الراعي الأمين

نوال مهني

نوال مهني - مصر

شخصيات المسرحية :

1 ـ عبدالله بن عمر : (الصحابي الجليل) .

2 ـ الصديق الأول لعبدالله .

3 ـ الصديق الثاني لعبدالله .

4 ـ راعي الغنم .

5 ـ صاحب الأغنام .

المنظر الأول

(عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ ومعه اثنان من أصحابه في رحلة داخل الصحراء راكبين دوابهم ، يجدّون في السير ويبدو عليهم القلق) .

عبدالله : لقد نفد ما معنا من زاد وما زال الطريق أمامنا طويلاً ، فماذا نحن فاعلون ؟

الصاحب الأول : أرى أن نعرج على بعض البدو ونسألهم طعاماً وماءً .

الصاحب الثاني : لقد توغلنا في الصحراء بعيداً عن البدو وليس أمامنا سوى أن نصطاد شيئاً .

الصاحب الأول : لم أر في الطريق شيئاً يصاد ، يبدو أننا في منطقة جرداء لا نبت فيها ولا حيوان .

الصاحب الثاني : نعم إنها منطقة قاحلة لا نبت فيها ولا حيوان ، أخشى أن نهلك جوعاً وعطشاً .

عبدالله : (يصيح بأعلى صوته ويشير بإصبعه) أبشرا يا صاحبيّ ، فإني أرى سرب أغنام يلوح على البعد .

الصاحب الأول : (مازحاً) أخشى أن يكون سراباً .

الصاحب الثاني : (ينظر في الاتجاه الذي أشار إليه عبدالله ويصيح) لالا ، بل هو حقيقة ، هذا سرب أغنام يسوقه راع ، هيا نذهب إليه ، جِدُّوا في السير حتى نلحق به .

المنظر الثاني

(المكان الذي فيه الراعي)

عبدالله : السلام عليكم يا أخا الإسلام .

الراعي : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

عبدالله : هلا تبيعنا شاة من هذه الأغنام ؟

الراعي : أنا والأغنام ملك لسيدي ، ولا أملك التصرف فيها .

عبدالله : بإمكانك ان تبيعنا واحدة منها وتخبر سيدك أن الذئب أكلها .

الراعي : أأنا أفعل ذلك ! أأخون الأمانة ! هذا محال .

الصاحب الأول : اسمع أيها الراعي سنعطيك سعراً مجزياً ، فلا تضيع الفرصة .

الصاحب الثاني : والأغنام كثيرة ولن يلتفت سيدك لنقصان واحدة من هذا القطيع ، فماذا قلت ؟

عبدالله : اسمع أيها الراعي ، إننا غرباء في هذا الوادي وقد نفد ما معنا من زاد ، ونريد أن نبتاع إحدى أغنامك كي نقوم بذبحها وشيّها ونعد منها طعاماً ، فكما ترى ، فليس أمامنا وسيلة أخرى للحصول على الزاد في هذه الفلاة القاحلة .

الراعي : لو كنت أملك هذه الأغنام لأعطيتكم ما تريدون دون ثمن ، ولكن كما قلت لكم : أنا وأغنامي ملك لسيدي .

عبدالله : نعم ، قلت لنا ذلك ، إن سيدك لن يراك ، وتستطيع أن تبيعنا واحدة منها وتخبره أن الذئب أكلها .

الراعي : (يظهر الغضب في وجهه ويصيح وهو ينتفض) وأين الله . أين الله !!!؟

(يتماوج صدى الصوت في الفضاء الساكن بقوة بين الجبال ، فيسمع له دوي يتردد : أين الله ، أين الله !!؟ تجتاح الجميع رهبة ، يعقبها لحظات صمت وخشوع)

عبدالله : (يلتفت إلى صاحبيه في سعادة) الحمد لله ، لقد نجح الرجل في الامتحان ، لا بد أن نفعل شيئاً نجزي به هذا الراعي الأمين على أمانته .

الصاحبان : (في صوت واحد) الأمر لك يا بن عمر ، والله إنه لرأي حسن .

عبدالله : (يلتفت إلى الراعي) أين سيدك ، وما اسمه ؟

الراعي : (يشير بيده) إنه يقطن قرية في بطن هذا الوادي ويعرف صاحب الأغنام .

(ينطلق الركب سائراً نحو القرية)

المنظر الثالث

(عبدالله وصاحباه في القرية مع صاحب الأغنام)

عبدالله : السلام عليكم يا أخا الإسلام .

الرجل : وعليكم السلام ورحمة الله ، تفضلوا ، تفضلوا .

عبدالله : شكراً يا أخي ، فقط نريد أن تدلنا على صاحب الأغنام الذي يقطن هذه القرية .

الرجل : ولماذا تسألون عنه ؟ هل تعرفونه ؟

عبدالله : إننا نريده في أمر مهم ، لذا جئنا من أجل أن نتعرف عليه .

الرجل : أنا صاحب الأغنام ، لعل الأمر خير .

الصاحب الأول : هو خير بإذن الله .

الصاحب الثاني : احك له يا بن عمر ما حدث مع راعي الغنم .

صاحب الأغنام : هل تقصدون الغلام الذي يرعى أغنامي ؟

عبدالله : نعم ، كنا نسير في الصحراء ، ونفد ما معنا من زاد ، وأردنا شراء شاة من الغنم منه ، فرفض وقال : أنا وأغنامي ملك لسيدي ، وعندما قلنا له : ولكن سيدك لا يراك ، قال : فإن كان هو لا يراني فإن الله يراني .

الصاحب الأول : وقد ضاعفنا له الثمن فأبى .

الصاحب الثاني : وحينما قلنا له : ازعم لسيدك أن الذئب قد أكلها غضب وصاح : وأين الله .. أين الله ؟!

صاحب الأغنام : إنه راع أمين ورجل صالح ، وهو محل ثقتي .

عبدالله : نعم هو كذلك ، إنه رجل مؤمن يخاف الله ، فهلا تفضلت ببيعه لنا هو والأغنام ؟

صاحب الأغنام : وكيف أفرط في عبد أمين كهذا إنه يحفظ أغنامي وأموالي ؟

عبدالله : أصلحك الله يا اخي ، إننا نريد أن نعتقه لوجه الله عز وجل جزاء أمانته ، بع الغلام لنا وخذ ما تشاء من نقود .

صاحب الأغنام : إن كان هذا مرادكم فإن لكم ما تريدون (يدخل البيت ثم يخرج وبيده صك مبايعة الراعي ، يعطيه لعبدالله الذي يسلمه مبلغاً من المال) .

عبدالله : (يلتفت إلى صاحبيه) هيّا بنا نذهب للقاء الراعي .

صاحب الأغنام : انتظروا سأحضر لكم بعض المؤن من الزاد والماء تكفيكم حتى تبلغوا دياركم سالمين بإذن الله .

عبدالله : شكر الله لك .

المنظر الرابع

(عبدالله وأصحابه مع الراعي)

عبدالله : توقف أيها الراعي الأمين (يقف الراعي وينظر إليه مستغرباً ، فيقدم له صك المبايعة قائلاً) : خذ هذا الصك ، أنت الآن حر لوجه الله تعالى وهذه الأغنام ملك لك ، لقد ابتعناها من سيدك صاحب الأغنام ، لقد أصبحت سيداً وهذه أغنامك ، أنت الآن صاحبها .

الراعي : (في سعادة وذهول ، يضم الصك إلى صدره ، وتلمع الدموع في عينيه) : جزاك الله خيراً يا سيدي ، جزاك الله خيراً .

عبدالله : لقد أعتقتك كلمة " أين الله " !؟ في الدنيا وأسأل الله أن تعتقك يوم القيامة .

الصاحبان : (في صوت واحد) جزاك الله خيراً يا بن عمر ، جزاك الله خيراً .

ستار