مراسم دفن ملكة بريطانيا، ومراسم دفن رجالنا الوطنيين في سوريا

م. هشام نجار

أعزائي القراء..

اتابع في هذه اللحظة مراسم وداع الملكة اليزابيت، هذه المراسم لم تزعج المواطن البريطاني رغم كلفتها الباهظة، بل إصطف الشعب البريطاني بعشرات الالوف ليلقوا نظرة الوداع  على جثمانها ، هذا الشعب تجمع منذ الصباح الباكر ، لم تخرجه المخابرات البريطانية بالقوة  من بيوته ومكاتبه ومدارسه لوداع الملكة. بل حضروا بمحض ارادتهم لوداع ملكتهم .

تذكرت في هذه اللحظة حالتين الاولى . مراسم نفوق حافظ اسد ، حيث طلبت المخابرات  من الشعب السوري الاستعداد للتجمع حول نعشه ، وتم مراجعة الخطب من قبل المخابرات حتى تكون معتمدة . رغم ان هذا النافق لم يكن سوى خائن للوطن من المرتبة الرفيعة وقاتل شعبه ، وارسل جيشه للعراق للمحاربة العراق العربي مع الامريكان ، وانهى المقاومة الفلسطينية في سوريا ولبنان .

اما الحالة الثانية ، فهي تذكري لرؤساء خدموا سوريا في فترة الخمسينات  وبنوا وطنا  نظيفا  واقتصاداً رفيعاً منهم دفن خارج وطنه لمنع "نظام الصمود" إعادة جثمانهم لبلادهم .:

شكري القوتلي: 

حُكم عليه بالإعدام من الاحتلال الفرنسي  فلجأ إلى مصر، حيث استمرّ في مقارعة الانتداب، ومجمل أحكام الإعدام التي حصل عليها ثلاثة غير أنه نجا منها. صودرت املاكه عام ١٩٦٣، وغادر إلى بيروت حيث اعتزل العمل السياسي، ، ليموت بعد أيام من هزيمة العرب في حرب ١٩٦٧، فنقل جثمانه إلى دمشق.ودفن بدون مراسم في مقبرة الباب الصغير.

هاشم الاتاسي: 

نشط خلال الانتداب الفرنسي على البلاد كناشط بارز مطالب بالاستقلال خصوصًا إثر تأسيسه وزعامته لحزب الكتلة الوطنية التي لعبت دورًا بارزًا في الحياة السياسية السورية، من تصريحاته:

 "حيث إن الشعب العربي الساكن في البلاد السورية هو شعب لا يقل رقيًّا من حيث الفطرة عن سائر الشعوب الراقية، وليس هو في حالة أحط من حالات شعوب البلغار والصرب واليونان ورومانيا في مبدأ استقلالها، فإننا نحتج على المادة الثانية والعشرين الواردة في عهد جمعية الأمم والقاضية بإدخال بلادنا في عداد الأمم المتوسطة التي تحتاج إلى "دولة منتدبة"

توفي عام ١٩٦٠ ودفن في حمص في مقبرة عادية دون مراسم. 

ناظم القدسي: 

ناشط سياسي منذ الاحتلال الفرنسي  استلم رئاسة مجلس النيابي  ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ، اتهمه أحمد عسه رئيس  تحرير جريدة الرأي العام بانه باع ارضاً له للدولة ليربح من ورائها، تشكلت لجنة حيادية لتقصي الحقيقة وبعد تقصي  دام شهرا كاملاً تبين كذب الادعاء، واعتذر احمد عسه  ، طلب أعضاء مجلس النيابي منه إقامة دعوى على أحمد عسه فرفض حتى لايكون أول رئيس يقيد حرية 

الصحافة ولو كانت الدعوى ضد ترويج  أخبار كاذبة.

توفي عام  ١٩٩٧ ودفن في مقبرة عادية في عمان دون مراسم.

فارس الخوري: 

زعيم وطني سوري، كان أحد الآباء المؤسسين للجمهورية السورية ومن قادة الكتلة الوطنية التي حاربت الانتداب الفرنسي. تسلّم رئاسة البرلمان السوري ثم رئاسة الوزراء في الثلاثينيات والأربعينيات، ليعود رئيساً للحكومة في عهد الاستقلال سنة ١٩٥٤. وهو مؤسس وزارة المالية السورية وأحد مؤسسي كلية الحقوق في جامعة دمشق ومؤسس نقابة المحامين في سوريا وأحد أبرز مُشرعي الدستور السوري، إضافة لكونه أحد مؤسسي منظمة الأمم المتحدة عام ١٩٤٥.

توفي  عام ١٩٦٢ ودفن في دمشق دون  مراسم. 

الشعوب العربية بحاجة لمراجعة شاملة لتاريخهم الحديث لغربلة الحكام ديكتاتوريين المجرمين عن الحكام الوطنيين الشرفاء .

إعادة كتابة التاريخ بيد الوطنيين وليس بيد عملاء المخابرات  صار امراً ضروريا ، من اجل مستقبلنا ومستقبل اجيالنا.