دروس من الهجرة السورية

زهير سالم*

أرسل إلي يدعونني إلى محاضرة بعنوان: "دروس من الهجرة النبوية" صلى الله وسلم على سيدنا رسول الله..

والمسلمون منذ كانت الهجرة النبوية يتأملون في وقائعها وسطورها فيشرحون ويكتبون ويحاضرون وينظمون الأشعار في مجاليها دروسها وعبرها وآفاقها وآثارها ..

وهم في عقد الربيع العربي أو الثلاثين عاما التي مرت من إعلان الحرب العالمية على الإسلام والمسلمين أشد حاجة إلى استخلاص الدروس والعبر من أبعاد هجرتهم الأمنية التي يكون دافعها الخوف، أو القهرية التي يكون دافعها الإلجاء، أو الاقتصادية التي يكون دافعها الجوع والفقر..

يحتاج المسلمون أن يعرفوا لماذا؟ وكيف؟ يهاجر أو يهجّر المسلمون الايغور وأهل آراكان وأهل مصر الحرة وأهل السودان وأهل أفغانستان من قبل ومن بعد، لماذا هاجر ويهاجر أهل ليبية وأهل اليمن وأهل لبنان ثم أهل سورية لتي هُجّر حتى اليوم حوالي ثلثي سكانها من المسلمين.

كيف نقتنص الدروس والعبر من الهجرة إلى الفوضى، والهجرة إلى العبث، والهجرة إلى الضياع، والهجرة إلى الذوبان، والهجرة إلى حياة العالة والفراغ في قلب المخيمات !!

نحتاج أن نعرف بموضوعية علمية شرعية وعقلية الفقه الذي أسس لهذه الهجرة، والذي أشار على المجتمعات بها ، فجمّل قبحها، وحسّن سيئات، ولم يبن للمهاجرين حتى " الصفة" يأوون إليها. نحتاج أمن نستشرف تداعيات هذه الهجرة التفتيتية، والقائمة على تفعيل عوامل التعرية والحت والنحت من أطراف المجتمعات، والقوى الأكثر حيوية فيها لإبعادها عنها ..

نحتاج إلى قادة ومفكرين ومحاضرين يحدثوننا عن مثل هذه العناوين التي ما زلنا مختلفين فيها وندفع مع كل صباح ومساء ضريبتها أمة وشعوبا وأفراداً !!

شاع في كتب التراث منذ القرن السادس والسابع الهجري عنوان " علوم نضجت واحترقت" بمعنى أن القول فيها أصبح من اللغو والعبث والقول المعاد المكرور ... وما يزال فينا من يردد : لآت بما لم تستطعه الأوائل

وثمة علوم وقضايا ما يزال ينشد منشدها:

وحدثتني يا زيد عنها فزدتني ... جنونا فزدني من حديثك يا زيد

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية