إنا نغرق .. لقد بلغ السيل الزبى

د. عيدة المطلق قناة

د. عيدة المطلق قناة

يتعرض مجتمعنا الأردني لموجة عاتية من ظواهر وسلوكيات شاذة ومشينة تهز أركان العقيدة وتنسف معها منظومات القيم والأخلاق والدين ... كما تعرج على استقرارنا وأمننا فتعصف به وتعرضه لهزات زلزالية ثقافية واجتماعية .. لقد كثر الخبث .. بظواهره المرضية وانتشرت العدوى في غير مكان وغير طبقة .. وانتقلت من السر إلى العلن .. ومن الأوكار والأقبية إلى الشوارع .. ومن الشقق السرية إلى القاعات العلنية .. ومن علب الليل إلى الجامعات ..

فمن بين أبنائنا وبناتنا من هم في ركاب "عبدة الشيطان" .. وما أدراك ما عبدة الشيطان ؟؟ وهاهم يعودون وبعلانية أوسع بعد انزوائهم وتقيتهم لسنوات ثلاث ..

هاهم يعودون بجرأة أكبر اكتسبوها عبر الممارسة والاستمرارية .. في ظل التساهل والتجاوز والتستر ..

هاهم يعودون لممارسة طقوسهم وتصرفاتهم الفاضحة من عري وسكر وجنس وشذوذ وكفر وتطاول على الذات الإلهية والأديان السماوية

و هناك من أبنائنا وبناتنا من هم في ركب ظاهرة الإيمو .. وما أدراك ما الإيمو .. فهؤلاء ظاهرة فرعية لعبدة الشيطان .. هم بالمئات لا العشرات وربما كانوا في طريقهم لكسر حاجز الألف ..  (ومن لا يعترف بهذه الظاهرة أحيله للتقرير الاستقصائي المميز الذي  أعده الكاتب "حازم الضمور:  " شباب الايمو يتكاثرون في الاردن "، مجلة روتانا عددها 196 لسنه 2009) .. فقد أكد تقرير الضمور أن ظاهرة الإيمو أخذة بالانتشار في الأردن وبشكل ملفت .. هذه الظاهرة التي تتلخص بـ" ضياع الهويه ... نكران الالم ...البحث عن الذات  عبر الانغماس في طقوس و شعائر من شانها اباحه كل ما هو محرم من شذوذ و غياب الهويه الدينيه واشباع الرغبات المطلق بدون قيد او شرط او فضول النفس للغوص في المجهول فهل ينجو الشخص ام ينجرف مع التيار الى الهلاك" .. وأكتفي باقتباس وصف أحد الإيمو الأردنيين " الايمو نمط حياه جميل جدا وممتع لماذا نحرم انفسنا .. ديانتي ببساطه لا اعلم ولا اهتم .. اشعر بوجود الشيطان .. و لا اشعر ان هناك شي اسمه الله... نستاجر شقق مفروشه اما بشكل يومي او اسبوعي ..كي نجتمع لممارسه طقوسنا" ( العياذ بالله)

نعم مجتمعنا يغوص في الظواهر الخطيرة.. إذ تكاثرت وباتت أكثر من أن تتسع لها مقالة..  فكل واحدة منها جديرة بمقالات ودراسات ، ولكن ربما الإشارة إلى بعض ملامحها تكفي لتستثير فينا ليس القلق فحسب .. بل الرعب والاشمئزاز والنقمة .. فضلاً عما يمكن أن تحركه من سورات الغضب والاحتجاج..  كما أن مجرد الإشارة إلى وجودها كحقيقة مؤذية يكفي لزعزعة كل نفس مطمئنة لدى جموع الآباء والأمهات .. وجموع المسؤوليين وصناع القرار .. وجموع المربين والوعاظ.. بل كل من لا زال فيه بارقة من نور الله ..

ففي ديسمبر/ 2010 وحده كشف عن عشرات الوقائع منها على سبيل المثال لا الحصر:

·    في هذا الشهر صدر التقرير السادس لحالة حقوق الإنسان في الأردن لعام 2009 .. الذي كشف عن تنامي ظاهرة المخدرات (بنسبة 26.4%) وعن وجود ( 400 ( "امرأة" مدمنة على المخدرات..

·    كما صدر تقرير المركز الوطني لتأهيل وعلاج المدمنين على المخدرات والمؤثرات العقلية (يدار هذا المركز من قبل مديرية مكافحة المخدرات ووزارة الصحة ) والذي  كشف في إحصائياته لعام  2009  عن أن من بين مئات المدمنين على ( الكحول والحبوب ومادة الهيروين والمواد الطيارة ) والذين راجعوا المركز كان هناك 136 شابا جامعيا.

·      وفي ذات الشهر تم افتتاح معهد للتبشير بالبوذيه برعاية حكومية رسمية ..

·    وفي ديسمبر أيضاً تصدرت الأخبار أنباء حفل أقيم في قلب عمان – بل في شارع مكة وعند تقاطع الحرمين - أقامته مجموعة من الشواذ تعدادها ستون شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين (15- 30) من بينهم خمس فتيات..  مارسوا في حفلهم كل ما ينافي الحياء .. وتناولوا فيه المخدرات والكحول .. والأدهى أنهم استعانوا بشركة امن وحماية خاصة لتأمين اقامة حفلهم .. وتطاولوا على الأمن وسخروا منهم وهددوهم ومع ذلك تم التعاطي معهم برفق وحنان بالغ..

·    وفي ديسمبر أيضاً اتخذت حكومتنا الرشيدة قراراً لحل أزمة بطالة الأردنيات بالسماح لهن بالعمل في " النوادي والملاهي الليلية"  .. ( مضيفة بذلك مهنة "المرفهة " والرقيق الأبيض" إلى دليل المهن" المتاحة للشابات الأردنيات) .

فأين نحن وما ذا نحن فاعلون أمام انتشار هذه الآفات بين الشباب.. نحن أمام مستقبل حافل بالسكاري والحشاشين .. أمام غزو شرس للعلاقات المحرمة بين الشباب والشابات .. أمام تداول سلس وواسع للصور الخليعة وأفلام الجنس والإباحية والفجور .. نحن في مواجهة قطاع من أبنائنا لم يعد ليخجل بالمجاهرة بشذوذه ومتطلباته.. أمام وقاحة غير مسبوقة في الاعتزاز بالإثم والإعلان عنه ..وممارسته جهاراً نهاراً !!

 من يصدق أن في شهر واحد فقط تم الكشف "في الأردن " عن عشرات الظواهر الموجعة التي تهد أركان أعتى الدول والمجتمعات ؟؟ 

لن أتفلسف كثيراً في  تفسير هذه الظاهرة .. فقد تناولها كبار المثقفين والمفكرين ومنهم ( المرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيري ).. لقد أجمع العديد من الدارسين والباحثين على أنها بعض من مفرزات معاهدات واتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني   وما اشترطته من تطبيع وانفتاح وتبادل .. !!

يربطها بعض الباحثين  بالعولمة ويعتبرونها أحد مخرجاتها إلى أنني أميل إلى تبرئة العولمة من دم أخلاقنا وقيمنا .. فالعولمة تمر على العالمين جميعا.. فما بالها تفتك بنا في حين أن ذات العولمة وذات أدواتها استطاعت أن تنتقل بغيرنا إلى ذرى سامقات في التقدم والنهضة والإنجاز.. ؟؟

أم أننا في رحلة بحثنا عن مشجب لفشلنا واستقالتنا من دورنا لم نجد أقصر من مشجب العولمة؟؟

فهل وصلت هشاشتنا الحضارية إلى حد الوقوع والاقتلاع أمام أخف الهبات ؟

أبناؤنا في خطر لا بد لنا أن نتحرك على جميع الجبهات .. وعلى مختلف الصعد؟؟ ولنقتلع أشواكنا بأيدينا .. لم يعد لدينا متسعاً للصبر والانتظار.. لقد بلغ السيل الزبى !!