يا شام، يا وطني الثاني

مريم عاشور

بم يستهل حديث عن الشام

بأرضها الغناء أم بأهلها الكرام

بجودهم، بنبلهم، بعزهم بين الأنام

بعبق تاريخهم، أم بمجدهم المتنامي

باصطفاء الله لأرضهم بالرسالات والكلام

لتكون مهد الانبياء والأصفياء العظام

مسرى الرسول ومصلى خير مأمومين وإمام

مهبط المسيح وأرض المحشر في منتهى الأيام

فسبحان من بالجمال حباها

وله الحمد إذ جعلنا نهواها

ومهما حيينا لا ننساها

فكأني رأيت النور تحت سماها

وأطربتني طيورها بألحانها وشذاها

وأنعشتني ورودها بعطرها ونداها

كأني جلت في دروبها بين صحبي وأهلي

ونشأت بينهم على الشجاعة والبذل

فهم، كأهلي، في المغرب الغالي

أهل إيمان، وصبر، وحلم وفضل

من شاطئ الأحلام أبحرت في ماض بعيد

ماضيك يا شام، من مجد عصر إلى عصر مجيد

حضارات توالت في غابر الأزمان

ومعالم شيدت بذكاء وإتقان

ازدانت بها حواضرك وما آلت لنسيان

وشهدت لأهلك بالبراعة في العمران

فهذا بيت المقدس أولى القبلتين

محراب الأنبياء وثاني الحرمين

وهذا مسجد بني أمية في دمشق الفيحاء

به ينزل عيسى على المنارة البيضاء

فكفى به شرفا يا وطني الثاني

وما يبغي العقل على فضلك، بعد من برهان

مهما طال الظلم، مهما بلغ من مدى

مهما برعت أيادي الطغاة فإن سعيهم سدى

فكيف يحكمون قبضتهم وما ضمنوا الردى

ولا أمنوا مكر الله بمن عليك اعتدى

يا وطني الثاني، صبرا على البلاء

فإن الرحمن موهن كيد الأعداء