هي والرئيس .. بأموال من ؟

هي والرئيس .. بأموال من ؟

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

دعا ما يسمى بالمجلس القومي للمرأة إلى مؤتمر تحت عنوان " هي والرئيس .. مستقبل المرأة في مصر الثورة " يتم تمويله من ميزانية الدولة ، وتبلغ تكلفته ما يقرب من مليوني جنيه مصري ، فضلا عن تسكين الأعضاء في فنادق الجيش !

التكلفة يدفعها فقراء مصر ، لتجلس مجموعة من الستات الفاضلات ، يستضفن مجموعة من المرشحين للرئاسة ، وتأييد أحد مرشحي الفلول ،  مع طرح  القضايا التي يلح عليها الغرب الاستعماري ، لتغريب المرأة وفقا لما قرره السيداو ومؤتمرات الأمم المتحدة في القاهرة وبكين ونيروبي ، من قرارات تبيح الإجهاض والانحلال والزواج خارج الشريعة ومراعاة حقوق الشواذ وتحريم التعدد والطلاق ... إلخ!

انعقد المؤتمر بمركز المؤتمرات بمدينة نصر يوم السبت 19/5/2012م .وأكدت الست رئيس المجلس القومي للمرأة أن ثورة 25 يناير مثال حديث لكفاح المرأة ؛ ثم أشارت إلى أن المؤتمر يمثل نواة لقيام تحالف شعبي للمرأة المصرية حيث تتكاتف كقوة تصويتية تمكنها من التغيير للأفضل ( تغيير ماذا وكيف ؟ ) ، واستطردت الست الرئيس للكلام عن الهدف من المؤتمر المتمثل في  حشد جموع النساء وإظهار تواجدهن( كذا !) بالرغم من تنوعهن للمطالبة بحقوقهن ورفض التوجهات والأفكار الرجعية  ( ماذا تقصد بالأفكار الرجعية بالضبط ؟ ) وتحقيق مساندة الرجال للقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة باعتبارها قضايا المجتمع والدولة .

وأضافت الست الرئيس : أنه مع صعود التيارات المتشددة ( تقصد الإسلامية ) بعد حصولها على أصوات النساء فى الانتخابات بدأت هذه التيارات تطالب بالعدول عن حقوق اكتسبتها المرأة وهو ما لم نسمح به لأنه "ردة" ( استر يا ستار ! ) للمجتمع وللدولة ؛ خاصة وأنه لا أساس لصحة المطالبة بتغيير هذه التشريعات بدعوة مخالفاتها للشريعة، مؤكدة أن جميع التشريعات المصرية تراعى الشريعة الإسلامية!

ثم أشادت الست الرئيس بقوة المرأة التصويتية والأزهر الشريف مرجعية الأمة في شئون الدين ! وعلمنا من حضرتها أن الأزهر الشريف سيصدر وثيقة خاصة بحقوق المرأة مما سيوقف مناقشة المشروعات التي تسلب المرأة حقوقها .

وحذر مسئول في المجلس من النذر الخطيرة التي تؤكد تدنى حقوق المرأة المصرية بعد الثورة، مؤكدا أن تلك الردة الثقافية ( تاني ! ) توشك أن تسلب المرأة المصرية ما حققته وما أحرزته من إنجازات . كما حذر من  تحويل الثورة إلى سلطة ذكورية!

ينسى السادة والسيدات في المجلس القومي للمرأة ، أن هذا المجلس أنشأته السيدة سوزان ثابت حرم الرئيس المخلوع ليحارب الإسلام وتشريعاته ، وقد عاني الناس الأمرين من القوانين التي تم إصدارها بمعرفة هذا المجلس سيئ الذكر، ويكفي أن قانون الرؤية  وسن الحضانة وتأخير سن الزواج والختان وضعت الناس في حرج ومتاعب لم تنته حتى اليوم نتيجة لتغوّل المرأة على الرجل ، وخراب البيوت وهدم الأسر المستقرة إشباعا لرغبة شريرة من بعض النساء الفاشلات في الانتقام من الرجال .

لقد وضع الإسلام أسس العلاقة بين الرجل والمرأة على المودة والرحمة . ولكن المجلس حولها إلى مصارعة تنتصر فيها المرأة بالضربة القاضية ، ولكنها تخسر حياتها الزوجية وتنضم إلى الجلوس في ظل حائط الفشل العظيم ، ويكفي أن يكون مكان رؤية الطفل في مقر الحزب الوطني !

ولا أدري معنى صعود التيارات المتشددة في وجود قوانين يتفق عليها المجتمع وتصدر تحت مظلة اتفاق جمعي بطريقة ديمقراطية ، وفقا لمرجعية الشريعة الإسلامية . أي ردة تحدث في المجتمع كما تقول بعض السيدات وبعض السادة اليساريين أو العلمانيين الذين لا يريدون للإسلام وجودا ولا حضورا ؟ إن مفهوم الردة في الإسلام هو الكفر ، أوالعدول عن الإسلام ، فكيف صار المصطلح معاكسا لدى  المجلس القومي للمرأة ؟

المفارقة أن هذا المجلس تمت إعادة تشكيله من وصيفات الهانم التي أسسته ، ومن المواليات لها ،ومن بعض اليساريين والعلمانيين الذين بينهم وبين الإسلام مسافات شاسعة مليئة بكراهيته وتشويهه والحقد عليه !

إن ترديد مصطلح الرجعية الذي استخدمته رئيس المجلس يذكرنا بالفترة الناصرية التي كانوا يشيرون فيها إلى الإسلام باسم الرجعية ، فهل صار الإسلام رجعية ؟ وما هو مفهومها لدى الستات والسادة المعنيين بشئون المرأة في المجلس القومي للمرأة ؟

هل تعنيهم المرأة حقا في هذا المجلس ؟  إذا كانت تعنيهم فما معنى ما قالته عضو للمجلس عن فتيات العباسية الذين سحقتهن قوات الجنرال بدين ، واعتقلتهن من مسجد النور ، وغيبتهن وراء الأسوار بحجة اقتحام وزارة الدفاع ؟ لقد قالت العضو المحترمة :  إن المجلس لن يتحرك خطوة واحدة للدفاع عن الفتيات اللاتي تم القبض عليهن من مسجد النور بالعباسية من قبل الشرطة العسكرية. وأشارت إلي أن المجلس القومي لن يكون طرفا فى قضية ليست وطنية أو قومية، وأن هؤلاء الفتيات يجب أن يقعن تحت طائلة القانون كمواطن مصري عادى مثلهن فى ذلك مثل الرجل !

وأضافت الست العضو : أن معتصمي العباسية ليسوا مصريين وطنيين ، وأكدت أننا كمجلس قومي للمرأة لن ندافع عن من ينتمون للجماعة الدولية، والجماعة الإسلامية، والإمارة الإسلامية والقاعدة وطالبان(؟) ، ولا نعرف ميدانا آخر للثورة سوى ميدان التحرير ولن نلتفت إلا لمن يطالبون بمطالب مشروعة.

هذا هو صوت المجلس القومي للمرأة الذي يفترض أن يدافع عن المرأة . إنه للمرأة التي تنتمي إلى الحزب الوطني وإلى السيدة سوزان وإلى الرئيس المخلوع مبارك وليس إلى المرأة المصرية أيا كان انتماؤها ؟ لماذا إذا تصرف ميزانية المجلس من عرق المسلمات الكادحات اللاتي لا يؤمن بالحزب الوطني ولا بالعلمانية ولا بثقافة الغرب الاستعماري على المجلس الذي أسسته سوزان ؟ لنتفق أو نختلف على طبيعة التظاهرات أو مكانها أو القائمين بها ، هل يجوز أن يتخلى مجلس المرأة عن المرأة لأنها تنتمي إلى هذا الجماعة أو تلك وهي التي تمول المجلس من عرق جبينها ؟ وكيف لعضو المجلس أن تصدر حكما بإدانة مجموعة من الفتيات طبيبات وإعلاميات كن يساعدن المصابين ويضمدن الجرحى وتجردهن من القومية وعدم الوطنية ؟ ما أعجبك يا مجلس السيدة سوزان ! هل لو كن شيوعيات كانت ستصمت الست العضو المحترمة ؟

إن موقف المجلس من فتيات العباسية يمثل عارا لا يمحى ، وينضم إلى قائمة خيباته وفشله الذريع في تحقيق عمل إيجابي يخدم المرأة ويساعدها ، وقد آن الأوان أن يتم حله ، وأن توفر ميزانيته ، من أجل المرأة الفقيرة ، ولا أظن أن السيدة سوزان مازالت تحكم وتأمر ،  وعلى الذين يصرون على بقائه أن يتذكروا أن مصر الثورة ليست في حاجة إلى هذا الهيكل الفاسد الفاشل !