تدويل ملف التمرد الطائفي -2

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أؤكد دائما أن معالجة ملف التمرد الطائفي ، يأتي بالدرجة الأولى ؛ لإنقاذ الطائفة من هاوية سحيقة ، يدفعها المتمردون للوقوع فيها ، وبعد نجاحهم في عزلها معنويا – على الأقل – عن بنية المجتمع ، وشحنها بأفكار الانفصال والتعصب والاستشهاد ، فإن محاولات خونة المهجر لتدويل الملف الطائفي ، لا تنفصل عن محاولاتهم لتحريض الغرب الاستعماري ضد مصر خاصة والمسلمين عامة ، علما أن ما يقوم به المتمردون لا يمكن أن يتم إلا بموافقة رئيس الكنيسة الذي أشعل فتيل التمرد منذ جلوسه على كرسي البابوية أوائل السبعينيات حتى الآن ، ولا يقولن أحد إن تصرفات الخونة المتمردين الطائفيين ، مجرد اجتهادات شخصية ، لسبب بسيط ، وهو أن إشارة بسيطة بالحرمان من رئيس الكنيسة توقف كل هؤلاء المتمردين الطائفيين الخونة في غمضة عين ، واليوم نقدم نموذجا تحريضيا رخيصا يقوم به الكاهن دميان الأسقف العام للكنيسة الأرثوذكسية المصرية في ألمانيا ، الذي يقدم نفسه بوصفه سفيرا للكنيسة من خلال حديث أجراه مع موقع ألماني اسمه المبادرة ، ترجمه مصري يعنيه أمر الوطن ، أشكره على جهده ، وأعتذر عن عدم ذكره اسمه خوفا عليه . وسنقدم بعدئذ - إن شاء الله - حديثا آخر له ، يكشف عن كم هائل من الأكاذيب والتشهير بالوطن والأغلبية ، فضلا عن التحريض الرخيص ضد الشعب والجيش ، وهو ما نضعه أمام النيابة العسكرية لتحقق فيه ، حماية للوطن بما فيه الطائفة والمستقبل . 

[ سؤال: ما هو الوضع الحالي للأقباط المسيحيين فى مصر؟

جواب : الوضع خطير للغاية  . تصلني رسائل كثيرة جداً عن طريق الإنترنت ؛ إميلات ,فيسبوك , محادثات تليفونية كثيرة جداً . الأقباط فى مصر يشعرون بتهديد كبير للغاية . لقد تطور كل شيء لدرجة خطيرة جداً . المسيحيون يتم قتلهم ويتم تعذيبهم . الكنائس يتم حرقها . الناس يشعرون بعدم الأمان بدون حماية . لا يوجد قانون لحمايتهم . ولقد اكتشفنا حقيقة مؤلمة وهى أن الجيش له نشاط فى هذا الهجوم وشارك فيه ، والشيء الأسوأ كان فى ليلة السبت والأحد من الأمس إلى اليوم ,حيث أطْلَقَ النار على المتظاهرين فى ماسبيرو بالقرب من ميدان التحرير ، بأسلحة متطورة وتم قتل مجموعات بأكملها من الأقباط  ، ومنهم  كثيرون أصيبوا بإصابات بالغة . الوضع خطير للغاية . الموقف حرج للغاية ومسلسل العنف ازداد لدرجة مهولة .وكثير من الأقباط يتطلعون بكل أمل لمغادرة البلاد لأنهم بدون حماية فى وطنهم  . ليس هناك قانون لحمايتهم ؛ منهم من تم اختطافه ومنهم من تم قتله فى ظروف غامضة أو أصيب بجراح . تأتيني أصوات صارخة كثيرة من مصر . لقد أرسلت معلومات كثيرة جداً لوسائل الإعلام الألمانية ، ولكن الأخبار التي تَصِلُني من مصر محزنة جداً ونُصلى للرب من أجل أن يساعدنا ويلطف بنا ، فنحن مهمومون جداً ، يسوع المسيح نبأنا بهذا وقال : سوف تتعذبون فى الدنيا ولكن كونوا على يقين بأنني انتصرت على الدنيا . الظلمة والنور لا يتفقان . نحن تقريباً شوكة فى أعين المسلمين .  بعض المسلمين لديهم مشكلة كبيرة فى موضوع الثالوث والبعض يستمع لخطبة فى المسجد وبعد مغادرة المسجد يكونون ممتلئين بالغيظ والكراهية لدرجة كبيرة . صلاة الجمعة فى مسجد تعادل إعلان حرب تقريباً . هؤلاء العوام من الناس الذين يذهبون لصلاة الجمعة بدلاً من مغادرة مساجدهم  مسالمين يغادرون المساجد فى حالة غيظ  وكراهية وكثير من العدوانية ، ويعتقدون بأن قتل عُبَاد الصليب هو فضيلة ، وهؤلاء الناس يقومون بهذا لاعتقادهم الراسخ بأن هذا هو بالضبط ما يأمر به الإسلام ولهذا فنحن نرى أنه من الضروري أن يُرَاعى شيخ الأزهر الخُطَب التي تُلقى فى المساجد . المصريون بطبيعتهم شعب مسالم وشعب خَيِّر وهؤلاء الناس الذين لا يعرف نصفهم القراءة ومن العوام عندما يدخلون المساجد ويستمعون إلى خُطب الكراهية يتحولون إلى إرهابيين ومجرمين ومهاجمين ، ويجعلون حياتنا فى مصر فى منتهى الصعوبة .

سؤال : كيف كان رد فعل وسائل الإعلام الألمانية على وضع المسيحيين فى مصر؟

جواب : عندما تَحَدَثَت وسائل الإعلام معنا قلنا الحقائق كما هي ، ولكن إذا كانت وسائل الإعلام متحيزة فسوف يكون هذا مثل نزاع بين حزبين ثم يكون مصيره النسيان . هناك العديد من وسائل الإعلام  كان رد فعلها مُشَرِّف وأرسلوا صحفيين إلى مصر ، وهؤلاء الناس قاموا بعمل تحقيقات صحفية ممتازة  وكادوا يدفعون حياتهم ثمناً لتحقيقاتهم الصحفية ونحن مدينون لهم بالشكر . بسبب وسائل الإعلام هذه أصبح من الممكن منع المزيد من الانتهاكات ضد الشعب . أحياناً لا تهتم وسائل الإعلام أو تقدم الأحداث غير واضحة وأحياناً كثيرة عندما نتعاون معهم بشكل مباشر وعندما يطلبون منا النصيحة أو تصورنا للموقف نُقَدِم الحقائق كما هي. ولكن الأيام الأخيرة أشعر أنهم يقدمون الأحداث بصورة غير واضحة تماماً ويُهَوِنُونَ منها وهذا يُزِيد من عمق جراحنا ويُزِيد من آلامنا .

سؤال : هل تحصل على رد فعل من الرأي العام فى ألمانيا؟

جواب : لقد اهتمت بنا وسائل الإعلام منذ يناير بصورة كبيرة جداً . لقد اشتهرت الكنيسة القبطية وحصلنا على تعاطف كبير من الشعب الألماني. كثير من الناس أعربوا عن اهتمامهم لدرجة أن أصبحوا أعضاء فى هذه الكنيسة . لدينا تعاطف كبير من سياسيين ومن كنائس ومن دوائر كنسية وأفراد وعلماء لاهوت ، فمنذ أول يناير أصبحت درجة شهرة الكنيسة القبطية فى تحسن كبير جداً وأصبح لدينا الشعور أننا جزء لا يتجزأ من المسيحية فى هذا البلد ولسنا جسما غريبا ؛ لأنه إذا تألم جزء من الجسد تألم الجسد كله ، وهذا بالضبط ما شَعُرنا به وتأكدنا من حقيقة أن المسيحيين بالرغم من أوجه الاختلافات الكثيرة بين مذاهبهم  ولكنهم يُكَوِنُون جسداً سليماً وإذا مَرِضَ عضو ,مَرِضَ كل الجسد .

سؤال : لماذا لا نسمع كثيرا فى وسائل الإعلام عن اضطهاد المسيحيين فى كل أنحاء العالم ؟

جواب : أحياناً يميل الإنسان إلى تجنب الأخبار غير السارة ، ويريد الابتعاد عنها ولكن كل شيء يثير المرح والشهوة والسعادة فهو شائق لنقله ، وأحياناً يضع الإنسان العلاقات الاقتصادية فى الحُسبان ، ولا يريد أن تتأثر العلاقات الاقتصادية  للبلد ، ولهذا يغمض عينيه فى كثير من الأحيان لأسباب شخصية أو حفاظا على المصالح الاقتصادية ولكن بصورة عامة لو قارنا التحقيقات الصحفية منذ عشرة سنوات أو خمس سنوات فسنجد تحسناً كبيراً .

سؤال : كم عدد المسيحيين فى مصر الذين تم  تعذيبهم وقتلهم؟

جواب : العدد للأسف يزداد كل ساعة منذ أول يناير عام 2011 حتى اليوم، بالتأكيد ما يزيد عن مائتين من القتلى  وعدة مئات من الجرحى المسيحيين وبعضهم جروحه خطيرة وعدد كبير من المعتقلين الأقباط فى السجون بدون أي سبب وبدون حكم من المحكمة .  أنهم معتقلون فى السجون والعدد يزداد كل ساعة . فقط منذ أمس حتى اليوم تم قتل أعداد كبيرة من الناس بواسطة أسلحة متطورة وضباط الشرطة وضباط الأمن وحتى من الجيش قاموا من على كوبري 6 أكتوبر فى ميدان التحرير بقتل المجتمعين والمتظاهرين فى ماسبيرو.

 سؤال : ما هي خلفيات كراهية المسيحيين ؟

جواب : هناك عناصر لثلاثة مجموعات الأولى  دينية الثانية سياسية والأخيرة عوامل اجتماعية واقتصادية . وهي ثلاثة أوجه تؤثر على المواقف الدينية ,لأن هناك صعوبات كبيرة فى تَقَبُل تعاليم الإسلام للمسيحيين ، فالمسلمون لديهم اعتقاد راسخ بِوجُوب إقامة الدولة الدينية ولديهم مشكلة مع المسيحيين .لقد كانت هناك خطة عام 1955 فى مؤتمر إسلامي كبير جاء فيه وجوب تطهير منطقة البحر المتوسط من المسيحيين وحتى أنهم حددوا مدة معينة لذلك . ونحن نعتقد بأن الخطة يتم تنفيذها بشكل منظم لطرد المسيحيين من منطقة البحر المتوسط لقد وضعوا لنا اختيارات وهى أن تعتنق الإسلام أو تُهاجر أو نقتلك وإلا فى أفضل وأحسن الأحوال نَسمح لك بالعيش معنا إذا دفعت الجزية ومقدار الجزية هو 75 فى المائة من دخل كل فرد ؛ وهذا لا بد من دَفْعه حتى يُسمح للمرء أن يعيش وسط المسلمين . وهذا وضع خطير جداً ، ولذلك ترى الناس فى مصر فاقدين الأمل وخائفين، ليس لديهم ملاذ فى وطنهم ، ويتم سرقتهم ويتم خطفهم ويتم اغتصابهم وكذلك متاجرهم تُدَمَر . كنا نتحدث فى الماضي عن التمييز واليوم أصبحت كلمة تمييز كلمة قديمة والمصطلح الصحيح هو الاضطهاد الشديد أو الإرهاب المنظم .إرهاب نفسي للناس وأيضا القتل . وهذه الممارسات وصلت إلى درجة كبيرة جداً ويجب  التدخل الفوري لحماية  الفئة الكبيرة للأقلية المسيحية فى مصر .

سؤال : ما هو المؤتمر الذي تَقَرَّرَ فيه القضاء على المسيحية ؟

جواب : لقد كان مؤتمر تَجَمَّعَ فيه كل مندوبي الجامعة العربية ، وفى هذا الوقت كان السادات هو السكرتير العام لهذا المؤتمر ، والسادات هو الذي أدخل على دستورنا الفقرة الخاصة بـ المادة الثانية للدستور ، وهى مصر دولة إسلامية ، ومعنى هذا أن الشريعة أو القرآن هما المصدر الرئيسي للتشريع ، وهذا معناه إذا كان المجرم مُسلِما والضحية مسيحيا فلا يُعَاقَب المجرم . وهذا يوضح لنا لماذا منذ عام 1972 حتى الآن بالرغم من سلسلة العنف المتصلة على الطائفة القبطية الكنائس والمتاجر والشقق الخاصة والأفراد ، فلم يحدث حتى اليوم عقاب لأي شخص على الإطلاق ، وهذا لأن القاضي لا يستطع أن يُخَالِف تعاليم القرآن أو الشريعة ، ومعنى هذا أنهم يستطيعون فعل كل ما يشاءون بنا ، وحتى هذه اللحظة فبالرغم من تفجيرات الإسكندرية وقتل 24 شخصا وبالرغم مما يفوق على 170 جريحا لم يتم القبض على شخص واحد حتى الآن ، ومنذ اللحظات الأولى وهم يحاولون طمس الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي ببيانات كاذبة . إنه خداع مستمر للرأي العام وفى سمالوط , فى أثناء رحلة قطار تم قتل ستة من المسيحيين على يد ضابط من أمن الدولة بمسدس ميرى وفى الحال جاء تصريح يقول أن القاتل مريض عقلي .  هذه الأغاني حفظناها هي والحجج ، وما يُسَمى بالكذب المشروع الدائم التي بها نخدع الرأي العام ويحاولون تجميل الصورة لطمس واقعنا المرير للأسف فى مصر .

رابط الفيديو

">