همسات القمر 112

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*رغم الحلكة القاتمة المحدقة

لا زالت عيناي تريان شيئا يستعصي على الظلام، شيئا يجعل النفس تختال في بستان قلبها..

تضرب حوله سورا منيعا لتحافظ على زهوره من خفافيش الظلام العابثة..

تعيش تفاصيله في فكرها وحلمها.. في أملها وتفاؤلها.. 

في ثقتها بربها بأن : ما بعد العسر سوى اليسر

*أتخيل

أن الطير بترنيمته يقول لي : صباح الخير

أتخيل

أن الزهرة تبعث شذاها هدية حب وأمل ونقاء

أتخيل الدنيا بفكري وجموح مشاعري 

أرسمها بريشتي التي تعبث وألوانَ قوس الفرح

أغض طرفي ولو قليلا عن وحشة الدرب وجلمود الأيام

أرتل على روحي السلام

وأمضي....

*وتأخذنا لوثة الحياة إلى جنون يشرّد نفوسنا ويلقيها في متاهات الدروب الحالكة

يخدعوننا.. يضعوننا في مصحات ظاهرها الحياة وباطنها الممات

نمشي كالقطيع الذي ما عاد يستطعم الحياة بغير عصا الراعي التي تقوده إلى حتفه... 

ولا عزاء!

*كلنا شهود، وكلنا نغض طرف عجزنا عن واقع مرير أليم

ما عاد الدم يثور للدم مذ أصبنا بعمى الدروب والخذلان، مذ تجرّعنا كؤوس الذل والامتهان، مذ استمرأنا سبلا لا تعرف إلا الهاوية مقاما ومستقرا... مذ جعلنا رفاقنا اليأس والعجز والخسران!

نأبى رسم حلمنا الأنيق بألواننا وريشة فرحنا ، فما عادت أعيننا تبصر سوى لوحات منفرّة مشمئزة

تبعثرنا في متاهات ضيّقة تكاد تعصرنا زواياها القاتمة، تعثّرنا في حبال وهم غدت حبال مشانقنا تلتف دون شفقة ورحمة..

وما بين المطرقة والسندان، اتخذنا بيتنا، وافترشنا صخرة الهوان

فماذا بقي لنا بعد أن مات فينا الإنسان ؟

*أنيقة هي قلوبنا

رهيفة هي مشاعرنا

رقيقة هي أحاسيسنا

تبحث دوما عن شربة ماء نقية تسقيها، أو غيمة سابحة ترويها

ترتسم على جدران الفرح والأمل

تخال العالم كما هو داخلها البريء..

تفتح أبوابها لتستقبل نفحات الحياة كما رسمتها بريشتها الصادقة الندية .. 

وليتها لم تفعل !

*أفتش قلبي بيد مرتجفة 

أبحث عمن استباح حماه وقطف زهوره التي كانت تختال نضارة وجمالا وبهاء ...

أتعثّر بتغضنات ترابه الذاهلة عما حولها.. 

لا تقوى عيني التحديق طويلا في آثار فوضى مدمرة أحالته مزقا متناثرة

أبكيه.. ولا من يبكيني !

*وكأن بعض النقاط التائهة جنود انتظار تترقب شارة الاندفاع

تعلم أن لها موعدا، متى؟ لا تدري، ما هو إلا كالموت يأتي فجأة دون سابق إنذار!!

*عالقة في قوس استفهام أخشى إفلاته فيهوي بي إلى حتفي

وأخشى التشبث به فيزيد خوفي 

متألمة من لسع عصا تَعجّب أحاول اقتناص نقطتها لوضع حد لحكاية الوجع، فلا أبلغ المرام

ويكأنه قضي علي البقاء بين مطرقة وسندان!

*أجيد تقاسم وجعي مع زهرة رقيقة تحتضن حبات الندى

مع طير حالم محلق في فضائه ملء المدى

مع غيمة مسافرة

مع البحر والقمر .. النبت والشجر ..

ولا أجيد تقاسمه مع بني البشر

وسوم: العدد 695