خواطر فؤاد البنا 855

أ.د. فؤاد البنا

إن الأماني التي لا تستقيم على ساق الأسباب ولا ترتوي من مياه العمل والدأب، إنما هي في الحقيقة مجرد أضغاث أحلام، وعندما يحصحص الحق سيكتشف أصحاب الأماني كم كانوا يخدعون أنفسهم وسيدركون أنهم لم يحصدوا سوى السراب!

**************************************

لا يختلف عاقلان على أن الحركات الإسلامية تتعرض لحرب شاملة من أعداء أقوياء ماكرين ومتسلحين بالكثير من الوسائل والأساليب، لكن ذلك لا يعني أن المعركة محسومة وأنه ليس أمام الإسلاميين إلا الاستسلام ورفع الراية البيضاء، بل يجب أن يكون ذلك المكر سببا إضافيا لحسن قراءة الواقع وإحكام الخُطط ولتمتين الروابط وإعلاء البناء. ويجب أن يرسي الإسلاميون الاستراتيجيات ويرسموا التكتيكات التي تجعل أسلحة الأعداء ترجع إلى صدورهم، وتجعل أيديهم ترتد إلى أفواههم حينما يعضّون أناملهم  من الحنق والغيظ ومن الحسرة والندم!

**************************************

طوبَى لمن وقفوا على ثغور الوطن يمنعون الغرباء من التسلل  إلى حرماته، طوبى لمن وقفوا منافحين عن كل جميل في بلدهم؛ فكانوا كالأطواد في عظمتها، وصاروا مثل النخيل في استقامتها، والأسود في شجاعتها. طوبى لمن ظلوا في جبل عزتهم مرابطين يرومون النصر ولا شيئ غيره، ويرمون الأعداء بسهام يقظتهم ونبال ثباتهم، ولم ينزلوا من جبل الإباء لجمع الغنائم وحيازة المصالح، ولم يقبلوا أي مصالح تدفعهم للزهد في قضيتهم والتقليل من وطنيتهم!

**************************************

نتيجة احتلال الغربيين ل(مَتْن القوة) في العالم الحديث؛ فقد نجحوا في (إحياء) أساطير الأولين، وبسبب سقوط المسلمين في (هوامش الضعف) فقد نجحوا في (إماتة)  الكثير من القيم الحضارية العظيمة لهذا الدين في نفوس عامة البشر، حتى صاروا فتنةً للذين كفروا وصادّين للناس عن دخول هذا الدين العظيم، رغم عطشهم الروحي الشديد بسبب حَرور المادية الذي أورثهم القلق وأصابهم بالكثير من العلل النفسية. فمتى يرتفع المسلمون إلى المستوى الذي يليق بعظمة الإسلام؟ وكيف يمكن أن يتحقق ذلك السموق؟

**************************************

نتيجة احتلال الغربيين ل(مَتْن القوة) في العالم الحديث؛ فقد نجحوا في (إحياء) أساطير الأولين، وبسبب سقوط المسلمين في (هوامش الضعف) فقد نجحوا في (إماتة)  الكثير من القيم الحضارية العظيمة لهذا الدين في نفوس عامة البشر، حتى صاروا فتنةً للذين كفروا وصادّين للناس عن دخول هذا الدين العظيم، رغم عطشهم الروحي الشديد بسبب حَرور المادية الذي أورثهم القلق وأصابهم بالكثير من العلل النفسية. فمتى يرتفع المسلمون إلى المستوى الذي يليق بعظمة الإسلام؟ وكيف يمكن أن يتحقق ذلك السموق؟

**************************************

رغم طول السُّلّم التعليمي في حالته الراهنة، والمأخوذ من الغرب بدون غربلة أو تكييف، فإنه لم يحقق المأمول منه، إذ يُخرّج في كل عام الكثير من الأُمّيين الذين لا يعلمون إلا أمانيّ وبعضهم أينما توجّههم لا يأتون بخير، بل لا يكادون يفقهون حديثا ولا يهتدون سبيلاً، وفوق هذا فإن عقولهم تزخر بأوهام المعرفة وخاصة مع حملهم لدرجة البكالوريوس أو الليسانس! وللعلم فقد سُمّي (السُّلَّم) بهذا الاسم لأنه (يُسلِم) مَن ارتقى درجاته إلى مقصده، فهل حقّق هذا السلّم التعليمي المقصد من وضْعِه؟!

**************************************

قال: علامَ اعتمدتَ في قولك بأن لقمة في فم جائع خير من ألف ركعة في جوف الكعبة؟ فقلت: اعتمدت على المقاصد العامة للشريعة والتي تتمحور حول جلب المصالح للإنسان ودرء المفاسد عنه، وما الشعائر التعبدية رغم فرضيتها وعظمتها، إلا وسائل لزرع الدوافع داخل الإنسان من أجل تعظيم حقوق أشقائه من بني آدم، وبدون تحقق المقاصد تفقد قيمتها، أما الله فهو غني عن عبادة العالمين، وقد أخبر تعالى في الحديث القدسي بأن كل البشر في سائر العصور لو كانوا على أتقى قلب رجل منهم - أي على مثل قلب محمد صلى الله عليه وسلم- ما زاد ذلك في ملك الله شيئا. وأقمت العبارة التي قلتها على بعض القواعد المعتبرة عند الفقهاء، مثل قاعدة (حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق الناس مبنية على المشاحة)، وقاعدة (مصلحة الأبدان مقدمة على مصلحة الأديان)، ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى جعل دخول الجنة جائزة لمن أنقذ كلبا من الموت عطشاً، فكيف بإنقاذ من كرّمه الله على خلقه ومن أسجد له ملائكته، وجعل هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عنده من إراقة دمه؟!