مع الدكتور الشاعر عبد الجبار دية

مع الدكتور الشاعر عبد الجبار دية

من (صهيل وأغاريد ) إلى ( الحق المقاوم ) مسيرة واعدة ...

صالح البوريني

أحب الشعر وتعلق به حفظا وإنشادا حتى أنهى دراسته الثانوية ، ثم انقطع لدراسة الطب حتى حصل على شهادة الاختصاص في الباطنية والصدرية وأصبح مستشارا في تخصصه ، ثم عاوده الحنين إلى هوايته الأولى فاتصل بالشعر قراءة واطلاعا إلى أن وجد نفسه يستجيب لخطرات الفكر وانفعالات الوجدان بالتعبير الشعري الموزون ،  وانطلق مع الشعر بالاستجابة العفوية وباقتحام المناسبة الجهادية ، فجاءت كثير من قصائده تسجيلا توثيقيا للجهـاد والاستشهاد ، ومعالجة للهم الجهادي عموما ولا سيما في أرض الإسراء والمعراج . أصدر ديوانه الأول ( صهيل وأغاريد ) عام 2000 وجمع فيه بين صوت المقاومة الجهادية وصوت الحنين والأشجان ، ومع انشغاله بالتحضير لإخراج ديوانه الثاني ( الحق المقاوم ) كانت ( اللواء ) على موعد مع الشاعر الدكتور عبد الجبار دية عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو جمعية الأطباء الأدباء وكان هذا اللقاء :

 

* للأدب الإسلامي دور أصيل في نهضة الأمة ؛ كيف ترون تعامل الأديب الإسلامي اليوم مع هذه الحقيقة ؟

   بدهي أن يكون للأدب الإسلامي دور في نهضة الأمة المسلمة ، وذلك بترشيد قيادتها ، وإيقاظ همم العاملين المخلصين فيها ، وخدمة دينها وعقيدتها .  فالإسـلام دين الأدب والعلم والحكمة ،  والأدب غايته رضى الله سبحانه وتعالى ورسالته الإسلام بمفهومه الشامل الكامل .  لكن وللأسف أقول إن دور الأدب عموما والأديب الإسلامي بخاصة مهمش ، وفي أحيان كثيرة مطارد لأوضاع سياسية قاهرة نعيشها في هذه المنطقة من العالم .  وهذه الأوضاع البائسة أوهنت الأديب المسلم باستـثـناء قلة من الشعراء  وقعدت به عن أن يؤدي دوره في نهضة الأمة وعزتها ورفعة شأنها.

 *الاتصـال بالآداب الأخرى وخاصة الغربية  في هذا العصر أصبح أمـرا واقعا ؛ في تـقديركم كيف يمكننا أن نفـيد من ذلـــك مع احتفاظنا بهويتنا الثقافية وشخصيتنا الأدبية ؟

 

    الاتصال بآداب الأمم الأخرى لمن تمكن في ثقافة الأمة الأصيلة والتزم عقيدتها أمر جيد يوسع الإدراكات ويثري الخيالات والقدرات الإبداعية وإن كنت لا أراه حتما لازما ،  ذلك أن الاقتصار على هذه الآداب كما يفعل البعض قبل التمكن والالتزام قد يضعف الذائقة ويحرف الفكرة ويصرفها عن نبعها الصافي الأصيل .

*كل مسيرة بناء تواجه عقبات ؛ حسب رؤيتكم  مـا هي العقبات التي تقف في وجه مسيرة الأدب الإسلامي ؟ 

    لاشك أن الأدب الإسلامي يتـقدم بخطى ثابتة في العقود الأخيرة بجهد المخلصين والمخلصات من أبناء الدعوة وعشاق الأدب الملتزم ، رغم العقبات الكثيرة والمضايقات الجمة من طابور المنافقين والحداثيـين والنفعيـين ، إضافة لنهج السياسات التغريبية الخاطئة على المستوى الرسمي والإعلامي ،  بيد أن ألله غالب على أمره وعسى أن يبارك الله في هذا الزخم التراكمي حتى يصبح الأدب الإسلامي هو السائد والمقبول في واقع الحال .

 

*قالوا قديما : الشعر ديوان العرب ، في رأيكم هل بقيت للشعر دولته أم تزحزح عن موقعه خاصة مع مزاحمة فنون الأدب الأخرى في هذا العصر ؟

    العرب أمة شاعرة ولغتها العربية لغة شاعرة فإذا اجتمعت الروح الطروب والشعر الجميل الملتزم بوزنه وموسيقاه وألفاظه الجميلة ومعانيه النبيلة كان له دور عظيم في مسيرة الأمة نحو التحرر والسمو والانطلاق واللافت أن منحنى الشعر ينسجم ونهضة الأمة ،  فإذا نهضت نهض الشعر وتقدم وإذا انحطت انحطت معها فنون الشعر والأدب ...ذلك أن الشعر مؤشر نهضة الأمة ورفعتها وهو كذلك مؤشر ضعفها وانحطاطها ، وسيبقى الشعر يحتـفظ بهذه المنزلة عند العرب طال الزمن أم قصر .

 

*الجهد الإبداعي عندكم ينصبّ على الشعر ؛ ما رأيكم في تعدد أجناس العمل الأدبي لدى المبدع ؟

    تعدد أجناس العمل الأدبي لدى المبدع إن كان يتـقنه أمر جيد ودليل قدرة إبداعية واسعة وإلا اقتصر على نوع واحد يتعاهده بالممارسة والتـنقيح حتى يمتلك ناصيته ويسلس له قياده ، وبالنسبة لي فقد أحببت الشعر في صباي رواية وحفظا حتى بلغت الأربعين وكتبت القريض ولم أحاول قط الكتابة في نوع آخر من الأدب عدا التأليف وبعض المقالات.

 

*الصبغة التراثية تكسو وجه القصيدة العمودية في شعركم  ، فهل هو أسلوب تتعمده ؟ أم هو طبع يرجع إلى التلمذة على المدرسة التراثية ؟

    لا أنكر أنني أحرص على الشكل العمودي وبحور الشعر الخليلي ذوقا ورغبة نفس أولا وتأثرا بما طالعته في دواوين فحول الشعراء الأوائل وبخاصة في العصر العباسي وكان عصر ازدهار في العلم والأدب ومظاهر التمدين الأخرى .

 

*هل ثمة جفوة بينك وبين قصيدة التفعيلة ؟

    ليست مسألة جفوة بقدر ما هي مسألة مران وممارسة ،  نعم لي قصائد قليلة على شعر التـفعيلة ، إلا أني أفضل إلا أخرج عن المألوف المعهود والسالف العتيد .

 

*هل تحرك الشاعـر عبد الجبار دية إلى موقع جديد في ديوانه المخطوط ( الحق المقاوم  ) وأين هو بالنسبة لديوانه الأول ( صهيل وأغاريد ) ؟

    ديواني صهيل وأغاريد صدر منذ أربعة أعوام والديوان الثاني الحق المقاوم قيد الطبع .. وأظنني وهذا حكم شخصي اعتمادا على ذائقتي أنني في المرحلة الأخيرة بفضل المثابرة على مطالعة الدواوين واستحكام التجربة والمعاناة الشعورية قد انتقلت لمستوى أفضل وفضاء أرحب .. وشعري بكشل عام يغلب عليه ( الطابع التأملي ) ولا أقول الفلسفي فكأنه يطبخ على نار هادئة يغذيها العقل والفؤاد أو اللب والشعور .

 

*يعمل الشاعر عبد الجبار دية في مهنة الطب ، فهل تركت هذه المهنة ظلالا خاصة على شعرك سواء في الشكل أو المضمون ؟

    نعم أعمل في مهنة الطب وأنا سعيد بذلك وهي رسالة إنسانيــة وربما تكـون من أشرف الصنائـع بعد علوم الشريعة ، كما ورد في الأثر ( العلم علمان : علم الأديان وعلم الأبدان ) وأحاول جاهدا أن أتقن عملي وأن أبلغ به درجة الإحسان ، ولا شك أن ممارسة هذه المهنة تستلزم قدرا كبيرا من الحس والشعور تحفز إلى قرض الشعر وصوغ القصيد ، والشعر بالنسبة لي ملاذي في فرحي وأساي وأفرغ من خلاله انفعالاتي فتسكن نفسي . ولا أرى من الضروري إقحام مفردات طبية في الشعر تفاديا للتكلف وازدراء له ( وما أنا من المتكلفين ) .

*هل لديكم مؤلفات أخرى وفي أية موضوعات تكتب ؟ 

 

   لدي بضعة مؤلفات مطبوعة أحدها يتعرض لآداب ممارسة المهنة الطبية ( الطبابة أخلاقيات وسلوك ) ، وآخر يتعرض للأطباء المسلمين الأوائل في مجالـي الحكمـة ( أطباء وحكماء ) والشعر ( أطباء أدباء ) .. ومجموعة مصنفات رهن الأعداد والله المستعان وعليه التكلان .