محاضرة قيمة للشيخ المفسر مجد مكي، صاحب المعين في التفسير ، بعنوان "تكوين ملكة المفسر"

ومجالس العلم والذكر من المجالس التي تحفها الملائكة ، ولعلي وقد جلست ساعة بين يدي أخي مجد استمع إلى ما ينثر من درر العلم التي تلتقط ، شعرت انني بحاجة إلى أكثر من سمط انظم فيه ما التقطت . ولعلي اعترف انني بعُد عهدي بمجالس العلماء الذين تلتقط الدرر في مجالسهم حتى كانت الليلة .

وموضوع المحاضرة موضوع شديد الأهمية ، بالغ الحساسية أيضا ، ولاسيما بعد أن سطا على كتاب الله أقوام ممن لا خلاق لهم فقالوا ، وتزيدوا ..فكان منهم فلان فلان وفلان ممن نعرف . ومع سروري بكل ما أورده أخي الحبيب من علم نافع جم ، أقول ابتداء كما قال والتفسير علم قبل أن يكون ملكة .

والتفسير علم قوامه معرفة كلام العرب بلغاتهم وعوائدهم ، وطرائقهم وحفظ أشعارهم وإدراك الحقيقة والمجاز من أقوالهم ، ثم إدراك المأثور منه ، والمحفوظ وما قاله السابقون من المفسرين على اختلاف طرائقهم ومناهجهم .

والجميل الجميل الذي قدمه لنا الأخ العالم المتقن مجد مكي جزاه الله كل خير تعريفه للتفسير بقوله " التفسير محاولة فهم كلام الله عز وجل قدر الطاقة البشرية . وتحت قوله " محاولة "وقوله " قدر الطاقة البشرية " أسرار كثيرة يطول الوقت في شرح أبعادها ، ولذا اعتاد المفسرون ان يختموا تفسيرهم بقولهم ، والله اعلم .

ويعقد الأخ الحبيب مقارنة منتجة بين التفسير وبين والتفكر والتذكر ، فيؤكد ان التدبر والتفكر أوسع دلالة من التفسير ، وكلامه في هذا يستحق الإشادة والتقدير ، ففي الحقيقة ان التدبر والتفكر والتذكر يكون ثمرة مباشرة للفهم والإدراك الذي هو المعنى الحقيقي للتفسير .

في تعريف أخينا الحبيب للملكة يقول إنها صفة راسخة في النفس تحصل بالتكرار والممارسة . حقيقة أخرى جميلة وجديرة بالتأمل ، ولو أضفنا إلى تعريف الملكة بأنها وهبية . يصقلها العلم والمران .

من أجمل ما سمعت في محاضرة الشيخ العالم المتمكن مجد حفظه الله

حديثه عن التفسير والتجديد ، وجوابه لمن يظلون يرددون : ما ترك الأول للآخر ، كم ترك الأول للآخر ؟! وتأكيده ان القرآن الكريم معين لا ينضب ، وقد كتبت حوله آلاف التفاسير ، بعشرات آلاف المجلدات ، وما يزال فيه زيادة لمستزيد ..

وفِي كل مرة سأقول لكم من الجميل والأجمل في كلام أخي الحبيب هو حديثه عن دور المفسر في تلبية قضايا عصره ، وحسن تنزيل آيات القرآن الكريم على واقع الناس لتحقيق مصالح عيشهم ودرء المفاسد عنهم، والأجمل في هذا تأكيد العالم الكبير ، على ان ذلك يجب ان يتم من غير تعسف ولا استكراه للنص .

لن أستطيع أن أوجز لكم من غير إخلال ، ولذا أدعوكم إلى العودة المحاضرة المنشورة على اليوتيوب لتشربوا من معين الأصل ما به تصيبون الري الذي بعد عهد الناس به .

ولن اختم حتى أذكر ان سياحة الأخ مجد في عالم التفاسير قد أبهرتني ، وكانت سياحة عالم موسوعي متمكن متبحر . وكما حضنا في مقدمة المحاضرة ، على قراءة مقدمات التفاسير ، والتعرف على مناهج المفسرين وطرائقهم ، فإنني أرجوه أن يفيض علينا من بعض ما آتاه الله ، فيبذل بعض وقته وجهده في تعريفنا في سلسلة متتابعة بتفسير من التفاسير ، صاحبه وعصره ومنهجه وطريقته .. على وجه التوسط الذي يمتع ويقنع ..

شكر الله للأخ العالم المبدع الشيخ مجد مكي لما قدم من علم نافع

شكر الله لإخوة " الإمام الكسائي " دعوتهم لمثل هذه المحاضرة القيمة ..

نفعني ونفعكم الله بهذا العلم الذي قلما نجده متوفرا في كتاب .

على اليوتيوب تجدون محاضرة الشيخ مجد منشورة باسمه.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 907