أيُّهما أضرُّ على الثورة فِكْرٌ مُغَالٍ، أم فِعلٌ سيِّء

أيُّهما أضرُّ على الثورة

فِكْرٌ مُغَالٍ، أم فِعلٌ سيِّء

محمد عبد الرازق

 عندما أذِنَ الله لهذه الثورة أن تقع، اِنخرطَ فيها مع مرور الزمن صنوفٌ شتَّى من أبناء شعبنا، و كلٌّ قد حَمَلَ معه وِزرَ السنوات الخوالي التي كان يعيش فيها، فمنهم من خرجَ حِمية لعصبية قبلية، و تمثَّل ذلك في أبناء العشائر التي أهانَ شرفها صاحب الحظِّ العاثر ( عاطف نجيب )، و منهم من خرج بدافع الفعل الجمعي الذي قاد الناس إلى مناهضة الظلم الذي وقع عليه من فِعال هذا النظام الذي تشكَّلَتْ أضلاعه الثلاثة على مدى خمسين عامًا، و يحوي هذا المزيج أخلاطًا شتى من أصحاب السوابق و الجرائم الذين أفرج عن كثير منهم النظام؛ للاستعانة بهم في قمع الثورة الشعبية، و منهم من خرج فيما بعد من المؤسسة العسكرية التي تكفّل القائمون عليها بمسخ القيم و الأخلاق من نفوس المنتسبين إليها.

 و ثلةٌ من هذه الأصناف الثلاثة يمكن رفعهم على الأَكُفِّ، و تقبيل رؤوسهم؛ إجلالاً و إكبارًا لما يتحَلَّون به من كريم السجايا و الطباع.

 و فيما بعد بدأنا نسمع بنِحلٍ، و فِرقٍ تنخرط في صفوف الثورة، فكلَّ يوم نسمع بأسماء من مثل: ( القاعدة، و جند الشام، و غرباء الشام، و فتح الإسلام، و جبهة النُّصرة و الجهاد )، و قد بدأت تتكشَّف أوراق التوت التي تتستر بها هذه الملحقات القاعدية، فهاهو النظام و مفرداته يجهدون أنفسهم للتسويق لها ، و آزره في ذلك بعض ساسة الغرب بغض النظر عن ألوان الثياب التي يلبسونها، و الغرض من ذلك لا يحتاج إلى كثير عناء لمعرفة خفايا القول به، و أقلُّها إراحة نفوسهم من القيام بواجبها الإنساني تجاه شعب تكالب عليه فسادٌ، و ظلمٌ ، و طغيانٌ محليٌّ، و إقليميٌّ ذو مطامع باتت مكشوفة، و دوليٌّ شموليٌّ لم يُصِبْ خيرُه أبناء شعوبهم، و هو عن غيرهم أشدُّ بُعدًا.

 و السؤال: أيُّ هذين الأمرين أشدُّ ضررًا، و تنكيلاً على الثورة في سورية؟

 نقول:

 إنَّ ما شاب جموع الثائرين من أصحاب الفِعال المسيئة، إنَّه لنتاج طبيعي لمسعى قام به النظام على مدى خمسين عامًا، و ليس إصلاحهم بالأمر السهل ، و بين عشيَّة و ضحاها، و الثورة مشغولة بما هو أدهى و أمرّ، و لكن حسبنا أنّ هؤلاء ستصلحهم رياحُ التغيير التي هبتْ نسائمها على بلادنا، و ستطهرُهم من بين من تطهِّر إن شاء الله؛ و عليه لا خوف على الثورة من هؤلاء فهم إفرازات مجتمعية طبيعية.

 وفيما يخصُّ هذه الأفكار المغالية، فهي دخيلة على البيئة السورية المتسمة بالاعتدال، و الوسطية، و هي كفيلة بعون من الله أن تنبذه كما ينبذ الجسم ما يعلقُ به من العوالق الضارة. و لا سيما إذا كانت هذه الجماعات و المستحاثَّات المحنطة من تفتيقات ذهن النظام، و أدواته المحلية، و الإقليمية، و الدولية.و لا أحد بات ينخدع بها.

 وإذا كان ثَمَّة خوفٌ على الثورة فهو منها ليس إلاَّ؛ لأنَّها دخيلة على مجتمعنا ، و يصعب على المجتمع التخلّص منها إلاَّ بالبتر، عاجلاً، غير آجل.