أوراق لم تسقط عمدا (12)

أوراق لم تسقط عمدا (12)

أنا وشهرزاد وحكايات منتصف الليل

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

تمر كشعاع نور وسنا، تفتك بكل ما تبقى من حكايات الراحلين والمقيمين، تتربع على عرش سرده الدافئ الجميل، الموشى بعبارات من الرحيق والبوح الشفاف الجميل، تناديني بشهريار، فتنتفض دكتاتوريتي، وينهض مجوني واصفا، لا حدود لما يقول، ولا حدود لأمانيه.

هي تشبه شهرزاد، بل قل: إن شهرزاد هي التي تشبهها، لقد امتلكت بكل حرف تقوله نبضا يدغدغ المشاعر بوجد متكامل في لظاه، وغناء متطاول في غناه، صاغت الأوتار بشرايين من التوله والشوق، وتنفستني عطرا، وتنفستها أنثى كاملة بهية!!

لم تكن تبحث في حكاياتها عن غرابة ومتانة سبك، كانت تعتني بترتيب فكرتها لتؤثر في شهريارها المعذب، لم تكن تستهدف غروره لتحطمه، بل كانت تتغيا أن تجعله أكثر ديكتاتورية عما قبل، لقد عرفت ما الذي يجعلها حية نابضة بين يديه كنسمة صبا تهب على روحه فتنعشها، كانت تعرف أنه لا يحيا بغير سناه الذي شع في حلكة ليل دامس، فتلقفته يداً حانية فأفاضت وأمتعت وتبلجت رؤيا صباح ربيعي، متجدد لا تجف أنداؤه، ولا تذبل أوراقه!!

هي كما كان يتوقعها قبل أن يراها، انتظرها طويلا على رصيف الانتظار، طاوعته بكل ما أوتيت من إرادة، لم تعاند أو تتمنع في أن تكون محبوبته المخلصة الوفية، على الرغم من تلك المسافات التي حالت بينهما، تناجي روحه كل ليلة بصورته التي زرعتها في قلبها، تحاورها كأنها هو، تقول لها/ له: أحبك يا شهريار مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحوال، سأكون لك السنا والسناء، والهناءة والضياء، لا تبتئس بما يلوح في الأفق من نذر تبعدنا وتفرقتا، نحن لم نلتق لنفترق، فكن مطمئنا أيها الفارس النبيل.

لم تعترف شهرزاد -كما شهريار- بصياح الديك عند الصباح واستمرت في سرد حكاياتها بشوق ولهفة، حطمت كل تقاليد ألف ليلة وليلة، لتصوغ حكاياتها هي بألف معنى ومعنى، تواصل الغناء والرسم، كما تواصل الحياة في أروقة القلب الذي فتحت أبوابه لنسائم الجمال والمحبة والعشق والغرام.

لم أشأ أن أكون شهريارا وإن أرادتني كذلك، وأنا لم أشأ لها أن تكون شهرزاد، أردتها لي كما ينبغي أن تكون بقربي دائما، ولكن ... لا تلم سيفي إذا السيف نبا، صح مني العزم والدهر أبى

على روحك المضيئة في الدروب الحالكة ألفُ ألف تحية من غرام، زاد واستزاد وطال واستطال، وأضحى عنوانا لوله أبدي لن ينقطع!!