رسائل من أحمد الجدع 22

رسائل من أحمد الجدع

22

إلى الشاعر المبدع حسن بن محمد الزهراني

أحمد الجدع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المسلمون ، يا أخي حسن ، ومنذ أن افتقدوا جامعتهم الإسلامية بأفول الخلافة العثمانية وبتصدع البنيان الإسلامي، وهم يحلمون ، يحلمون بدانة الإسلام ، اللؤلؤة الكبيرة التي أضاعوها بانصرافهم عن دينهم وعن ثقافتهم ، ودخولهم في جحر الضب .

دانة الإسلام هي الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ، ولأنك جعلتها حلماً وهاجساً لكل مسلم فقد أبدعت فيها قصيدتك الرائعة التي اخترتها أنا من بين أجمل مئة قصيدة في الشعر الإسلامي المعاصر ، وما كان لي أن أختارها لولا تفوقها البياني ، ونجاحها في التعبير عما في نفسي ونفس كل مسلم حرّ أبيّ .

كان بودي لو جعلتها دانة الرؤى ، فالرؤيا أقرب إلى التحقق من الحلم .

ولأن رؤيتك إسلامية كنت عضواً في رابطة الأدب الإسلامي ، وكنت أيضاً عضواً ناشطاً في جمعيات أخرى ، وكانت مساهماتك في هذه الجمعيات والنوادي موضع إعجاب بما تلقيه من شعر رفيع .

أخي شاعر المستقبل الإسلامي :

لقد أطلق عليك محبوك من أهلك في الباحة حيت ولدت في إحدى قراها لقب شاعر الباحة ، حسناً فعلوا لأنهم أحبوك بحبهم للباحة، ولكنك أوسع من ذلك وأرحب ، ولست أدري لم ساقني قلمي لأطلق عليك لقب : شاعر المستقبل الإسلامي ، ولعله أن يكون استمد ذلك من وجداني الذي يحسن الظن بك ، ويثق بشعرك الشادي فوق شجرة الإسلام الوارفة .

أقول لك : لو أنك أخلصت شعرك للإسلام ودعوته ، " ودانة أحلامه " لانتظمت في السلسلة الذهبية من شعراء الإسلام ، ألا تحب أن تكون إلى جانب حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك ومن جاء بعدهم وسلك طريقهم من شعراء الإسلام ، أولئك الذين نصروا الإسلام بشعرهم كما نصروه بسيوفهم .

أخي الشاعر المبدع :

أصدرت عدداً من المجموعات الشعرية أريد أن أوثقها هنا ، وأطلع قارئ هذه الرسالة عليها لعله أن يبادر إلى البحث عنها وقراءتها حتى يمتع ذوقه بالشعر الرفيع :

1- أنت الحب ( 1409 ه ) .

2- فيض المشاعر ( 1412 ه) .

3- صدى الأشجان ( 1418 ه )  .

4- ريشة من جناح الذل ( 1420 ه) .

5- قُبلة في جبين القِبلة ( 1423 ه) .

6- تماثل ( 1425 ه) .

7- قطاف الشغاف ( 1427 ه) .

8- أوصاب السحاب ( 1427 ه ) .

والجدول المنساب من ينبوعه الثر لا يتوقف عن الجريان .

سعدت بلقائك في معرض الرياض العام 2010 ، وغمرتني بكرمك فأهديتني مجموعتيك : "قطاف الشغاف" و "أوصاب السحاب " ، وهما عندي بالمكان المكين ، أرجع إليهما لأمتع نفسي بالشعر الرائق السائغ ، ذلك لأننا أصبحنا في هذه الأيام نمطر بالشعر الذي لا يمكن أن يقال له شعر، مما تقذفنا به المجلات والصحف والإذاعات مسموعها ومرئيها .

يا شاعرنا الشقي بمهنتك مديراً في مدرسة ، وقد شقيت أنا مثلك بهذا المنصب ، لو وافتنا دانة الأحلام لسعدنا بهذه الإدارة ، ذلك لأن هدف هذا الحكم الجبري الذي نعيشه تحطيم الطلاب وتهميش العلم ، ونحن بانتظار أن يتحقق الحلم ليكون التدريس هو الوسام الرفيع على صدر ممارسيه  .

وقد سعدت بقراءة قصيدتك " هموم مدير مدرسة " فما أبقيت من شيء إلا شكوت منه لأنك مارسته :

أصبحت وا أسف الفؤاد مديرا 

 

فوقعت في سجن الهموم أسيرا 

كنت أود أن أختار منها، ولكن مساحة هذه الرسالة محدودة، ويكفي مطلع القصيدة فهو ينبي عن بقيتها .

والشيء بالشيء يذكر ، فقد رفع شوقي من شأن المعلم في قصيدة له مشهورة وأطلق عبارته الخالدة : " كاد المعلم أن يكون رسولا " قال شوقي هذا لأنه لم يمارس التدريس ، أما الشاعر البارع ، شاعر فلسطين الكبير إبراهيم عبد الفتاح طوقان ، فقد مارس التدريس، فلم يعجبه قول شوقي ، فرد عليه بقصيدة رائعة ، فيها بيت واحد لخص به المعاناة التي يتحملها المدرسون :

لو مارس التعليم شوقي مرة

 

لقضى الحياة شقاوة وخمولا

وبعد يا شاعرنا الكبير ، في البحر أكثر من دانة ، ونحن بانتظار داناتك الأخرى .