دفاعا عن عودة البرلمان الأكثر نزاهة في تاريخ مصر

دفاعا عن عودة البرلمان الأكثر نزاهة في تاريخ مصر

بدر محمد بدر

[email protected]

شارك أكثر من ثلاثين مليون مواطن مصري في أول انتخابات برلمانية أجريت بعد ثورة يناير، وشعر جميع المصريين بقيمة وأهمية وخطورة تأثير الصوت الانتخابي لأول مرة، كان الجميع سعداء بهذا الإنجاز الديمقراطي الرائع للثورة، وهو إنجاز تاريخي غير مسبوق، رغم كل الظروف المعاكسة التي حاولت إعاقته بكل وسيلة.

ولم يكد ينعقد هذا البرلمان الذي انتظره الشعب طويلا، واختار فيه أغلبية واضحة من التيار الإسلامي، وبخاصة حزبي "الحرية والعدالة" و"النور"، حتى تعرض عمدا للحصار السياسي المادي والمعنوي، من خلال المظاهرات والاعتصامات الفئوية والأزمات المجتمعية التي حاولت منع الأعضاء من ممارسة دورهم، ووجد النواب صعوبة كبيرة في الوصول إلى قاعات المجلس، ثم الحصار المعنوي الأخطر بعدم تنفيذ الحكومة لتوصياته وقراراته، وإثارة غبار إعلامي دائم ضده.       

وعلى الرغم من حدة وفجور هذا الحصار الظالم، الذي شاركت فيه قوى سياسية ومؤسسات وأجهزة مخابرات ورجال أعمال، كافح السادة النواب المنتخبون لإثبات وجودهم، وبذل كل جهدهم وطاقتهم في إصلاح منظومة العمل الوطني والسياسي والقانوني، وفي هذه المدة القصيرة، حوالي أربعة شهور، قدم المجلس الحر النزيه العديد من الإنجازات القانونية والسياسية، التي شهد بها المنصفون من السياسيين والباحثين، وانتظر الناس بشغف المزيد من الإنجازات والقرارات والجهود، ولكن! 

لم يفلح هذا الحصار الظالم في تشويه صورة هذا المجلس النزيه، ولم تنجح هذه الحرب الإعلامية الضروس في تيئيس الشعب منه، وبدأت أعماله وقراراته تصل إلى الناس وتلقى ترحيبا واسعا، وبدأت قضاياه وانتقاداته للحكومة تفرض نفسها على وسائل الإعلام، فكان الحل لدى هذه القوى الفاسدة المضادة لإرادة الشعب هو التلويح باستخدام القضاء لإنهاء وجود البرلمان الأكثر نزاهة في تاريخ مصر، وهو ما حدث بالفعل، بشكل أقرب إلى الكوميديا السوداء، وتم اغتياله بدم بارد.

هل من الديمقراطية أن يتم إهدار حقوق أكثر من ثلاثين مليون مواطن، يمثلون الشعب المصري كله، شاركوا بحماس وأمل وتفاؤل، بزعم أن القانون الذي جرت الانتخابات على أساسه فيه عوار دستوري؟! وهل من المنطقي والمقبول أن يتم عقاب كل هؤلاء الشرفاء بسبب خطأ من فرد أو مجموعة صغيرة، قامت بإعداد أو مراجعة هذا القانون؟! وهل من المقبول إيقاف عمل البرلمان في دولة تعاني الكثير من الأزمات، وبحاجة إلى جهده الذي توقف منذ منتصف يونيو الماضي؟!   

وهل من المقبول في بلد مستنزف ماليا، ومنهك اقتصاديا، ويعاني من زيادة كبيرة في البطالة، وتوقف الكثير من أدوات الإنتاج، واستمرار الانفلات الأمني، وزيادة أسعار السلع الغذائية، وضعف المرتبات والدخول، وتضخم الديون، أن نقوم بإجراء الانتخابات البرلمانية مرتين في أقل من عام، تتكلف الواحدة منها ما يزيد على الملياري جنيه؟! وهل يتصور أحد من هؤلاء الحريصين على ذبح البرلمان الحالي أن يشهد المجلس القادم تغييرا إيجابيا لصالحهم إذا تمت إعادة الانتخابات؟!

إنني أدعو الأستاذ الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية إلى إعادة تفعيل قراره الصائب بعودة مجلس الشعب الحالي إلى الانعقاد، وأن يستجيب لآمال عشرات الملايين من المصريين بعودة مجلسهم الذي اختاروه بحرية ونزاهة وشفافية، على أن يتم فقط إعادة الدوائر التي أبطلها حكم المحكمة الدستورية، وهي أقل من الثلث، باعتبار أن هناك من فاز من النواب مستقلا، وبذلك يكون انعقاد المجلس قانوني، ويساعد بالتالي الحكومة في إنجاز القوانين والاتفاقيات العاجلة.

وأنا على ثقة من أن هذا القرار سوف يسعد المصريين، ولا بأس من إغضاب بضع مئات أو حتى آلاف من اليساريين والعلمانيين.