الشعر العربي في عصر الدول المتتابعة (الحكمة والآراء)

ثالثاً - الحكمة والآراء

قال تعالى : )يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، وما يذكر إلا أولو الألباب( [آل عمران/269].

للرأي السديد وللكلمة الموجزة المعبرة تأثيرها في المجتمع، والشعراء لسان الأمة الناطق يعيشون في أجوائها ويصدرون أقوالهم المتأثرة بحياتهم، والمستمدة من الوحي السمائي أو من التشريعات الدينية، أو من تجاربهم وتجارب الآخرين، وقد يستمدون من الطبيعة أو من عالم الحيوان خاصة حكمهم وأمثالهم وآراءهم أو من عالم الطب أو جو الحرب، وتأتي هذه الحكم لتعبر عن إدراك دقيق لحقيقة الكون والحياة.

والشاعر الحكيم إنسان يمتاز بالهدوء والاتزان، ويكون ذا نظرة صائبة وتفكير عميق وهو يعرض آراءه ليوقظ وجداننا بكلمات صادرات عن العقل، مليئات بالقيم الواقعية حيناً، والمثالية حيناً آخر، وقد تكون الحكمة نابعة من ظروف طارئة جعلت الشاعر ينفعل ليأتي بكلمات حارة غنية بالصور والظلال.

والشعراء الحكماء أشبه بالأساتذة لأنهم يصلون الحق بالجمال، بل إن الشعراء كانوا يسمون في العصر الجاهلي مشرعين لأن خواطرهم كالزهر يجنيها أبناء الجيل فتوقظ هممهم وتبعث فيهم الروح فيسعون نحو الأفضل، وعلى الشعراء أن يهتموا بالقضايا الإنسانية وعلى قدر اقترابهم أو بعدهم عن مدار الإنسانية أو عن مدار الكون والحياة والإنسان يكون تفضيلهم وإكرامهم، أو اتهام آرائهم وحكمهم([1]).

وقد تعددت مصادر الحكم وآراء الشعراء ومجالاتها فمن مصادرها القرآن الكريم وكتب الحديث الشريف والفقه، ومن مجالاتها الإنسان، أخلاقه وأهواؤه. والحياة ومتطلباتها، ومجال السياسة، والعلم والعلماء والشعراء، وتمتاز الحكم ببساطتها ووضوحها، وتأتي غالباً ضمن سياق الموضوعات وقلما خصصت قصيدة لعرض الحكم والآراء.

وسأوضح مصادر الحكم والآراء في عصر الدول المتتابعة ثم أنتقل إلى تبيان آراء الشعراء في الإنسان، آرائه وعلومه وأخلاقه، وفي الحياة والموت، وفي شؤون السياسة وولاة الأمر.

1 مصادر الحكمة والآراء :

كما ذكرت يعد كتاب الله سبحانه المصدر الأساس للحكم فهو الذي علم البشرية معنى الحكمة بمفهومها الصحيح، ولذلك نرى الشعراء يقبسون منه آراءهم وأمثلتهم، فالشاعر «حسين بن الجزري» يدعو لأن يؤخذ قوله تعالى: )ولا تقنطوا من رحمة الله( حكمة ونبراساً له في حياته، ليصبر على بلواها ويديم شكر الله سبحانه على نعمائه، يقول:

شكرِكَ فضلَ اللهِ باللاهي   اصبِرْ على الضُّرِّ ولا تُمْسِ عن )لا تقنطوا من رحمةِ الله( ([2])   وانتظرِ الرحمةَ من قولِه

ومن الحكم المستمدة من الحياة الاجتماعية قول «شمس الدين بن المنقار»:

في عظيمٍ وما أقلَّ المساعِد   ما أقلَّ الأصحابَ إن حُمّ أمرٌ أن يُرى راغباً بآخرَ زاهِدْ([3])   وبلاءٌ لا بدَّ للمرء منه

فالمرء يقل أصحابه في الشدائد حين يحتاج إلى من يعينه وإن المرء ليحس بالمعاناة حينما يرغب بوصل إنسان يعرض عنه.

ويرفض «فتح الله البيلوني»[4] قول من يدعوه إلى مداراة الخصم لئلا يزداد حقده، لأنه ومن خلال خبرته وجد أن الحقد القديم لا يزول من القلب مهما داراه المرء، بل إنه لا يزداد إلا بعداً ونفوراً، يقول في ذلك:

فذلك درياقٌ من الغلّ في القلب   يقولون دار الخصم تظفرْ بوُدِّهِ لأن قديمَ الداءِ مُسْتَصْعَبُ الطب ([5])   فما ازدادَ مذ دارَيْتُه غيرَ جفوة

وهذه حكمة صادرة عن الحياة أيضاً، تبين أن فساد الأبناء ناجم عن فساد المربين من الأمهات والآباء، يقول «حسين البقاعي» في ذلك:

خَبُثَ الأمهاتُ والآباء ([6])   هل عجيبٌ خبث البنينِ إذا ما

ومن عالم المرأة قول «حسين بن الجزري» مشيراً إلى كراهية المرأة للرجل الأشيب:

بيضاءِ من ذي لُمَّةٍ بيضاء ([7])   ولمُلْتقى بيضِ الصفاحِ أحبُّ للـ

ومن أجواء السياسة والحرب استمد «محمود سامي البارودي» حكمته ودعوته إلى الاستبسال في المعارك لأن الموت قدر الإنسان، وكل سيلاقي حتفه، الجبان والشجاع، وقد يهلك الأول وينجو البطل في الحرب لأن حينه لم يحن بعد :

وينجو من الحتفِ الكميُّ المشايح   فقد يهلِكُ الرِعْدِيدُ في عُقْرِ دارِه وإن عارَ في أرسانِه وهو جامح ([8])   وكلُّ امرئٍ يوماً ملاقٍ حمامَه

ومن عالم «السياسة» أخذ «فتح الله البيلوني» قوله :

عبادةَ العِجل قدِّمْ نحوه العلفا ([9])   إذا ابتُلِيْتَ بسلطان يرى حَسَناً

فهو يدعو إلى مسايرة الحاكم وإن كان جشعاً كجشع اليهود عبدة العجل.

ومن أجواء الطبيعة نأخذ قول «محمد العرضي» إذ يبين أن المولى تعالى جعل الناس في حياتهم كمن يعيش على ظهر سفينة، إن شاء أنجاه، وإن شاء أهلكه.

وسفّانُها المولى تبارك دائماً   أشاهدُ هذا الخلقَ مثلَ سفينةٍ ومن شاءَ يلقيهِ فيصبحُ عائما ([10])   فمن شاءَ ينجيه إلى ساحلِ البقا

ومن جو الطب قول «محمد الغزي»([11]) في الأحمق الذي لا يرجى خيره مهما حاول من يعاشره نصحه وإرشاده:

عداوةً منه لا تُخْفى مساوِيْها   إذا نصحْتَ قليلَ العقلِ نلْتَ بذا قد قالَ فيه من الأشعار راويها   فالحمقُ داءٌ قبيحٌ لا دواء له إلا الحماقَة أعيَتْ من يداويها ([12])   لكلّ داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ به

2 مجالات الحكمة والآراء :

تعددت المجالات التي تحدثت عنها الحِكَم والآراء، فهناك الإنسان وشؤونه مع الآخرين، والأخلاق التي يجب أن يكون عليها، وهناك الحياة والموت، والمجالات السياسية والأجواء العلمية.

أ - فمن عالم الإنسان:

تطالعنا آراء الشعراء في الصداقة، وتقوم فلسفتهم فيها على أن الصديق وقت الضيق، ذلك لأنه يعين صاحبه، ويكون له كالحصن المنيع، ومثل هذا لا يرى إلا نادراً فإن وجد فإن المرء يكرمه لصداقته ويذل له، يقول «موسى الرام حمداني» في ذلك:

كفاني مؤوناتِ المطالبِ والقَصْدِ   خليليَ مَنْ إن جئْتُ طالبَ مَقصدٍ تولى معاناةَ الخطوب بما يُجْدي   وإن نابني خطبٌ من الدهرِ هائلٌ فرشْتُ مراعاةً لمرضاتِه خدي   فذاك خليلي إن ظفِرْتُ بمثلِه وصُنْتُ بنفسي نفسَه صولة الأُسْد   وكنْتُ له حِصناً منيعاً وموئِلاً لذلك مثلاً لا يكونُ بلا نَدّ ([13])   ومن أين للأيامِ عينٌ بأن ترى

أما الصديق الذي يظهر عيوب صديقه ويخفي سيئاته فلا يؤمن جانبه، ذلك لأنه يشير إلى قلب مريض وكل إناء بما فيه ينضح، يقول «عبد البر الفيومي» في ذلك:

وأظهرَ عَيْباً فيك وهو يُصَرحُ   صديقُك إن أخفى عيوباً لنفسه «فكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضح» ([14])   فخُذْ غيرَه واترُكْ مناهجَ وُدِّه

   والشاعر يحذر من الأعداء وإن أبدوا مودة وتذللاً، يقول «صفي الدين الحلي»:

طَ مذلةٍ فإليك عنها   وإذا العُداةُ أرَتْك فر لك مرةً فَحذار منها ([15])   وإذا الذئابُ استَنْعَجَتْ

وعلى المرء أن يصادق الأتقياء الأخيار، وينأى عن ذوي الفساد والشر، لأن هؤلاء كالنار التي تودي بمن معها، يقول «الحسن بن أمين الدولة»([16]) في ذلك:

طريقَهم وكن فطِناً نبيهاً   عليك بصحبةِ الأخيارِ والزمْ فهم كالنارِ تحرقُ ما لديها ([17])   وأهلَ الشرِّ لا تقربْ إليهم

ولكن على المرء ألا يكثر من العتاب، لأن كل إنسان خطاء، يقول «يوسف الدادة»([18]) في ذلك:

لم تلْقَ في تلك البريةِ صاحبا ([19])   إن كنْتَ تعتِبُ كلَّ خلٍّ مذنبٍ

ويدعو الشاعر «محمد الطيب» أن يكون المرء واقعياً في حياته، يتكيف مع الواقع الذي يعيش فيه، سواء أكان في البدو أم في الحضر ففي كل خير، ذلك لأن حياة البداة عز ومروءة، وحياة الحضر لطافة ورقة، كما أن عليه ألا يبكي على أحد لأن الناس كلهم سواء والأرض كل الأرض مستقر، والمكان الذي يجد فيه المرء عزاً وسعادة يقيم فيه، وإلا فإلى غيره، كما أن على المرء أن يترك من يصد عنه مع محافظته على التقوى، ففيها الفوز والفلاح وهي الكنز المدخر، يقول في ذلك:

لا تُؤْثِرَنْ بَدْوا ولا حَضْرا وكُنْ معَ ما حَضَرْ فالبدو عِزّ، واللطافة والظرافة في الحَضَرْ لا تبكِ إلْفا، لا، ولا دارا، ولا رَسْما دَثَر فالناسُ إلفك كلهُمْ والأرضُ أجمعُها مَقَرْ فمتى وجدْتَ العزَّ والعيشَ الهنِيَّ أقمْ تُبَرّ ومتى رأيْتَ الضِّدّ والصَّدّ الخفيَّ فدعْ وذَرْ واجعلْ بضاعتَك التُّقى مع مَنْ أسَرَّ ومَنْ جَهَرْ فإذا اتَّقَيْتَ الله فُزْتَ بكل كَنْزٍ مُدَّخَر ([20])

وعلى المرء أن يصاحب الكرام فإنهم يحفظون الجميل كما يقول «ابن الجزري»:

تُسدى إليهم مِسْكُها مختوم ([21])   إلا الكرامَ فإنَّ كل صنيعةٍ

وفي مجال أخلاق الإنسان نقرأ كثيراً من حكم العصر، ولعل القناعة من خير هذه الشمائل فهي كنز لا يفنى، وعز لصاحبها يذلل به رقاب العظماء ويجعله لا يحتاج إلى أحد، ويقدم ما ييسره الله عليه، وقد دعا إلى ذلك الشاعر «أحمد بن مبارك شاه» في قوله:

وعزةٌ أوْطَأَتْني جبهةَ الأسدِ   لي في القناعةِ كنزٌ لا نفادَ له ولا ضَنِيْناً بمَيْسُوْرٍ على أحدِ ([22])   أمسي وأصبح لامُسْتَرْفِداً أحداً

والصبر خير للمرء وأفضل من الشكوى، لأن الدهر لا يدوم على حال، وسيكون بعد العسر يسر، يقول «محمد التيزيني»([23]) :

يا نفسُ صبراً لعلَّ الضِّيْقَ يَتَّسِعُ ([24])   الصبرُ أنفعُ إذ لا ينفعُ الجَزَعُ

ويدعو «البابي الحلبي» إلى أن يعين المرء أخاه بالحسنى أو بالصمت، وعليه أن يزين كلامه لئلا يندم على كلمة تعجّلها، يقول في ذلك:

وجُدْ بالسكوتِ إذا لم تُعِنْ   أعِنْ بالجميلِ إذا ما حضَرْتَ فقدْ يَعْدِمُ الرأيَ مَنْ لَمْ يزن ([25])   وزِنْ ما تقولُ قبلَ الكلامِ

   وإذا استشير المرء فعليه أن ينصح، لأنه مؤتمن على ذلك، يقول «يوسف الدادة» في ذلك:

وإذا استَشَرْتَ كن المشيرَ الصائبا ([26])   شرطُ المروءَ ةِ ما ائْتُمِنْتَ فلا تخُنْ

وعلى المرء أن يسلك في حياته سلوكاً قويماً ليحفظ عرضه وكرامته، وإلا نفر منه الناس وتخلوا عنه كالسيف إن صدئ أهمل، يقول «صلاح الدين الكوراني» في ذلك:

فالعِرْضُ كالسيفِ يُقْلى حين يَنْثَلِمُ ([27])   واسلُكْ سبيلاً قويماً قد حكى قَلَماً

ويدعو «الحسن البوريني» إلى مسامحة الأخوة، لأن من سامح استراحت نفسه وصفت من الكدورة ،و إلى ترك العتاب لأن كل إنسان يخطئ، ومسالمة الناس خير، يقول في ذلك:

وألق إليه في الحربِ السلاحا   ألا سامحْ أخاك إذا تعدى ومن لزِمَ المسامحةَ استراحا ([28])   فمَنْ يعتُبْ على الخُلاّنِ يَتْعَبْ

والمرء إذا شتم سكت، فالأسد لا يضره نباح الكلب، يقول الشاعر «أحمد المنصوري»([29]) في ذلك:

فليس له إلا السكوتُ جوابُه   إذا سَبَّ عِرضي ناقصُ العقلِ جا هلٌ إذا نَبَحَتْ يوماً عليه كلاب ([30])   ألم ترَ أن الليثَ ليس يضيرُه

والصدق سفينة نجاة كما قال «يوسف الدادة»:

تنجو وتُنْجي في البحور الراكبا ([31])   والصدقُ في كلِّ الأمور سفينةٌ

والحسد شر وبيل، وصاحبه لا يرضى عن أحد حتى تزول عنه النعـم ، يقول «أحمد بن أبي القسم»([32]) في ذلك:

سوى حاسدٍ فهي التي لا أنالها   وكلٌّ أدارِيْه على حَسْبِ حاله إذا كان لا يُرْضيه إلا زوالها ([33])   وكيف يداري المرءُ حاسِدَ نعمةٍ

والمرء يعرف خيره من شره بلسانه لا بثيابه، يقول «ابن الجزري» في ذلك:

لسانِه لا الطَّيْلَسان ([34]) - والمرءُ يسفِرُ عنه طيُّ

وحب النساء غواية الجاهل كما يقول «يوسف الدادة» لأن رضاهن منكر وإن غضبن أبرزن العيوب، وإن حزنّ لجأن إلى الندب المحرم، ومودتهن قائمة ما كان الرجل شاباً، فإن عجز كرهنه، يقول في ذلك:

طبِعَتْ على قلبِ الجهولِ قوالبا   حبُّ الغواني في الأنامِ غوايةٌ ـن فواضحاً، وإن حَزنّ نوادبا   فإذا فَرحْن فواحشاً، وإذا غَضِبْـ يكرهْنَ منك إذا رأَيْنَك شائبا ([35])   ووِدادُهُنّ على شَبابِك إنما

وعلى المرء أن يحذر من شر نفسه لئلا تجره إلى المفسدة، وعليه أن يحكّم عقله في تصرفاته حتى تستقيم وتعيش بنور ربها، يقول «محمد بن أبي بكر الهمداني»([36])  في ذلك:

وما العقلُ إلا كالعُقال يصونها   هي النفسُ بين العقلِ والطبعِ والهوى وداعي النُّهى يدعو إلى ما يَزينُها   فداعي الهوى يدعو إلى ما يَشِيْنُها أضاءَتْ لها الظلماتُ طابَ معينها   وإن نظرَتْ بالعقلِ ينبوعَ نورِه رياضَ معانِيه وذاك يُعينها ([37])   وحنَّتْ إلى الذكرِ الحكيمِ تَدَبُّراً

ب-  ومن عالم الحياة والموت:

من الحكم والآراء المتعلقة بحياة الإنسان دعوة «فتح الله بن النحاس» إلى شكر نعم المولى لتدوم، يقول في ذلك:

ـرِ تَزِدْها فقد يُزادُ الشكور ([38])   أبْقِ واستبقِ نعمةَ اللهِ بالشكْـ

والسفر في طلب الجاه والسؤدد أمر حميد، يقول «محمد الطيب» في ذلك:

سافرْ إلى نيلِ المَعَزَةِ إنّ في السَّفَر الظَّفَرْ وانفِـــرْ لنيلِ المجدِ فيمن للمعالي قد نفر([39])

والاقتصاد في المعيشة خير من الإسراف والتبذير، يقول «أحمد المنصوري»:

فلربما أدى إلى التقتيرِ   إياك والإسرافَ فيما تبتغي واستبدِلِ التبذيرَ بالتدبير ([40])   واستعملِ القصدَ الوسيطَ تَفُزْ به

والدنيا لا تدوم على حال فالموت ينتظر المرء وإن كرهه، ولو نظرنا إلى هذا المكروه لرأينا به الراحة الكبرى من وعثاء الدنيا ولأوائها، يقول «البهاء العاملي» في ذلك:

كلُّ مَنْ يمشي على الغَبْرا   إن هذا الموتَ يكرهُهُ لرأَوْه الراحةَ الكبرى ([41])   وبعينِ العقلِ لو نظروا

ولذا فالعمار فيها إلى فناء، وبناؤها إلى زوال كما تزول فقاعات المياه، يقول «صلاح الدين الكوراني»:

والعمرُ في قِصَر له وفَناءِ   يا عامراً قصرَ الفِناءِ مُشَيِّداً إن القبابَ حكَتْ حُبابَ الماءِ ([42])   تبني قباباً لا يدوم فِناؤها

ولكن على المرء أن يستقبل الحياة بروح متفائلة وأن يدع الشكوى ويتوكل على الله الذي قدّر كل شيء، يقول «سعد الدين الديري»([43]) في ذلك:

وتعلَّلْ بعسى ثم لَعَّلْ   رَوِّحِ الرُّوْحَ براحاتِ الأمَلْ فغريقُ البحرِ لا يخشى البلَلْ   واحتمِلْ أَوْصابَ دهر كدر واترُكِ الشكوى ودَعْ عنك المَلَلْ   وابدُ للبلوى بوجهٍ طَلِق قدَّرَ اللهُ وما شاء فَعَلْ ([44])   وإذا ضاق بك الأمرُ فقُلْ

ج- الحكم والآراء السياسية:

وهذه تتحدث عن الدولة وسياستها على شكل آراء وحكم يصدرها الشعراء،فابن الجزري مثلاً يرى أن الوطن والدين لا يحميهما إلا القوة، وإلا فإن الدين سيضعف، يقول في ذلك:

إذا لم تَشُدْهُ بالأكفِّ سُيوفُ ([45])   وركنُ الهدى واهي الدعائمِ واهنٌ

كما يرى «علي عبد الكافي» ([46]) أن الولاية تعب ومشقة ولا فائدة منها إلا إن حكم صاحبها بالعدل وأزال المنكر، وأعان المحتاج من الرعية، يقول في ذلك :

إلا ثلاثٌ يبتغيها العاقلُ   إن الولايةَ ليس فيها راحةٌ أو نفعُ محتاج سواها باطل ([47])   حكمٌ بحق، أو إزالةُ باطل

ويقول «العشري» مبيناً للحكام ما يجب عليهم أن يفعلوه بعدما أسندت إليهم المهام الخطيرة، ولعل في مقدمة نصائحه لهم أن يأتسوا بسيرة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ليحققوا العدل، وأن يحفظوا الدين والبلاد ويذودوا عنهما، وأن يعملوا على تقوية الجيش، وأن يكون أمرهم بينهم شورى، وإن أتت فتنة فعليهم أن يشمّروا لها، وأن يرحموا الناس ولاسيما الشيوخ، يقول في ذلك:

أمراً خطيراً وفيه غايةُ الخَطَر   قلْ للإمامِ قد صِرْتَ مُرتكِباً كالصاحبَيْن أبي بكر كذا عمرِ   اسلُكْ طريقةَ أهلِ العدلِ من سَلَفٍ لفترةٍ منك واحذرْ غايةَ الحذر   واحرِسْ بلادَك ممَّنْ ظلَّ مرتقِباً من كل علاّمةٍ نطسٍ وكل دَرِيْ ([48])   وفي الأمورِ استشِرْ يوماً إذا سَنَحَتْ فكُنْ أخا بصرٍ بالرأي واتَّزِرِ   وإن أتَتْ فتنٌ كالليلِ مظلمةٌ بَرّاً، ولاسيما مَنْ عاش في الكبر ([49])   وكنْ عطوفاً على كلِّ الورى، بهم

د- آراء وحكم حول العلم والعلماء:

العلم المنير ما استمد من كتاب الله وسير الصالحين، وإلا فهو هوى ونقد وتجريح، وهذيان لا طائل وراءه، هذه نظرة الشاعر علي بن زيـد الردمـاوي([50]) ، وقد بدت في قوله:

وما سوى ذاك لا عينٌ ولا أَثَرُ   ما العلمُ إلا كتابُ اللهِ والأثرُ فلا يَغُرَّنكَ من أربابِها هَذَرُ   إلا هوى وخصوماتٍ مُلَفَّقةً بما تضمَّنَتِ الأخبارُ والسُّور ([51])   فَعدِّ عن هذيانِ القومِ مُكتفياً

وعلى المرء أن يجعل علمه في سبيل مرضاة الله سبحانه، وأن ينشط في السعي إليه، وأن يتروّ فيه ليستنتج ما ينفع استناداً إلى كتاب الله وسنة رسوله r، فغن خالفهما العلم رفضه ، فإن العلم يتغير وكتاب الله حق لاشك فيه ،وعليه أن يكرم العلماء، ولا يتحدث عنهم بسوء فإن الله ينتقم منهم، يقول «عبد الكافي» :

تظفرْ بسُبْلِ الصالحينَ وتهتدي   واقصُدْ بعلمِك وجه ربِك مخلصاً وقريحةٍ سَمْحاءَ ذاتِ توقُّد   وخُذِ العلومَ بهمّةٍ وتفطُّن وابحَثْ عن المعنى الأسَدِّ الأَرْشَدِ   واستَنْبِطِ المكنونَ من أسرارها نصَّ الكتابِ أو الحديثِ المسندِ   فإذا أتَتْك مقالةً قد خالفَتْ متأدِّباً معْ كلِّ حَبْر أوحدِ   فاقْفُ الكتابَ ولا تمِلْ عنه وقِفْ ةِ عليهم فاحفَظْ لسانَك وابعُدِ   فلحومِ أهلِ العلمِ سُمَّتْ للجُنا

والعلم أنفع من المال في الدنيا والآخرة، وإذا كان الملوك يحكمون الناس في دنياهم ، فإن العلماء ينفذ حكمهم على الملوك، ولذا على المرء أن يطلبه مبتغياً في ذلك وجه المولى لا الجاه والرياء، يقول «العشري» في ذلك:

ومن لُجَيْنٍ ومن حَمْراوَة الوَبَرِ   العلمُ أنفعُ من تِبْر ومن دُرَرٍ وأمرُهُمْ نافذٌ في البرِّ والبحر   إن الملوكَ على كلِّ الورى حَكَمٌ على الملوكِ جرى قهراً بلا نُكُرِ   والعالِمون بفضلِ العلمِ حكمُهُمُ ولا رياءً ولا جاهاً مدى العُمُرِ ([52])   فاطْلُبْهُ لله لا تبغي به طمعاً

بل إن الناس أجساد موتى والعلماء أرواحهم، وبهم حياتهم، ويكفيهم فخراً أن المولى سبحانه رفع قدرهم حين قال: )قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون( ([53]) يقول «الشهاب أحمد المنصوري» في ذلك:

فهم الصالحونَ والأولياءُ   أجْدَرُ الناسِ بالعُلا العلماءُ وعلى مثلِهم يطيبُ الثناءُ   سادةٌ ذو الجلالِ أثنى عليهم والبرايا موتى وهم أحياءُ ([54])   فالبرايا جسمٌ وهم فيه رُوْحٌ

أما العلماء الذين تبدو عليهم علائم الرياء فإنهم يتعرضون للهجاء كما فعل مصطفى البابي الحلبي حينما ندد بمن يصلي ولا يتقي الله حق تقاته، فهو كمن يرائي بحركات لا طائل وراءها ولا خشوع، يقول في ذلك:

واحتراسٍ ولات حينَ صدام   من خشوعٍ ولاتَ حين صلاةٍ وقعودٌ معَيَّنٌ وقيامُ   حركاتٌ تجري على غير طبعٍ عمَّةٌ مثلُ ذُرْوَةِ الأهرام ([55])   وأشدُّ البَلا على الرأسِ تُلْفى

هذا غيض من فيض من آراء وحكم بدت في هذا العصر، وقبسها أصحابها من كتاب الله سبحانه وسنة رسوله r، ومن الحياة التي يعيشون في أجوائها، وقد أبدوا خلالها آراءهم في الإنسان والحياة والموت وفي السياسة وولاة الأمور، وفي العلم والعلماء، فكانوا بذلك نبراساً يهدي الناس إلى الرشد والصلاح بأقلامهم ومشاعرهم.

رابعاً- الشعر  التعليمي

منذ أن نظم العجاج أراجيزه ليحفظ اللغة ولينشرها في الأوساط الثقافية بأسلوب محبب رشيق، يقوم على وحدة مصراعي البيت الشعري بدلاً من التزام قافية واحدة، بدأ بالظهور لون جديد سمي بالشعر التعليمي، أو بالمتون المنظومة.

والشعر التعليمي نظم أقرب إلى النثر منه إلى الشعر، إذ يقوم مضمونه على عرض الفكرة ومصطلحات العلم بأسلوب لا التواء فيه ولا مجاز، وهو يبتغي غاية تعليمية، ولذلك فهو يخاطب العقل لا القلب ولا والروح، ولا يهتم بالعواطف والأخيلة، إلا ما جاء عفو الخاطر.

وهو يقدم الفكرة بأسلوب سهل ليكون أثبت وأعلق في الذهن، خلافاً للشعر الذي يمتع بسحر بيانه وتصويره الفني، وإيقاعه المؤثر، وأسلوبه الرشيق، فتنفذ به الفكرة إلى القلوب، والعقول محملة بالمشاعر والأحاسيس ([56]) .

وقد تعددت ألوان الشعر التعليمي، فهناك (الأراجيز التعليمية)التي تجاوز بعض أبياتها خمسة آلاف بيت، و (الأسئلة العلمية) التي يوجهها طالب إلى أستاذه يبتغي الإفادة العلمية، وقد يأتي على شكل (إجازات شعرية) كدليل على ارتقاء الطالب إلى مستوى يؤهله للتدريس، أو لتسلم منصب ما.

1-الأراجيز التعليمية :

وقد كثرت في أدب الدول المتتابعة فالشاعر الحلبي إبراهيم الحصكفـي نظم «الدرر والغرر في فقه الحنفية» على بحر الرجز في خمسة آلاف بيت ([57]) ، ونظم عبد الله حجازي "الأشباه والنظائر في الفقه الحنفي لابن نجيم" ([58]) ، وموسى الرام حمداني الأسماء الحسنى ([59]) ، و محمد بن حسن الكواكبي  "الفرائد السنية في الفقه الحنفي" في خمس وسبعين وثمانمئة وأربعة آلاف بيت من الرجز، و"منظومة الكواكب في علم أصول الفقه" في ثلاثة وتسعين وستمئة وألف بيت، وشرح ما نظمه وسمى شرحيه "الفوائد السمية في شرح النظم المسمى بالفرائد السنية" و "إرشاد الطالب إلى منظومة الكواكب" ([60]).

وقد بدأ كلاً من المنظومتين بحمد الله سبحانه الذي أعانه على نظمهما وبالصلاة على الرسول r، ثم انتقل إلى عرض المادة العلمية الفقهية أو مصطلحات الفقه وأصوله بأسلوب علمي بحت، تأتي فيه الفكرة تلو الأخرى من غير ما جنوح في الخيال أو حديث عن العواطف.

ونظم الشيخ إبراهيم اللبابيدي إحياء علوم الدين للغزالي في أربعة آلاف بيت، وسماه (القول المتين في اختيار مسائل من كتاب إحياء علوم الدين) ([61]) ، وشرحه في أربعة أجزاء.

كما نظم أحمد بن ماجد منظومة سماها «الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» تحدث فيها عن البحر ومناطقه وصفاته، ونظم أيضاً (حاوية الاختصار في أصول علم البحار) وفيها تحدث عن المد والجزر وصفات البحر؛ وكانت غايته في ذلك أن يساعد البحارة ولاسيما في معرفة طريقهم إلى مكة المكرمة، وذكر أن علومه نقلها عن جده ووالده، الذي كان له أرجوزة في هذا المجال تقع في ألف بيت ، وكانا محققين في هذا المجال بالتجربة والتكرار على مدى أربعين سنة، وقد أقر ما ذكره والداه وصحح لهما أموراً، وذكر أنه نظم هاتين الأرجوزتين بعد أن خاف أن يدركه الموت قبل أن يعلّم الناس هذا العلم([62]) .

استهل ابن ماجد أرجوزته «حاوية الاختصار في أصول علم البحار بالبسملة والحمدلة، وشكر الله سبحانه الذي هداه إلى هذا العلم، واعترف بسبقه في هذا المضمار،واستغفر الله من النقصان والزيادة، ثم وجه خطابه إلى كل طالب يريد أن يتعلم علم البحر أن يكون جاداً، وأن يدرس هذا العلم على يد مدرس ليعرف رموزه، يقول:

القاهرِ الفردِ بلا مثال

 

الحمدُ للخالقِ ذي الجلالِ

إلى الصلاةِ على النبيْ العدناني

 

أحمدُه حمداً كما هداني

ثم يقول:

إليك نظماً يا له من نظمِ

 

يا أيُّها الطالبُ علمَ اليَمِّ

وما هو استُنْبِطَ للصوابِ

 

في العلمِ والهيئةِ والحسابِ

إنْ لم يكنْ للفُلْك غيرَ حاذِ

 

والشرطُ لا يُقرا بلا أستاذِ

يحسب الجاهلُ صنف العلم

 

لأن في الرمزِ يا بن الأمّ

في مَحْفِلٍ فيه ذوو الآفا ت ([63])

 

وبعد ذا أوصيك بالثباتِ

ثم يحدد له الأماكن على نحو قوله:

لنحو جاوَةْ فافهم الأشايرا ([64])

 

ومن مَلاقَةْ إن تكنْ مسافراً

حتى تخلِّفْ عنك سبياً في التّفَرْ

 

اِجْرِ على العقربِ تحظَ بالظفر

إلى بَهايَةْ أظهر السبيل

 

وبعد هذا مطلع الإكليل

في قرب سَلْتَ زَنْجِيَ فلم تزل

 

الخوف كل الخوف في هذا المحل

إلى الجزيرة فاسمع الدلايلا ([65])

 

فبادرِ البلدَ ثم مايلاً

فهنا نرى الشاعر يذكر المناطق والمعلومات بأسلوب علمي لا عاطفة فيه ولا تصوير، بل فيه مصطلحات علمية كالعقرب ومطلع الإكليل وأسماء بلدان مثل ملاقة وجاوة وبَهاية وذلك ليعلم القراء الأماكن والمعلومات البحرية بدقة.

ومن الشعر التعليمي أيضاً ما جاء في كتاب «غرّ الفتاوي» لأحمد بن المشرف، وكان مالكي المذهب الفقهي، وقد بدأ نظمه بحمد الله سبحانه والصلاة على الرسول r، وهي عادة متبعة عند الرجاز، ثم تحدث عن الغاية منها فقال:

في الفقه فقهِ مَلِكٍ وجيزه

 

واللهَ أستعينُ في أرجوزةٍ

كي يحفظَ الحكمَ بلفظٍ سَهْل

 

أوجزتُها للمبتدي والطفلِ

ثم تحدث عن معرفة الله سبحانه، ومعرفة صفاته وأسمائه ، ثم انتقل إلى الفقه فقال في أقسام المياه:

أو طاهرٌ أو ما كرِهْنا أو نَجِسْ

 

الماءُ إما مُطْلَقٌ لا يَلْتَبِسْ

أوصافُه أو بعضَها بأجنبي

 

فالمطلقُ الطَّهور ما لم تُسْلَب

وريحُه ولا يزول حكمُه

 

وهي ثلاثٌ لونُه وطعمُه

أوصافُه أو بعضُها تَغَيَّرا

 

كالوردِ والرَّيحانِ مما طَهُرا

يصلح لا في سائر العبادة ([66])

 

فإنما استعماله في العادة

فالشاعر هنا ذكر أوصاف الماء المطلق والطاهر، وذكر المكروه والنجس، وكان من صفات الأول عدم تغير اللون والطعم والرائحة أما ما تغير لونه بطاهر فإنه يستعمل إلا في العبادة، وهذه المعلومات الفقهية أداها صاحبها بأسلوب سهل هين لين ليسهل حفظه على الصغار والكبار.

2- ومن الشعر التعليمي أيضاً الأسئلة العلمية التي توجه إلى العلماء في علوم شتى فعلي بن عبد الكافي ([67]) كان عالماً وفقيهاً، فكتب إليه الصفدي سؤالاً من علم المناظر جاء فيه :

فوائدٌ كالدِّيَمِ الهاطِلَةْ

 

قاضي قضاةِ الشامِ يا مَنْ له

يلقاه بالأجوبة الفاصلة

 

ومَنْ إذا حَلَ بنا مُشْكِلٌ

بينَةٌ تَعْضُدُه عادلَةْ

 

من كذّبَ الحِسَّ فما عنده

غدا خطوطاً للثرى نازلة

 

لكنَّ هذا القَطْرَ في جوِّه

تُبْصرها دائرةً جائِلَةْ

 

كذلك النقطةُ فوق الرحى

أولا، فدعواكُمُ إذا باطِلَة

 

فبيّن العلةَ في صدقِنا

بُدورُها مشرقةٌ كاملة

 

وابقَ مدى الأيامِ في نعمةٍ

فالشاعر ذكر الحس، والقطر، والثرى، والرحى، والنقطة، والدائرة… في معرض حديثه عن قطرات المطر كيف تبدو مستقيمة في الجو، مدورة على حجر الرحى وكان جواب الصفدي مختصراً ، وقد بين فيه أن السرعة في تقاطر الماء سبب هذه الرؤية([68])

ومن الأسئلة العلمية ما ورد للإمام أحمد بن علي بن مشرف، وكان قد سئل في الطلاق الثلاث بلفظ واحد فقال بعد حمد الله والصلاة على رسول r :

زوجتَه وبالثلاثِ نطقا

 

يا سائلي عن رجل قد طلَّقا

مُرتكِباً مُحَرَّماً مُبتدِعا

 

بلفظةٍ واحدةٍ قد جمَعا

فالحكم أن يضربَ ضرباً موجِعا

 

ثم أتى مُسْتفتِياً ليرجعا

وبائنٌ في الشرعِ غيرُ رجعي

 

لأن ذلك الطلاقَ بِدِعي

أفتى بلا علمٍ فَضَلَّ وأَضَلّ ([69])

 

فمن أباحَه له ومن أحلّ

3- ومما يلحق بهذا النوع الإجازات العلمية وهي تشبه الاعتراف بالشهادة العلمية التي تشير إلى كفاءة صاحبها في علم من العلوم،وقد سجلت بأسلوب شعري لا نثري ،من ذلك قول زين الدين محمد بن محمد المصري ([70]) :

رويْتُ عن الأشياخ في سالفِ الدهر

 

أجزْتُ لهم أبقاهمُ الله كلَّ ما

وما جادَ من نظمي وما راقَ من نثري

 

وما سمعَتْ أذُنايَ عن كلِّ عالمٍ

بريءٌ من التصحيف عارٍ من النكر

 

على شرطِ أصحابِ الحديثِ وضبطِهم

له الحمدُ في الحالين في العُسر واليُسْر ([71])

 

وبالله توفيقي عليه توكُّلِي

وهكذا رأينا أن الشعر التعليمي كان فناً أقرب إلى النثر منه إلى الشعر، فموضوعه العقلي يؤدى نثراً في العادة، ولكن الشعراء نظموه بلغة سهلة واضحة، وبصورة مباشرة لا تورية فيها ولا إيحاء ولا تزويق، إلا في الحفاظ على وحدة القافية في كل شطرين وهذا مما أكسب النص نغمة موسيقية فجعل فكرته قريبة من الذهن، سهلة الاستذكار، وقد طالت هذه القصائد عند بعضهم حتى بلغت خمسة آلاف بيت.

وكثر هذا اللون الشعري حتى غدونا نراه يستخدم في التعليم عامة كتعليم مفردات اللغة المتعلقة بقضية تاريخية أوغير تاريخية ، ومصطلحات العروض ([72]) و أسماء الخلفاء([73]) وأسماء الخيل([74]) حتى استخدم في المجالات العلمية إذ نظم به أسماء الجروح.

([1]) النقد الأدبي، قطب /63-67، وأصول النقد الأدبي /307 .

([2]) العقود /226 .

([3]) خلاصة الأثر 3/349 .

([4]) فتح الله بن محمود البيلوني (977-1042هـ) شاعر حلبي له مؤلفات : معجم المؤلفين 13/410، والفوائد البهية /389

([5]) خلاصة 3/256، إعلام 6/241 .

[6]([6]) أعيان الشيعة 6/38 .

([7]) ريحانة الألبا 1/124 .

([8]) ديوان البارودي 1/163 .

([9]) خلاصة 3/257 وإعلام 6/242 .

([10]) نفحة الريحانة 2/502 .

([11]) محمد بن عبد الرحمن الغزي (1096-1167هـ) مفتي الشافعية بدمشق، وشاعر حسن الشعر: ينظر له في سلك الدرر 4/53 .

([12]) سلك الدرر 4/57 

([13]) إعلام 6/336-337 .

([14]) خلاصة 2/296، والشطر الأخير مضمن من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ينظر لذلك في المرجع نفسه /297 .

([15]) أعيان العصر 3/72 .

([16]) شاعر من العصر المملوكي (ت658هـ) : إعلام النبلاء 4/422 .

([17]) إعلام 4/423 .

([18]) يوسف الدادة البيرامي (ت1316هـ) شاعر حلبي مجيد : إعلام النبلاء

([19]) إعلام 7/444 .

([20]) سلك 4/92 .

([21]) إعلام 6/252 .

([22]) الضوء اللامع 2/65 .

([23]) محمد بن علي التيزيني شاعر من العصر المملوكي (ت876): إعلام 5/271 .

([24]) إعلام 5/271 .

([25]) العقود /57 .

([26]) إعلام 7/444 .

([27]) إعلام 6/263 .

([28]) ريحانة الألبا 1/50 .

([29]) أحمد بن محمد السلمي المنصوري شاعر من العصر المملوكي يعرف بالهائم ولد 798: نظم العقيان ص77-78 .

([30]) نفسه /81 .

([31]) إعلام 7/445 .

([32]) أحمد بن أبي القسم من أعيان اليمن ولد (820هـ) وتوفي سنة بضع وستين: الضوء اللامع 2/62 .

([33]) الضوء 2/63 .

([34]) العقود /182 .

([35]) إعلام 7/445 .

([36]) محمد بن أبي بكر الهمداني (635-721هـ) شاعر من العصر المملوكي: أعيان العصر 4/355 .

([37]) أعيان العصر 4/358 .

([38]) العقود/46 .

([39]) سلك 4/91 .

([40]) نظم العقيان /81 .

([41]) أعيان الشيعة 9/247، الكشكول 1/24، بهاء الدين العاملي /101 .

([42])إعلام النبلاء 6/261 .

([43]) سعد الدين هو سعد بن محمد الديري (768-867هـ) قاضي القضاة له مؤلفات منها تكملة شرح الهداية للسروجي: نظم العقيان /115 والشعر في الصفحة نفسها.

([44]) نظم العقيان /115 .

([45]) العقود /113 .

([46]) علي عبد الكافي (683-756هـ) شاعر وإمام زاهد وفقيه: ينظر له في أعيان العصر 3/417.

([47]) أعيان العصر 3/440 .

([48]) نطس: خبير حاذق عالم بالأمور: لسان العرب مادة نطس .

([49]) ديوان العشري /165 .

([50]) علي بن زيد الردماوي (741-813هـ) شاعر يمني جاور في مكة المكرمة وانتقل بين البلدان: ينظر له في الضوء اللامع 5/221 .

([51]) الضوء 5/222 .

([52]) ديوان العشري /200-201 .

([53]) سورة الزمر/9 .

([54]) نظم العقيان /89 .

([55]) نفحة الريحانة 2/461 .

([56]) في النقد الأدبي، عتيق/209، في نظرية الأدب /152 .

([57]) معادن الذهب/219 .

([58]) معجم المؤلفين 6/115، ومعجم المطبوعات 1/215، والخلاصة 3/70 .

([59]) الخلاصة 4/436، إعلام النبلاء 6/332 .

([60]) طبعت هاتان المنظومتان مع شرحهما عام 1023 في جزأين، وكان الأصل للفوائد السمية والهامش لإرشاد الطالب، وينظر لهما أيضاً في معجم المطبوعات 2/1576 .

([61]) إعلام النبلاء 7/432

([62]) الفوائد في أصول علم البحر والقواعد /141

([63]) حاوية الاختصار /6-7 .

([64]) الأشاير: الإشارات.

([65]) حاوية الاختصار /37 .

([66]) ديوان علي بن المشرف /263 ، وسيمر في التشكيل اللغوي أرجوزة في علم التجويد ص/  475    .

([67]) علي بن عبد الكافي (683-756هـ) قاضي قضاة الشافعية، كان بارعاً في التفسير والمنطق واللغة والأدب والنحو، له مؤلفات كثيرة: أعيان العصر 3/417 .

([68]) أعيان العصر 3/ 445-446.

([69]) ديوانه 150-151 .

([70]) زين الدين أبو القاسم محمد بن محمد المصري (628-720هـ) قاضي القضاة: أعيان العصر 5/132 والشعر في ص133، وينظر لمثله في إعلام النبلاء 6/344 ..

([71]) المرجع السابق نفسه.

([72]) الضوء اللامع 7/167.

([73]) أعيان العصر 4/526 .

([74]) أعيان 3/225 .

وسوم: العدد 669