"عاصفة الحزم" هل تكون بداية التغيير في المنطقة

"عاصفة الحزم"

هل تكون بداية التغيير في المنطقة

م. عبد الله زيزان

باحث في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected]

العاصفة تحد من التمدد

عمليات عسكرية مفاجئة نفذها تحالف من دول خليجية وعربية وإسلامية ضد مواقع الحوثيين صباح اليوم الخميس 26 آذار تعلن عن بداية مرحلة جديدة في المنطقة، وتشير إلى تغيير محتمل في موازين القوى قد تحد من تمدد النفوذ الإيراني الذي أخذ بالتسارع في الآونة الأخيرة على حساب القوى العربية في مناطق الشرق الأوسط، حتى وصل الغرور بالإيرانيين للتلميح بالتمدد في بعض البلاد المستقرة، والإشارة إلى أن ظروف بعض الدول تسمح لهم بالتدخل فيها متى شاءوا...

لا يُخفي نشطاء الربيع العربي تذمرهم من الغطاء الدولي غير المفهوم لتدخل إيران في دولهم، فبات المقاتلون الإيرانيون يسرحون ويمرحون في الأراضي السورية والعراقية، فيما يعطي الخبراء الإيرانيون أوامرهم في اليمن، وكأنها جزء من دولتهم المزعومة، وكل ذلك يتم وسط شعارات طائفية حاقدة، لم تشهدها البلاد منذ قرون مضت، وقد رافق ذلك التذمر عتب واضح للدول المؤثرة في المنطقة التي كانت تتابع الأحداث دون أن تحدث تغييراً حاسماً في المشهد...

وحين الحديث عن نشطاء الربيع العربي، فإن السوريين هم على رأسهم، فرغم ما تعانيه سورية من قتل وتدمير وتهجير إلا أنّهم يتابعون ما يجري في المنطقة عموماً وفي اليمن خصوصاً بألم وحرقة، حيث يسير أتباع طهران على نهج حافظ الأسد في السيطرة على البلاد، حيث الأقلية الحوثية التي تماثلها الأقلية العلوية تسيطر على مفاصل الحكم في البلاد، مما كان سيوقع اليمن في شرك التبعية لإيران، والعيش في ويلاتها ربما لعقود قادمة..

إنّ التمدد الإيراني في المنطقة وبالوتيرة المتسارعة التي شهدناها مؤخراً ما كان ليستمر لولا الشعور الإيراني بأنْ لا حسيب ولا رقيب لأفعالهم، فالدول العربية مشغولة بمشاكلها، والدول الغربية لا تجد حرجاً من ذلك التمدد طالما تحافظ إيران على مصالحهم هناك، دون التدقيق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في كل بقعة وصلت لها اليد الإيرانية، فالضحايا على يد الحوثيين الذين قضوا تحت التعذيب لم يحركوا الضمير العالمي، في الوقت الذي توحد فيه العالم ضد تنظيم البغدادي لنشره فيديوهات يشك في مصداقيتها، فكانت أفعال البغدادي ذريعة للعالم لحرف مسار الثورة السورية، وتحويل الأنظار من إجرام إيران وصبيتهم في دمشق إلى إجرام البغدادي والجهلة من حوله...

قطع ذنب إيران في صنعاء لا يتم إلا بقلع رأسها في دمشق

ليس خافياً على أي متابع شماتة السوريين بأذناب إيران في اليمن، وهم يتلقون الضربات هناك، وهروب قادتهم من صنعاء ومن عدة معسكرات خارجها، فبات أسود الأمس فئران اليوم، إلا أنّ السؤال الذي يدور في أذهان كل السوريين، ماذا عن الحوثيين في سورية؟

لقد تجمّع في سورية مرتزقة جاءوا من كل أصقاع الأرض، من أفغانستان والعراق وإيران وحوثيو اليمن، وقد عاثوا في سورية فساداً وقتلاً وتعذيباً وتدميراً، فضحاياهم بمئات الألوف، والمهجّرون بالملايين، فمتى يهب العرب لنجدتهم، لكسر الهلال الفارسي الذي سيخنق المنطقة فيما لو تمكن الإيرانيون من سورية، وأخضعوها لإمبراطوريتهم!!

ففي الوقت الذي ينظر فيه السوريون بتفاؤل للموقف الجريء والواعي للمملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وفي الوقت الذي يدعم فيه السوريون بل ويباركون ما أقدمت عليه المملكة من خطوات عملية حاسمة وبالتعاون والتنسيق مع دول الخليج عموماً وقطر خصوصاً بالإضافة للدور التركي الباكستاني الذي أوقف التمدد الحوثي الواصل لمدينة عدن حيث باتت المعارك هناك من شارع إلى شارع، حتى كادوا يلتهموا المدينة خلال الساعات القادمة، فإن السوريين ينتظرون مواقف جريئة مماثلة تدعم الثوار على الأرض بصورة حاسمة تقلب الموازين ولا تعادلها، تنهي المأساة ولا تطيلها...

والسوريون حين يطالبون الدول العربية بدعم الثورة السورية يدركون تمام الإدراك الفيتو الأمريكي أمام أي مساعدة فعالّة للثوار، بل وينظرون بريبة شديدة للدعم الأمريكي للعمليات في اليمن، خشية أن تعوض أمريكا خسارة الإيرانيين في اليمن بمزيد من التسهيلات لهم في سورية، فثقة السوريين بأمريكا في الحضيض، فقد لعب الغرب بدماء الشعب طيلة أربع سنوات ماضية لتفتتح السنة الجديدة بتصريحات أمريكية مريبة تتحدث عن التفاوض مع بشار وعصابته في دمشق...

ورغم كل المواقف المعادية للشعب السوري من قبل الإدارة الأمريكية فإن الشعب لم يفقد الأمل من أشقائه العرب، فالخطر الذي تواجهه سورية، سيمتد لا قدر الله لكل المنطقة العربية، والثوار السوريون ليسوا أكثر من خط دفاعي أول لكل تلك المنطقة، والتوجهات السعودية الأخيرة تبشر بتغيير حقيقي يأمل السوريون أن يكون لصالح ثورتهم وقضيتهم، فرغم أهمية قطع الذنب الإيراني في صنعاء فإن العمل لا يكتمل إلا بقلع رأس الأفعى في دمشق، ولعل ما تقوم به إيران يعود عليها وبالاً، فالتمدد سيتبعه التبدد، وما كان يعول عليه الإيرانيون من تشرذم الموقف العربي والإسلامي بات الآن وهماً متبدداً بوقوف باكستان وتركيا وقطر صفاً واحداً في مواجهتها، وسط تسريبات تفيد بأنّ العملية لم تكن وليدة اللحظة وأنّ تنفيذها بدأ منذ أسابيع وسط تكتم إعلامي ناجح...