لا يقين في الألوان

بن العربي غرابي

إلى:

مريم المفتونة بالسؤال وعِصمة الطفولة

التي تورق كالسحابة السوداء.

**** ضياع ****

ضاع في دروب الرفض

وإنكار الضوء وتلبيس القيم

دهرا، فاختنق الحب في شدقيه

وتوارى الغيم في حقله

وارتسم الشوك في لَهاته.

 **** يقين ****

بنى في ألحانه مجرَّة من الابتهالات العجفاء

ولطخ صوته بنبذة من التسليم

استنشق حليب الأمومة من كل نبتة

وجففه بعضَّة من الشمس

وحين رأى في الغابة سنجابا

يدحرج ذيله من قنة الغصن

قال: أنت سيد الغابة

وحارس دمعها ودمائها

وانتصب شامخا في محرابه.

**** الوجود أصلة ****

كلما رأى كهفا مضيئا

وعصا تحرس جوهرها

فلا تستحيل ثعبانا

وكلما أنجبت غيمةٌ صاعقة

وفجر الجبل ماء

وأسمعنا الصمتُ نقيقه

قال: إن عالمنا ثعبان يلدغ ذيله.

 **** فوضى ****

خلف الجبال جبال ناتئة

والموجة تستر عورتها برذاذ جارتها

والشمس تعبث بأوراق النرد كل مساء

بلا نزاهة

فإن خبَّأتْ ضوءها عن غربال السحاب

فقد خانها الحظ ولم يأتِ المطر.

 **** وعظ ****

الطائر يحمل حبة قمح لصغاره

يغرد قبل الرسُوِّ

يغرد بعد الرسو

يغرد الصغار برطانة البلهاء:

إن خبزنا مسروق من الحقول

وريشَنا منسوج بالرذيلة

فأتِنا –يا أبانا- بماء النهر

ونظِّف حُداءك من صهيل اللؤم

ومنقارك من التحرش بالسنابل.

**** خيانة ****

الأغصان

في تخاصمها حول مِلكية الظلال

وتشاتمها

وتوادها

وتراحمها

تنشأ الغابة كأنها لوحةُ سيوفٍ

وديوان هجاء

وعرس أهِلَّةٍ

ودواة حِبرٍ.

**** إحراج ****

ما السر في أبوة الغيم

وأمومة النهر؟

ما حظ الرماد من مراهقة الجمر؟

ما عمق الجحيم؟ ما حجم قريتنا، وما

عدد الجياع فيها و الكلاب الراضية بعظام موتاها؟

ما لون المصابيح في بيتنا؟

وكيف تضيء بلا احتراق

كشمع جدتي؟

ما الداعي لتجميع أطفال

قُصِفوا في حارة شعبية، وأودِعوا قبرا واحدا؟

لماذا تزرعون القذائف في حقول القمح؟

يسأل طفلٌ

و يحتار الأب

في الجواب.