستهدف بصنع الكوارث ممن يريدون الاحتفاظ بامتيازاتهم الحرام وأوضاعهم الاستثنائية.

إن الشجعان الجدد يرفضون الحوار مع الرئيس, ويفرضون شروطهم المسبقة قبل أي لقاء, وقد سمعت قبل قليل وأنا أكتب هذه الكلمات من تسمي ناشطة سياسية تقول: إنها لن تستمع لخطاب متوقع لرئيس الجمهورية, وعبرت عن رفضها بسيل من الاتهامات والإهانات للرئيس والإخوان والإسلاميين, وكأنها جنرال في جيش الدفاع الصهيوني!

القوم حين يرفضون الحوار, بل الاستماع لخطاب الرئيس, فإنهم لا يمتنعون أبدا عن مقابلة عضو الكونجرس الأمريكي جون ماكين, ولا السفيرة الأمريكية آنا باترسون ولا غيرهما من الأمريكان, بل إن بعضهم يعقد معهم اجتماعات مغلقة, ويجد في ذلك ديمقراطية مثالية, وسلوكا متحضرا, ومجالا للمفاخرة! إنهم في كل الأحوال يصرون علي أن تكون إرادتهم فوق إرادة الأغلبية التي يمثلها الرئيس, وقضيتهم الأساسية مع المشروع الإسلامي, فهم لا يريدونه ولو كان معبرا عن الرغبة الشعبية العارمة, وهي رغبة تلتقي مع رغبة الخارج الغربي الصهيوني والعربي الخليجي, ولعل ذلك يفسر ما يجري في تظاهراتهم المليونية التي صارت ملوثة بالدم والحرق والتدمير والنهب, علي العكس من مليونيات الإسلاميين التي تمر سالمة بعيدة عن القتل والتخريب.

إن تحالف الأقليات المستبدة مع النظام البائد لتدمير الوطن, ورفض الحوار يشير إلي أن مصر مقبلة علي مرحلة اضطراب خطيرة يصنعها خصوم الديمقراطية والإسلام, ولكنها ستنتصر في النهاية بإذنه تعالي, ثم إرادة شعبها العظيم ووحدته, ولعله من الأجدي أن تتحاور الرئاسة مع السفيرة الأمريكية ورئيس شرطة دبي, فقد يكون الحوار مثمرا!