صور ناطقة للتحوت والروابض 61+62

أحمد الجدع

[61]

-- -----------------------------

التحوت والروابض هنا هي العادات والتقاليد ... والجهل بحقائق الدين !

وهنا صورتان :

الأولى بطلها صديق عزيز ، كان مصلياً ، وذو شهامة نادرة ، ولكنه كان بدوياً تسيطر عليه أخلاق البداوة وعاداتها ، بإيجابياتها وسلبياتها .

تحدثت معه ذات صفاء ، فمرّ فيما مرّ من حديثي أنني أفطرت مع أم أولادي ، فاستهجن ذلك أشدّ الاستهجان ، كيف أتناول الطعام مع زوجتي ، فهذا في عرفه غريب عجيب ، وقال لي : لقد مرّ على زواجي أكثر من ثلاثين سنة لم أجلس إلى الطعام مع زوجتي !

دهشت وأخذني العجب وسألته : ولا مرة واحدة ؟!

قال : عندما تزوجت ، وأعدت عروسي طعام الإفطار حاولت أن تتناول الطعام معي ، فنهرتها وقلت لها : انصرفي ، صرف الله وجهك ، فإذا أتممت طعامي فشأنك والطعام !

قلت له : يا راجل ؟! فقال : الرجل لا يتناول الطعام مع النساء !

والثانية لرجل متعلم ، ناجح في عمله ، بل مبرّزٌ فيه ، دعي إلى مأدبة في بيت زميل له ، وجلس مع الرجال يتحدثون ، وطال حديثهم ولم يدعوا إلى الطعام ، فتساءل : أطلت علينا يا صاحبي ، فهل تراجعت عن الدعوة إلى الطعام ؟

قال صاحب الدعوة : كلا ، ولكني انتظرت حتى تفرغ النساء من طعامهن .

فوجئ صاحب الدعوة بالرجل ينتفض غاضباً ، أوتأكل النساء قبل الرجال ؟ إن هذا تحقير للرجال ... ثم نهض غاضباً وهو يقول : أنا لا أتناول الطعام بعد النساء ، إنك لتحقرني في بيتك ، وخرج غاضباً وصاحب الدعوة لا يدري ماذا يقول !

لم يعلم هذا وذاك أن رسول الله r كان يأكل مع نسائه ، بل يتحرى المكان الذي وضعت عائشة فمها فيه عند شربها فيشرب منه .

أدبنا الإسلام بآداب لم نلتزمها وأدبتنا القبيلة بعادات فتمسكنا بها ، وتعصب كل منا لآداب قبيلته ، وعادات قريته ...

حسبنا الله .

==========

[62]

-------------------------------

الغرور والتحدي .

الغرور هو الرصاصة القاتلة ، أصابت فرداً أم أصابت جماعة أم أصابت دولة ، أم أصابت امبراطورية ، حتى ولو كانت هذه الامبراطورية أقوى دولة في العالم !

وقد يقود الغرور صاحبه إلى أحلام زائفة ورؤى خطيرة ، وقد يقوده إلى الكفر فيظن نفسه إلهاً مطلقاً يجب أن يخضع له جميع البشر ، وقد قالها فرعون من قبل : ما أريكم إلا ما أرى ... وما علمت لكم من إله غيري .

ونموذج يأجوج ومأجوج ، الذين ذهب بهم الغرور إلى تحدي السماء قد وقع في عصرنا ، وقدر الله لنا أن نسمعه وأن نقرأه !

في عام 2001م شعرت أمريكا بقوتها المتفوقة ، وشعرت أيضاً أنها تستطيع بهذه القوة أن تقهر العالم .

وكما فعلت في بيرل هاربر فعلت في الأبراج .

حتى يومنا هذا لا أحد يجزم بأن اليابان هي التي قصفت السفن الراسية في ميناء بيرل هاربر ، وكان هدفها أن تقهر اليابان وذلك باستخدام القنابل الذرية ، فألقت قنبلتين إحداهما على مدينة هيروشيما والأخرى على ناكازاكي .

كانت الأهداف مدنية ، وكانت أمريكا هي الدولة الوحيدة التي ألقت قنابل ذرية حتى يومنا هذا .

أما الأبراج التي اتخذت ذريعة للحرب الصليبية المعاصرة والتي اتهم فيها المسلمون ، ولا زال كثير من الباحثين ينكر مقدرة الأسماء التي أوردتها أمريكا بتهمة هذا العمل الكبير ، وينكرون أيضاً رواية أمريكا بتفاصيلها .

واختارت أمريكا أفغانستان التي لم تتعاف بعد من حرب الاتحاد السوفيتي فأغارت عليها بوحشية ، واستطاعت أن تحتلها دون عناء ، ولكن بعد أن فتكت بآلاف المدنيين العزل الذين لا حول لهم ولا طول !

وقد اتبعت أمريكا في حربها على أفغانستان قانون عنترة ، فقد سئل عنترة : كيف اكتسبت هذه الهيبة في الفروسية وخافك مشاهير الفرسان في زمانك ؟

فأجاب : أعمد إلى الفارس الضعيف فأضربه ضربة يخاف منها الشجاع !

فأفغانستان الضعيفة كانت العبرة لكل دول العالم ، فخافوها حسب قانون بوش بل تبعوها وانضموا إلى صفها بعد أن قال بوش : من لم يكن معنا فإنه علينا !

وسكرت أمريكا بانتصاراتها ، وخضوع العالم لأوامرها ، وأصبحت بعد احتلال العراق هي الآمر الناهي في هذا الكون .

وعندما تأخر هطول الثلوج على نيويورك طار صواب أمريكا ، كيف تبخل السماء على أعظم قوة في العالم ، فتمنع الثلوج أن تسقط عليها وتحرق بهجة الأعياد ... ألم تعلم السماء أن أمريكا أعظم دولة في العالم ؟

لقد أدانت الخارجية الأمريكية في شهر كانون ثاني في عام 2002 السماء لأنها حبست هطول الثلوج في موسم عيد الميلاد ، وقالت :

لا يمكن لشيء أن يبرر إفساد هذا الحدث الهائل ، إننا ندعو الطبيعة الأم إلى القيام بمبادرة فورية ، وأكد ريتشارد باوتشر الناطق باسم الخارجية الأمريكية خلال حفل استقبال للصحافيين بمناسبة حلول نهاية السنة أن عدم سقوط الثلوج في العاصمة واشنطون هو من الأسباب المسببة للمشكلات في العالم ، وأضاف : إننا نعتبر استمرار الطبيعة في رفض القيام بواجبها حيال الدول المتحضرة عملاً استفزازياً وغير إيجابي ، لذا ندعو الطبيعة إلى اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية بغية تساقط كمية مناسبة من الثلوج !!

نعم إنه الغرور الأحمق ... والتحدي البائس .

ومنذ هذا التصريح الوقح بدأ الانهيار الأمريكي ... ونحن لا زلنا نعيش هذا الانهيار .

وقديماً قال الشاعر : ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ .

حسبنا الله .

-----------------------------

المصدر الرئيس لهذه المعلومات : جريدة السبيل الأردنية العدد 417 الثلاثاء 24-30 شوال 1422هـ 8-14 كانون ثاني 2002م .