مشكلة امتداد عمر الطفولة الجنسية حتى الخامسة والثلاثين ولكلا الجنسين!!

زهير سالم*

من مشكلات المجتمعات الإسلامية برسم الفقهاء المسلمين

مشكلة امتداد عمر الطفولة الجنسية حتى الخامسة والثلاثين ولكلا الجنسين!!

في شبابنا كان متوسط عمر الزواج 25 سنة، ولاسيما للشباب. كان الناس يرونها طويلة، ويطالبون بالحلول. اليوم ولأسباب اجتماعية - اقتصادية بحتة يمتد هذا العمر حتى الخامسة والثلاثين. ولن أذكر الأسباب العارضة التي تطال بعض المجتمعات ومنها مجتمعنا السوري,,,

امتداد عمر الطفولة الجنسية حتى عمر التخرج من الدراسة العليا، وتكوين النفس، والوفاء بحقوق الباءة المختلفة، على ما ترسمه طبقات المجتمع المختلفة، كل ذلك يسوم أجيال الشباب من الجنسين رهقا، لا يجوز تجاهله، والاغضاء عنه، وإدارة الظهر له، تحت أي عنوان..

نكتب هذا ونحن ندرك حجم المهيجات في العصر الذي نعيش، وحجم الميسرات لطرق الانحراف،.

 نقول للسادة الفقهاء إن أمر هذه المجتمعات بأيديكم، وهو لا يتوقف عند إلقاء خطبة عن التساهل في المهور، وسواد الآباء والأمهات مستعدون أن يدفعوا من حر مالهم لبناتهم لكي لا تكثر العوانس في البيوت. وكذا نقول إن المشكلة لا تعالج بنصائح تقدم على مستوى الفرد، بأن عليه الصوم فله فيه وجاء...

ودعونا نتفق أو نعلن اتفاقنا، حتى لا يتصيد علينا متصيد - وما أكثرهم في هذا الزمان- أن عقد الزواج الإسلامي بين الرجل والمرأة هو الجسر الوحيد الذي يمكن أن تمر عليه علاقة جنسية شرعية أخلاقية صحية ونظيفة مقبولة شرعيا ومجتمعيا...

وأن نؤكد أيضا مع حديثنا عن جسر شرعي، أننا نرفض مع كل الذين يرفضون أن تمر هذه العلاقة، أو تمرر عبر أي نفق من الأنفاق، أو سرداب من السراديب. نؤكد هذا ونحن نعلم أن سيل العرم قد أطاح بسد عظيم مثل سد مأرب. وأن المراهنة على متانة السدود قد تنجح لعقود. منذ مائة عام فقط كان للعفة في حياة الغربيين مفهوم آخر. نتفهم ما كتبه المفكر الإسلامي محمد قطب رحمه الله تعالى عن تعريف الكبت بأنه استقذار الدافع الجنسي وليس تأجيله، ونرى أن هذا التخريج مجرد كلام جميل.

ونحن في القرن الحادي والعشرين بتنا نتابع في حياة الناس العملية صورا كثيرة من الجسور، غير التقليدية، منها ومنها ومنها، ولا أريد أن أسمي حتى لا أتورط مع متصيد من المتصيدين...

عقد الزواج الإسلامي كما ينص عليه الفقهاء المسلمون المعتبرون، له جوهر . وله إطار. الفقيه وحده هو المخول، في مجتمع نحرص جميعا أن يظل يشرب في أخص خصوصياته من كف فقهائه، أن يقول..ونحن هنا نحث الفقيه المتمكن الأمكن أن يقول.

 الفقيه المسلم المتمكن هو المخول بتقديم جسور للعلاقة المعنية تحمي جوهر العقد. وحقيقته. وتخفف قليلا أو كثيرا ،من تبعاته الفرعية، وشروطه الجانبية. ورحم الله الشيخ يوسف القرضاوي...

المحافظة على جوهر العقد في الايجاب والقبول، وعلى ما يسمى شرط الإعلان أو الاشهار المجتمعي. والتخفيف من ظروف الإلزامات التابعة. ومنها... وأستطيع أن أعدد حتى السبعة من هذه الإلزامات، وتيسير ذلك، وتحسينه، واعتباره مقبولا في ضمير المجتمع، كل ذلك يرد الأمور إلى نصابها الأول، ويحافظ على صحة الفرد النفسية كما يحافظ على عفته وطهارته...ويسير بالمجتمع خطوات صحيحة على الطريق القويم...

المشكلة اليوم هي عند الذين لا يرون لمشكلة...ولا يحسون بها، ولا يتخوفون من نذرها...

المشكلة عند الذين ما يزالون يخترعون لجسور هذه العلاقة الفطرية الطبيعية المزيد من الشروط والالتزامات، ويضعون في وجهها المزيد من العراقيل والإلزامات.. ..

نحن مجتمعات تواجه أزمات حقيقية لا تقل أثرا عن أزمات الاستبداد والفساد.

وأزمة الطفولة الجنسية الممتدة. وأزمة النساء المطلقات لأي سبب كان الطلاق، وأزمة التعلم الجامعي ببعده الزمني. كل ذلك موضوع على أجندة الفقيه المسلم، ليعمل فيه العقل والاجتهاد. وأذكّر السادة الفقهاء بالقاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير. وبكلام جميل ألح عليه الإمام الجويني في كتابه "غياث الأمم في التياث الظلم" عن جوهر عقد النكاح. فالتمسوه هناك فمثل هذه الآفاق لا يحتويها كتاب مثل "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" ولا "متن الغاية والتقريب..." المعروف بمتن أبي شجاع..

التخفيف العلمي المنظم عن السد يولد الكهرباء، وينشر الخير والطهر والنماء، واجتياح السدود بمياه السيول والفيضانات !!!

وفي نظرة موضوعية واقعية لما آلت إليه الحياة الاجتماعية في سورية بأبعادها، ولما يتوقع لها، آخذين بعين الاعتبار مخرجات المحنة السورية المتمادية ندرك أفضل أننا أمام تحديات حقيقية على المستوى الاجتماعي. وأن السوريين وحدهم بحاجة إلى مجمع فقهي راق يسمع ويرى ويحس ويتحسس، ولا يتجسس. ويعمل فيه الفقهاء الحقيقيون. ويلجم فيه عن الكلام الذين لا يعلمون ولا يفقهون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية