بوح الرئيس أردوغان ... أو أنين الناي ...

حسب رويترز ..

فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أطلق بالأمس تصريحات صادقة بشأن ما يجري على الأرض السورية ، ربما يكون ما أطلقه الرئيس أردوغان بالأمس أشبه بأنين الناي أو نفثات المكلوم ..فقد نسبت وكالة رويترز إلى الرئيس التركي قوله أمس الثلاثاء 3/9 ..:

- إن منطقة خفض التصعيد في الشمال السوري تتآكل بفعل هجوم قوات الأسد.

- إن المنطقة الآمنة - التي ما يزال الرئيس يتفاوض عليها مع الأمريكيين والروس - ما تزال حبرا على ورق .

- إن " إدلب " تختفي وتحترق وتتمزق كما اختفت وتمزقت واحترقت " حلب " من قبل ..

ويعلق الرئيس التركي على كل ذلك بقوله " ولا يمكننا الصمت على كل ذلك " ..

ثمة شيء من البوح الحزين في مثل هذه التصريحات . بوح حزين واضح تتلقفه آذان الحزانى وقلوبهم . فتدمع أعينهم ، وتقشعر جلودهم ..

بالنسبة إلينا لم نشك ولم نتشكك يوما في إخلاص الرئيس التركي ولا الدولة ولا عموم الشعب التركي للقضية السورية ، ولا في حبهم لنصرة إخوانهم وجيرانهم وشركاء أمسهم وغدهم من السوريين . حقيقة ما زلنا نواجه بها كل الذين يحاولون اليوم أن يتشككوا أو يشككوا . ..

وإيماننا بهذه الحقيقة في فضائها العام ، لا يقتضي منا كأصحاب جرح ومعاناة أن نؤمّن بالتالي على كلِ ... وأن نسلم بكل ... وبعض الذين يحبون أو يوالون ، لا يميزون بين التأييد المبصر والحب الأعمى . وآخرون يزعمون أنهم ساسة ولا يدركون أن لكل سياسي أولوياته . وأن التقاطعات هي أساس التحالفات . وأن التطابق ليس شرطا للتحالف . هي حقائق نؤكدها و ينكرها علينا البعض مكايدة ومعاندة .

وأمام البوح الصادق للرئيس أردوغان بالأمس يجب أن تصل الرسالة إلى كل السوريين أن لهم في هذه المعركة دورا وأي دور ..؟! .. وأنهم لا ينبغي أن يكون كالقصّر ينتظرون معيلهم أن يعود إليهم بكل شيء . المعيل أو الوالد أو الرئيس هو الآخر يعاني . ويعافث ، ويدافع ، ويناضل ، ومكر روسيا بين يديه وأمريكا عن يمينه ، وإيران وراء ظهره .. وأنا وأنت بدلا من أن نظل مترصدين مترقبين يجب أن نتقدم لندفع .. وكل واحد فينا من موقعه وحسب طاقته .

ولأن بوح الرئيس بالأمس كان مثل بوح الناي تسمعه الأذن فتدمع له العين فيجب أن نكمل المشهد ... لوا يحسن بالسوريين أن يستمروا على مذهب من ينتظر .. ولكن العمل يحتاج إلى التنسيق ، والتنسيق يحتاج إلى التشاور وكل حلقة تأخذ بعنق صاحبتها حتى نربط هذا الفضاء المتآكل بسلسال ...

لا نريد أن نفتح على صباح نجد فيه المحرر قد تآكل .. وإدلب أخواتها قد تدمرت واحترقت واختفت وأن المنطقة الآمنة ما تزال حبرا لم يكتب ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 840