أفاعي الاستفهام.. مَن نُحَارِب؟؟

علاء الدين حمدي شوَّالي

علاء الدين حمدي شوَّالي

[email protected]

ـ مع سخافة الحديث عن مخلفات الحروب، وسذاجة إلقاء الأمر على "أنفاق حماس"، وبين تَعجُّب أفاعى علامات الإستفهام، تفرض نفسها على الشأن المصرىِّ بقوة، كانت أسئلتى التالية، لا أهدف منها إلا صالح الوطن، وتوحيد صفوف الظهير الشعبى عن يقين وقناعة، والأهمّ عن عِلمٍ بالكيان الذى تجب مواجهته فى حربنا على الإرهاب.

أطرحها دون مقدمات، ومن مفهوم حرية التعبير، آملاً فى حرية ما بعد التعبير! موقناً فى النهاية، أننى أسألها لنفسى !! فلا أحد يقرأ للبسطاء فى هذا البلد ..

ــ أولا: وهو الأهمّ، كيف يتمكن إرهابيو سيناء من الإستعواض المستمر لذخائرهم، كما لو كانت تصنع فى الخيام ؟!!

أفهم أن لديهم سلاحاً حصلوا عليه، بطريق أو بأخرى، قبل أن يحكم الجيش قبضته على الحدود كما هو بديهى، أو كما هى مهمته الأساسية التى ليس له سواها، خاصة والحدود مع قطاع غزة تبلغ حوالى 15 كيلو متراً أوَّل عن آخر، ولكن من أين لهم إمدادات الذخائر لإستمرار إستعمال ذلك السلاح بتلك النيران الكثيفة والمتنوعة، دون أن يفقد قيمته وتأثيره ؟! أين الثغرة ؟!!

ــ ثانياً: ما الرقم التقديرى لأعداد الإرهابيين فى سيناء حسب مهمة الاستطلاعات العسكرية ؟ أو كم بقى منهم، إذا جمعنا أعداد ما يُعلن رسمياً عن قتلاهم بصورة يومية ؟! الأمر الذى قد يوحى بأنهم أصبحوا كل سكان سيناء ؟!!

ــ ثالثاً: أين إعترافات المقبوض عليهم ؟ وأين نتائج التحقيقات الرسمية تطرح على الشعب لتضع سهام الإتهام يقيناً فى عنق هذا أو ذاك ؟! تنظيما كان أو جماعة أو دولة، حتى يتم توجيه الرأى العام ضده عن يقين.

فأتصور أن الدولة المصرية، الكبيرة القوية العتيدة، لا تعتدّ ببيانات الفيس بوك وتويتر واليوتيوب، التى يدعى فيها بعضهم مسئوليته عما يحدث، ربما من باب التهريج أو الفشخرة ! وإلا كانت كارثة، نحارب من خلالها على مسرح عمليات عالم إفتراضى، مع  أشباحٍ خفية تقتل أبنائنا، فلا نعرف من عليه الدور، كما يحدث فى الأساطير الخرافية !!  

ــ رابعاً: ماذا نتوقع نتيجة حملة التهجير القسرى، والمواجهات، وربما القتل على الإشتباه، وحجم التدمير العقابى المفرط بالصواريخ ودانات الدبابات فى وضح النهار، غير المتناسب أبداً مع طبيعة الموجه ضدهم ؟ كما تظهره أفلام الفيديو "الرسمية" لبيوت بدوية بسيطة، من الأفضل، والأوفر للكلفة أيضاً، إقتحامها وإلقاء القبض على المشتبه فيه، إن كان داخلها، بدلاً من إستعداء البيئة التى أحارب فيها، مما يُهىء مناخاً سيناوياً غاضباً، يُصبّ فى مصلحة الإرهاب فى البدء والنهاية، ذلك إذا لم يكن التدمير تدميراً إنتقامياً، على الطريقة الإسرائيلية بكل أسف !

وهو ما سبق للرئيس السيسى وحذر منه جميعاً فى لقاء مع القوات المسلحة قبل توليه الدولة، وفى فيديو مسرب !! رغم أنه رأى حكيم ومتزن يعبر عن حنكة كبيرة، لا أدرى لماذا يصمت سيادته عنها الان فلا يمنع توجيه الدفة فى نفس الاتجاه الذى حذَّر منه ؟!! ولا أظنه قد غيَّر من قناعاته !

فقد قال بالنص " محاصرة رفح والشيخ زويد واخراج السكان وتفجير البيوت وقتل أبرياء، انت بكده بتخلق عدو ضدك وضد بلدك، وبقى فيه ثار بينك وبينه ـ تشكيل الأمن بالتواجد مش بالقتال ـ رشاش واحد ودبابة واحدة يمكن تعمل حاجات كثير لكن دول فى الاخر أهلك وناسك ـ تهجير أهالى رفح يخلق عداوة وقتال ويؤدى لإنفصال سيناء ـ لازم نستدعى حالة انفصال الجنوب فى السودان بسبب المعالجة الأمنية فقط والراى العام كان بيتأثر والنتيجة إيه ؟" 

أقول، على خلفية ذلك الإستشفاف الواقعى، وعِلم رأس الدولة الآن بخطورته وتداعياته وصدق نبوئته تدريحياً، فالسؤال .. ما الموقف الحقيقى لشيوخ قبائل سيناء ؟!

فلمن لا يعلم، والدولة أظنها تعلم، فأحد مقومات زعامة القبيلة، أن يكون شيخها أديباً أريباً ذا سطوة وهيبة وسيطرة، عالماً ببيئة القبيلة وأفرادها وغربائها، ومداخلها ومخارجها، وبالمسير الذى يدُلّ عليه الأثر فى ترابها، وربما عدد حبات رمالها وحصاها، بحيث يستحيل أن تدُبّ النملة داخل نطاق نفوذه إلا بعلمه، وإلا ما استحق المشيخة ..  

وعند هذه النقطة أتوقف، فلا أتهم أهلى هناك ولا أزيد، إنما فقط هو طرح ما يُحتِّم البحث والتوضيح مِن العالمين بطبيعته، سواء فى القاهرة، التى ربما تعلم، أو فى سيناء التى يقيناً تعلم المُبرِّر والمُنفِّذ والمُمَوِّل ومورِّد الذخيرة، وربما ساعة التنفيذ أيضاً، حسب طبيعة وقوانين وأعراف البيئة المحلية، قليلة السكان فاضحة الغرباء !

خامساً: كيف لسيناريو عمليات الإرهاب أن يتكرر بحذافيره كل مرة، وبنفس عدد الشهداء تقريباً، وكأنها "كوتة ردّ فعل" لأىِّ فعل تقوم به المؤسسة الأمنية فى أىِّ مكان ؟! قد يكون هذه المرة، مثلاً، مقابل ضحايا الذكرى الرابعة لأحداث 25 يناير 2011 !

فإن كان العبد لله لاحظ وهو غير المتخصّص، فهل فات ذلك على واضعى الاستراتيجيات الأمنية المتخصّصين، فلم يستعدّوا لردّ الفعل الذى تثبت الملاحظة أنه فاق حكم المتوقع، وبنفس القالب كل مرّة، "كلاكيت" دون تغييرٍ ولو طفيف، وكأنه فيلم مُسَجَّل يعاد عرضه ؟!!!

ــ أسئلة، أظن أنها الأساس لإستراتيجية تجفيف المنابع وإستجلاب دعم الظهير الشعبى القوىّ، بعد تحديد العدوِّ بوضوح أمامه، فتقطع الدولة رقابه بما لا يدع مجالاً لشك أو تعاطف، فالصراحة واجبة، وإلا ماعت الأمور وماهت المسميات وإستمر مسلسل الدم نزيفاً من قلب الوطن.

أسئلة أتمنى أن يتسع صدر الدولة للإجابة عنها فوراً، إن كان فيها من يقرأ لأمثالِّ العبد لله، "حرافيش" الوطن ! أو إذا سمحت إدارة مرورها بإتجاهات سير متعددة، بدلاً من الإتجاه الواحد الإجبارى ثابت المعالم على جانبيه! وبشفافية كبيرة، دون التبرير بأنها أسرارٌ أمنية !

ذلك لنعلم من نحارب تحديداً، ووأداً للفتنة التى تُنذِر بحرب أهلية يوجهها بعض المسئولين الأمنيين للأسف دون إستيعاب أثر ذلك فى الشارع، مثال أحدهم الذى صرَّح فى فضائية مؤخراً، وبعد 10 دقائق فقط من تفجير قنبلة صوت، كما قال المذيع متباهياً بالسبق، أن القنبلة وضعها تنظيم الجماعة الإرهابية !!! هكذا قبل حتى انقشاع الغبار عن منطقة التفجير !!! فوقع المسئول بين إما تكذيب المتابع أو إستخفافه، وإما تصديق ديماجوجى مُدَمِر، سيخرج تدريجياً عن سيطرة الدولة، مدفوعاً بالفتنة التى يشعلها "فى الهيصة" بعض الفاشل الغبى من إعلام رجال الأعمال، المتزلفين للسلطة، وفى صمت غير مفهوم من الدولة، لا علاقة له بحرية الرأى والتعبير !

الدولة التى هى عقد إجتماعى يقبل الفرد فيه بتقييد جزء من حرياته مقابل إنشائها ولصالحها ليصبّ فى صالح أمنه فى النهاية، وبالتالى فهى وحدها صاحب الحق الأصيل فى سلطة المحاسبة، فهو أحد أهم عناصر سيادتها ومقومات وجودها ومبرراته، إن تركتها للشعب، ولو تحريضاً من وراء الستار، إفتئت، وتحولنا الى نماذج كثيرة حولنا، كانت، قبل ليلة، دولاً لها ثقلها على الأرض والخريطة !

وذلك عينه، هو ما يخططه المتربصون لهذا الوطن الجميل من سيناء الى سد النهضة، أعنى الفوضى بأحد الشركين يصنعهما الغباء .. الحرب الأهلية أو اللادولة. 

ــ إنها قاعدة "البحث عن المستفيد" الأزلية، والتى يجب التمهل عندها حتى يمكن توجيه البوصلة وإعادة تصحيحها، بدلاً من الاتجاه الإجبارى الذى يدفع اليه البعض ناحية، ربما، غير المستفيد بداهة، أو فلنقُل دون مكاشفة شعبية تحدد الهدف، فتكون النتيجة أن ننشغل ونُستَنزَف معنوياً فى إتجاه قد يكون خاطئاً، بينما تزداد قدرة العدو الحقيقى وصولته فينا بين غفلتنا، ليس عن قوة منه بقدر كونها نتاج أخطائنا أنفسنا.

ناسين، مثلاً، لن أقول مخابرات معادية فقط، ولكن أيضاً باقة المستفيدين مِن مافيا تجار السلاح والمخدرات التى تدير إقتصاد دولٍ بكاملها، فهى أفضل الأدوات لمُحرِّكها عدوِّنا الأول، ذلك الذى لم يطله رصاص الإرهاب بإسم الدين، ولا بإسم الوطن ! طيلة تاريخه اللقيط !

فهل يقرأ أحد ؟ لا أظن !!!

ضمير مستتر ..

خذها منّي تلكَ الكلمات، صدّقها من دونِ دليلْ ..

بعثرها في عقلكَ..
لا بأسَ إن إختلطَ الفاعلُ بالفعلِ أو المفعولْ !

الفاعلُ يفعلُ، والمفعولُ به يبني ما فعلَ الفاعلُ للمجهولْ

هذا تفكيرٌ عَرَبيٌ..  عَمَليٌ .. شَرعيٌ..
مقبولٌ في زمنٍ فيهِ حوادثنا كمذابحنا ومآتمنا. . أفعالٌ تبنى للمجهولْ !!

"مظفر النواب"