الدراما السورية مسبحة بدأت تنفرط

الدراما السورية مسبحة بدأت تنفرط

«والله يحمينا»

صالح التركاوي

من لا خير له في بلده لا خير له في غيرها

الأعمال التركية جعلت الناس تتحدث عن تركيا أكثر من سورية

• «أولاد القيمرية» عمل مهم لم يأخذ حقه

• 500 متابع لا يعرفون أسماء مهند ونور ولميس الحقيقية

• «عم نحفر قبرنا بايدنا» في ظل الأزمة المالية

يعتبر الفنان زهير عبد الكريم من صانعي الدراما السورية التي أثراها بأعماله التي تنوعت بين التراجيديا والكوميديا،  كما له أعمال مسرحية أثبتت موهبته الفنية المتميزة، ولأنه من الفنانين المحبوبين فان حضوره الممتع كان متواجداً أثناء حوارنا معه حيث فتح لنا قلبه وتحدث لنا عن أمور كثيرة.

لماذا أنت مقل في أعمالك الفنية.؟

- يقول المثل (لا تكثر على أمك وأبوك يكرهوك)، أي أن تبقى على الشاشة 360 يوم أو 24 ساعة، هذا الكلام غير جائز، وأنا ابتعدت لمدة سنتين حتى أقيم المرحلة التي قدمتها من كل الجوانب، وماذا فعلت المهم أو غير المهم، والأدوار التي قمت بها والتي يجب أن أقوم بها. وربما يعود سبب قلة الأعمال في الآونة الأخيرة أيضاً الى الشركات لأن الطلب اختلف قليلاً عن السابق، إنما هذا الإقلال صحي ولست ضده أبداً.

هل هذا يعود إلى الشللية التي تفشت في الوسط الفني وشركات الإنتاج.؟

- هذا الكلام حصل بعد عام 2005 وليس من قبل، وأنا منذ عام 2005 وحتى عام 2007 لم أقدم سوى عمل واحد، وأظن أن الشللية هي السبب والكلام الذي تقوله صحيح مليون بالمئة، وكانوا يبررون عني بأنني مسافر خارج البلد أو أنه لا يريد هذا الدور، مع أني موجود ولم يفاتحني أحد بأي دور، وأعتقد أن للشللية والأصدقاء دورا مهما، وحتى بعض الأصدقاء لا يسألون عنك مطلقاً هذه الأيام.

ما هو تأثير هذا الكلام على الأعمال السورية؟

- يؤثر كثيراً فمثلاً أنا زهير لي أدواري الدرامية المعروفة، وعندما يكون الدور لي وأستطيع أن أقدمه بامتياز ويأخذونه ليعطوه لشخص ثان ليس لديه المقدرة الفنية تكون المصيبة هنا!.

هذا يعني أن الممثل سيكون مأسوراً بنمط تمثيلي معين. وما هو معيار اختيار الدور لهذا الممثل أو ذاك؟

- أنا من أكثر الفنانين تنوعاً في أدواره عندما تخرجت من المسرح أخرجت مسرحية الزير سالم ولعبت دور الزير على المسرح وفي التلفزيون. ولعبت الأدوار الكوميدية والتاريخية والوطنية والرومانسية وأدوارا أخرى كثيرة متنوعة، ولم أكن مقيداً بنمط تمثيلي معين أو دور أو شخصية.

وبقدر ما نجح دور شخصية نوري المبيض في مسلسل (الدوغري) وأحبني الناس فيه كانت شركات الإنتاج تطرح علي فكرة مواصلته من خلال عدة أعمال أخرى بنفس الروح لكنني رفضت مع انتهاء المسلسل، ولم أربط نفسي بشيء نمطي، بل غيرت إلى شخصيات أخرى، وقد فعلوا ذلك مع المرحوم ناجي جبر عندما ألزموه بشخصية أبو عنتر طوال حياته الفنية.

قرأت مرة في أحد حواراتك إنك تعاني من إنخفاض الأجور؟

- لا أبداً، أنا أجري ليس قليلاً وهو جيد، وأعرف حدودي وما سمعته أو تقرأه غير صحيح حول من يأخذ عشرة ملايين أو أكثر وهو أمر مبالغ فيه أحياناً.

وبالنسبة لي الشركات تعطيني حقي وأجري معروف منذ أدواري الأولى، وأنا من الأوائل في سورية كنت آخذ أجراً مثل أي ممثل من الصف الأول.

كيف ترى الدراما السورية الآن؟

- لأ نحن ليس لدينا إبداع لدينا تقليد. واذا نجح عمل فانهم يقلدونه بعشرة أعمال أخرى، مثلما كما يحدث في اي حارة، يفتح محل شاورما نجد بعد أيام ثلاثين محلا بجانبه، وهذا الشيء ينطبق على الدراما السورية. ونحن كفنانين نحرص على الفن الراقي وضرورة أن يكون لدينا إبداع من خلال هذه المهنة التي انتعشت ومهد لبروزها فنانون تعبوا كثيراً وبذلوا الغالي والرخيص حتى تتألق، ومن جاء إليها الآن يجد الطريق سهلاً وممهداً. وعلينا جميعاً أن نحافظ عليها دون تقليد أو منافسة ليست شريفة.

هل لديك تقييم لما يعرض وأين ترى المشكلة الفنية؟

- من الواضح أن المتفرج في الوطن العربي بات يركض وراء السمعة والوجه الحسن والأفكار الاستهلاكية فقط، ولا يوجد من يقول هذا العمل يحمل فكرة كذا أو يعالج مشكلة كذا، فقط يتحدثون عن لباس الفنانة وتصرفات الفنان.إلخ كما يحدث الآن من خلال المسلسلات التركية وقبلها المكسيكية التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم دون أن تحمل أي معنى.

وفي السابق كانوا يوقفون العمل بعد عدة حلقات لأن العمل غير مجد ولا يحمل فكرة أو فيه إساءة ما، أما الآن فيبدو ان الناس تحب القشور فقط.

ولدي آراء في هذا الخصوص حيث أن بعض الأعمال التي تعرض ليس فيها أفكار هامة أو جيدة وأحياناً لدينا 53 عملاًَ في السنة منهما خمسة أعمال جيدة والباقي سيئة جداً.

هل يمكن أن تؤثر الأعمال التركية في أعمالنا الدرامية؟

- للأسف أصبحنا مثل القطيع. وحاول أن تسأل 500 متابع عن الاسم الحقيقي لمهند أو لميس أو نوره ولن تجد أحدا يعرف. هذه الأعمال التي دخلت إلينا والعالم يمر بأزمة مالية وخوف من المستقبل مما ساعد على انتشارها بنسبة 99 في المئة، لأن الدبلجة أسهل من الإنتاج، كما ساهمت اللهجة السورية بانتشارها اكثر يعني (أحنا عم نحفر قبرنا بأيدينا) وهذه الأعمال اعتبرها سيئة، وقد فاتحت نقيب الفنانين بهذا الموضوع واقترحت فكرة أن يتم أخذ مبالغ كبيرة على هذه الأعمال، والأصح أن لا يتم دبلجتها في سورية لأنها لاتمد قيمنا أو تاريخنا بشيء، وأنت كممثل سوري تحمل دعاية لمسلسلات تركيا، وهذا الكلام لا يلقي العلاقة التركية ولكن البلد أولى، (ومن لا يوجد فيه خير لبلده ليس فيه خير لغيره) وهذا الهوس الذي عمله الممثل السوري للأعمال التركية جعل الناس تتحدث عن تركيا أكثر مما تتحدث عن سورية و350 ممثلا سوريا يعملون دعاية لتركيا دون أن يدركوا حتى أن تهافت العالم لزيارة أماكن التصوير هناك كان واضحاً.

وبلدنا أولى بمثل هذه الدعاية ففيها الكثير مما يستحق.

والأمر لا يقتصر على الدراما التركية فمن الممثلين من ذهب إلى مصر أيضاً، وأقول بصراحة المسبحة الدرامية السورية كانت مربوطة والأعمال التركية والتوجه إلى مصر فرطتها.

هل أنت ضد أن يعمل الممثل في مصر؟

- ما دام الممثل مشهورا في بلده والجميع يعرفه وأعماله ناجحة لماذا هذا التوجه ولمصلحة من؟ هل الموضوع مادي إلى هذا الحد ومن يأخذ مليونين على الدور في سورية يأخذ ثمانية ملايين هناك وباعتقادي المسألة ليست مادية بحتة ولديك في بلدك مليون موضوع عليك أن تخاطب فيه كفنان، ونحن عملنا من أجل تحقيق هدف ورسالة، كي تقدم الفن النبيل وأشياء تهم الشعب، وهناك من يبحث عن المال ومزيد من السيارات والمنازل وهذا ليس رصيد الفنان أو هدفه، فالفن رسالة نبيلة وهادفة وكما قلت لك. مسبحة وبدأت تنفرط والله يحمينا وأنا أتوقع الأسوأ للدراما السورية في المستقبل.

قبل أن نختم ما هي آخر أعمالك؟

- قمت بعمل في اللاذقية اسمه (على موج البحر) تأليف إلياس الحاج وإخراج أسعد عيد، وعندي عمل آخر مع رفيق سبيعي سيتم الإفصاح عنه قريباً.

لديك غصة وكلمة تريد أن تقولها ما هي؟

- قدمت في السنة الماضية دوراً مهماً في مسلسل (أولاد القيمرية) وكان العرض حصريا على إحدى القنوات الفضائية وكان بودي أن يشاهده الجميع ففيه عمل مهم قدمته بشهادة الجميع والقصة أنه عندنا لا توجد قنوات تواصل بين الممثلين أنفسهم ولا يكاد الممثل يتصل بصديقه يقول لك (دورك جيد شكراً لك)، وهذه واحدة من هموم المهنة التي أتمنى أن تزول وتعم المحبة والتعاون ويعمل الجميع بأخلاق المهنة الرفيعة وقيامك ولو بدور صغير لا يستطيع غيرك أن يعمله، ليس تقليلاً من شأن الممثل وهذا هو الفن. الفقر ليس عيباً وما دمت تأكل وتشرب وأولادك لا ينقصهم شيئاً عليك أن تقول الحمد لله.