نار الشمال فلسطينية ...... أم عربية بنكهة إيرانية

علاء الريماوي

تقدير موقف :

إتهم الجيش الإسرائيلي رسميا، ليلة أمس عناصر من حركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية إطلاق 4 صواريخ على الجليل الأعلى شمال فلسطينية المحتلة، في حادثة لم يتم تكرارها منذ العام 1973 .

في توصيف الأمن الإسرائيلي لتراتيبة قرار إطلاق الصواريخ " إن وحدة القدس، في الحرس الثوري الإيراني، أعطت أوامرها لمجموعات مسلحة تابعة للجهاد الإسلامي تنشط على الأراضي السورية، بتنفيذ عميلة إطلاق الصواريخ " .

مصدر كبير في الجهاد الإسلامي في تصريح لمركز القدس "  وصف الإتهام بالمضحك، ورفض جملة وتفصيلا، أن يكون للجهاد أي صلة بالحادثة " .

 هذا الموقف يدفعنا في مركز القدس "  قراءة البيئة الأمنية (في الأراضي السورية ) التي تتهمها إسرائيل،  بالتخطيط ، والتتفيذ لعمليات ضد أهداف إسرائيلية وهي على النحو الآتي .

أولا : حزب الله : ترى إسرائيل أن هناك بنية تحتية، قام على إنشائها، (أبناء الشهيد عماد مغنية ) وبالتعاون مع الأسير المحرر (الدرزي ) سمير القنطار، حيث بنت قواعد عسكرية  لها في المناطق الدرزية، ومناطق أخرى تحت سيطرة النظام السوري بغرض إشعال منطقة الحدود عند الحاجة الإيرانية  .

ثانيا : إيران . التقديرات الامنية  الإسرائيلية تشير إلى أن وحدة القدس في الحرس الثوري الإيراني، أسس مجموعات مسلحة في سوريا لشن هجمات ضد أهداف إسرائيلية، في حال تم الإحتياج لها في إطار ما يعرف بالتوزانات بين الطرفين في هذه المرحلة " .

ثالثا: جماعات مسلحة معارضة للنظام السوري : القراءة الإسرائيلية، تقدر أن جماعات سورية معارضة، تتبنى فكر الإخوان المسلمين وأخرى، ترتبط بالجهاد العالمي، لها رؤية واضحة لمواجهة إسرائيل، وهذا ما أكدته تحقيقات مع شباب تم إعتقالهم من الفلسطينيين في الداخل، ومجموعات أخرى تم إعتقال وتصفية بعض عناصرها جنوب الضفة الغربية قبل عامين " .

رابعا : حركة حماس : تتهم إسرائيل حركة حماس، بتواجد عسكري في سوريا، من خلال بعض مراكز التدريب والعلاقة مع جهات سورية، هذه الجماعة، أثير حولها حديث أثناء الحرب على غزة، وإتهمت بإطلاق مجموعة صواريخ من الشمال،  الأمر الذي جعل إسرائيل تتهم أحد قيادات حماس البارزة في الخارج بالسعي لتوسيع حضور حماس العسكري في سوريا ولبنان  " .

خامسا : جماعات فلسطينية ، كالجبهة الشعبية القيادة العامة والجهاد الإسلامي وبعض الفصائل الفصائل الفلسطينية ، إتهمتها إسرائيل، بإطلاق بعض القذائف بإتجاه إسرائيل، وشنت في المقابل إسرائيل النار على قواعدها بعض منها خلال الفترة الماضية " .

الرؤية الإيرانية للقوى على الأرض السورية

سعت إيران لخلق، جماعات مسلحة، قادرة على ضرب مواقع إسرائيلية والإضرار بها في سوريا ولبنان، لإستخدامها في حال وجهت إسرائيل، ضربة للمفاعلات النووية ، أو قام الغرب،  بتهديد  تواجدها  في المنطقة .

على هذه القاعدة أقامت إيران تحالفات في  الشرق ، ورسخت قواعد من التعاون، مع فصائل فلسطينية، ولبنانية، بل إنتقلت في هذه الرؤيا بعد إختلال الموازين في سوريا،  إلى إدخال وحدات من الجيش الإيراني في هذا الملف وعيره (الحرب السورية الداخلية )،  بعد يقينها أن الضربة الإسرائيلية باتت محتملة (قبل عامين ) .

إيران سعت بهذا التقدير  وفي 20 شهر الماضية،  لإبراز حضور مسلح سوري، عبر بعض الهجمات محدودة، شنت على حدود سوريا، في إطار ما يعرف ببريد الرسائل التي مارسته إسرائيل أيضا على الأرض السورية .

هذا الإبراز وصل أشده من خلال نشاط واسع في المناطق المحاذية للجولان ، خلال الشهور الثلاث الماضية، وقبيل مصادقة الكونجرس الأمريكي، على الإتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى.

لكن الأهم في هذا النشاط ماجرى أمس واليوم من إطلاق 4 صواريخ على الجليل الأعلى، ثم إستشهاد 4 من المقاتلين  .

من يقف وراء الصواريخ الأربعة ؟

في هذا التساؤل هناك جملة من الإحتمالات أهما :

 أولا :  إسرائيل : هذا الإحتمال وإن كان ضعيفا، لكنه يظل ممكنا،  خاصة في ظل التسويق الإسرائيلي الآن بأن الضربة جاءت، لتؤكد خطورة إيران على المشهد العالمي للسلم، مما سيزيد من إحتمال قيادة إيران للإرهاب من جديد،  بعد تطبيق الإتفاق النووي الإيراني ورفع الحصار الدولي لها،  الأمر الذي سيتيح لإيران، دعما كبيرا  للجماعات المسلحة .

ثانيا : إيران : هذا الخيار المرجح لدينا في مركز القدس ، كونه جاء في ظل  التأثير الكبير للحكومة الإسرائيلية على موافقة الجونجرس الأمريكي على الإتفاق النووي .

إيران أرادت عبر الصواريخ إيصال رسالة، بأن تعطيل التسويات ، في الملف النووي، وسوريا، سيعزز إمكانية إنفجار أو إستنزاف طويل على الحدود الشمالية، المتحكم فيه إيران .

هذا المنطق، تحسنه طهران، وسبق أن إستخدمته في مفاصل عدة، خلال الثورة السورية، لكن، الأيام القادمة سيكون أكثر حضورا لقرب حسم توجهات الغرب في أحد أهم الملفات الإيرانية .

الخلاصة : يعتبر الشرق في هذه الأيام،  بريد رسائل،  يستخدمه الأقوياء ... في الأدوات  قد تكون  فصائل، جماعات، أشخاص .

 لكن للعاقل  تظل قراءة مستقلة، تفيده، يؤسس على متناقضاتها،  منهجية تساعده في تحقيق الأهداف .