وما أنا إلا عبد للشريعة !!

زغلول عبد الحليم

إماطة الأذى

شكا رجل إلي صلاح الدين الأيوبي خمصاً له. فقال صلاح الدين: لقد نصبنا المحاكم الشرعية لتحكم بينك وبين خصمك، لك أو عليك، وما أنا إلا عبد للشريعة أنفذ ما تحكم به.

صلاح الدين الأيوبي الذي سبه البعض على قناته الفضائية!! صلاح الدين القائم على تنفيذ شرع الله يسب على قناة فضائية مصرية. لقد هانت علينا عقيدتنا! هل أدرنا ظهرنا للشريعة؟

يرجع اللواء أ/ ح. فوزي طايل أستاذ الإستراتيجية الشاملة بأكاديمية ناصر العسكرية أسباب تخلف الأمة واستمرار تدني الأوضاع فيها، وعدم قدرتها على النهوض إلي الأسباب الآتية:

أولاً     : انفصال الأمة عن شريعة الإسلام ومنهاجه، وضعف الإيمان في النفوس.

ثانياً    : عدم وضوح منظومة القيم الإسلامية في النفوس واختلاطها بغير من الأمور الفاسدة.

ثالثاً    : عدم وجود أي فكر استراتيجي إسلامي شامل يتعامل مع المستقبل.

رابعاً   : تغيب إرادة التغير والنهوض.... بل والإرادة بشكل عام. من كتابة (كيف نفكر استراتيجياً)، صـ25، طبعة 1418هـ، 1997م.   

لقد قال الدكتور/ فوزي طايل هذا الكلام عام 1997م ونشر بعد رحيله رحمه الله رحمه واسعه وقد بثه أيضاً في كتابه.

(ثقافتنا في إطار النظام العالمي الجديد) الصادر في1991م والدكتور اللواء أ.ح. فوزي محمد طايل من أعلام الفكر الإستراتيجي وقد تخرج في مدرسة العبقري حامد عبد الله ربيع. وترجع أهمية مؤلفات د/ فوزي طايل إلي أنها جميعاً مستمدة من العقيدة ومستندة إلي الشريعة (ولا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقليه بخلاف كتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم) صـ15 (من كتابه كيف استراتيجياً). لم يسترح النظام الحاكم وقتذاك إلي فكر الدكتور/ فوزي طايل فضيق على الرجل حتى مات همساً كما مات غيره. رحم الله الدكتور/ فوزي طايل رحمه واسعه.

نعود إلي أسباب تخلف الأمة واستمرار تدني الأوضاع فيها وعدم قدرتها على النهوض نري أن ما ذكره الدكتور/ طايل هو توصيف دقيق للحالة الإسلامية العامة منذ إسقاط الدولة العثمانية على أثر إنهيار منظومات (القيم) التي ترتكز عليها الأهداف الرئيسية وبها يتم تبرير السياسات.

أن كلمة "قيم" هي جمع "قيمة". أي الأمر المعتدل وهي كذلك الأمر الثابت المستديم ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) ( البينة / 5 ) ، وهي الأمر الذي بكماله تستقيم النفس، والطباع، وعلى قدر إدراك الأفراد لمضامينها وتمسكهم بها تستقيم العلاقة بينهم وتقل فرص التدافع، ويزداد قدر التوافق الفكري، والتناسق الثقافي، ويسهل الخطاب بين الرؤساء والمرؤوسين، وتسهل تعبئة الأمة وإستنهاض إرادتها.

إن القيم الإسلامية هي الدين نفسه فهي الجامع للعقيدة والشريعة والأخلاق وللعبادات والمعاملات، ولمنهاج الحياة والمبادئ العامة للشريعة وهي العمد التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي فهي ثابتة بثبات مصدرها وهي معيار الصواب والخطأ ومن ثم فليس للحريات المطلقة الخارجة عن حدود التكليف الألهي مكان بين قيم الإسلام... ولا تعد الرفاهية والرخاء وإشباع الغرائز بلا حدود قيماً إسلامية بل القيمة هي ضبط النفس وترويضها... "فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)"                              (النازعات : 37/39)

وقد استطاع الفكر الوافد أن يكسر منظومة القيم الإسلامية وبانكسارها واختلاطها بغيرها من الأمور الفاسدة انفصلت الأمة عن شريعتها وتاه الناس مما أدي إلي عدم وجود فكر استراتيجي شامل يتعامل مع المستقبل فوقفت الأمة أمام قضاياها عاجزة في أكثر الأحوال. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

... وما أنا إلا عبد الشريعة!! أصبحنا الآن عبيداً للحرية المطلقة وإشباع الغرائز. وتحقق بلا شك الهدف الاستراتيجي للعدو وكسر منظومة القيم العليا!!.

وتسألني ما بال حديقتنا ؟ ، وأنا أسأل ما بالك تسأل ؟

كأنك لا تعلم أن الشوك حصاد الشوق ، وأن الدمعة بنت الأحزان .. (من شعر كمال عمار)

نعم، ودون مواربه لقد سقط المجتمع في هاوية الحرية المطلقة، لقد سقط المجتمع في هاوية إشباع الغريزة لقد انتصر علينا يهود بعد أن ادرنا ظهرنا للشريعة!! وغاب عنا الملوك الذين كانوا عبيداً للشريعة!! وبغياب الملوك الذي كانوا عبيداً للشريعة غابت شمس الأمة.

الكارهون للشريعة في حرب مع الأمة لكسر إرادتها وتعطيلها عن النهوض ببث السموم بين صفوفها وإغراقها بالمفاهيم المضللة والأفكار التالفة التي تغزو كل حياتنا بلا حياء أو خجل.