أوصاف القرآن الكريم في فواتح سوره

محمد شركي

من المعلوم أن القرآن الكريم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة من شهر رمضان  الأبرك هو الرسالة الخاتمة التي ختم بها  رب العزة جل جلاله رسالاته إلى البشر ، وهي الرسالة الخاتمة والعالمية باعتبارها أرسلت للناس كافة مصداقا لقوله تعالى : (( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا )) .

و عند استعراض المسلمين في ليالي شهر الصيام  لهذا القرآن في صلاة القيام ، تستوقفهم فواتح سور منه تتضمن آيات يتحدث فيها الله عز وجل عنه في سياقات متعددة ومختلفة قد تتشابه وقد تختلف  .

 وقبل أن نستعرض تلك الأوصاف ،لا بد من الإشارة إلى أن ذكرها في فواتح السور يراد به لفت الانتباه إليها ، والتذكير برفعة قدر وشأن هذا الكتاب الكريم عند الله عز وجل ،  وما يلي تلك الأوصاف مباشرة ، يؤكد كله عظمة  قدره .

وفي ما يلي أوصافه في فواتح السور :

1ـ سورة البقرة : ((  ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )) ، ففي فاتحة هذه السورة  وصف للقرآن بأنه كتاب ، وهي كلمة تدل على أنها رسالة لتقرأ وتفهم وتتدبر ، ويعمل بما فيها  ، وقد نزهه الله عز وجل عن الريب ، وحدد  وظيفته هي هدي المتقين إلى ما يريده سبحانه وتعالى منهم عمل وقول وسلوك.

2ـ سورة أل عمران : (( ألم  الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان )) ، ففي فاتحة هذه السورة توحيد وتنزيه  لمنزل هذا الكتاب سبحانه وتعالى ،ووصف نزوله  بالحق لتصديق كتابين سابقين عليه في النزول ، وذلك لهدي الناس  كافة ، ولما كان نزوله بالحق، فهو فرقان يفرق بين الحق والباطل .

3ـ  سورة الأعراف : (( ألمص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المنزل عليه القرآن الكريم باعتباره رسالة ، ودعوته إلى عدم التحرج من الإنذار به من يجب أن ينذروا  من كفار ومشركين ، و في المقابل هو تذكير للمؤمنين.

4ـ سورة يونس : (( ألر تلك آيات الكتاب الحكيم )) ، ففي  فاتحة هذه السورة ذكر لما يتضمنه القرآن الكريم من آيات ، ووصف ما تضمنه بالحكمة .تنزيها له عن كل ضلال .

5ـ سورة هود : (( ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصّلت من لدن حكيم خبير )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى  إحكام آيات القرآن الكريم  وهو اتقانها وضبطها ، وتفصيلها من لدن رب العزة جل جلاله  ذي الحكمة والخبرة .

 6ـ سورة يوسف : (( ألر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى آيات القرآن الكريم ، ووصفه بالبيان  مع الإشارة إلى اللغة العربية التي أنزل بها رجاء أن يعقله من أنزل إليهم، علما بأنه رسالة موجهة إلى لناس كافة على اختلاف ألسنتهم ، وهو ما يوجب عليهم تلقيه باللغة التي أنزل بها ليحصل لهم هذا التعقل .

7ـ سورة الرعد : (( ألمر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى آيات القرآن الكريم  مع التذكير بأنه أنزل بالحق  تنزيها له عن الباطل .

8ـ سورة إبراهيم : (( ألر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لنزول  القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم  لإخراج الناس من ظلمات الضلال إلى نور الهداية ، ويكون ذلك بإذن ربهم عز وجل ، وهي هداية إلى صراطه  المستقيم ، الموصوف بالعزة ، والمستحق الحمد جل في علاه .

9ـ سورة الحجر : (( ألر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى آيات القرآن الكريم  ، ووصفه بالبيان .

10ـ سورة طه : (( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى إنزال القرآن الكريم  على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسعد به ولا يشقى  ، وليذكر به من يخشى الله عز وجل ، وهو تنزيل من خالق الأرض والسماوات .

11ـ سورة النور : (( سورة أنزلناها وفرضناها ، وأنزلنا فيها آيات بيّنات لعلكم تذّكرون )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى هذه السورة تحديدا، وهي مفروض ما فيها من تشريع  لمن أرسلت إليهم رجاء اذّكارهم .

12ـ سورة الفرقان : (( تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا )) ، ففي فاتحة هذه السورة  تبريك الله عز وجل منزل القرآن الكريم على عبده  ورسوله الله صلى الله عليه وسلم ،وهو فرقان يفرق بين الحق والباطل ليكون عليه  الصلاة والسلام منذرا للناس كافة إلى قيام الساعة .

13ـ سورة الشعراء : (( طسم تلك آيات الكتاب المبين )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لآيات القرآن الكريم ، ووصفه بالبيان .

14ـ سورة النمل : (( طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لآيات القرآن الكريم،  ووصفه بالبيان ، وذكر وظيفته  وهي هدي المؤمنين وتبشيرهم بما أعد الله عز وجل لهم من جزاء على اهتدائهم  .

15ـ سورة القصص : (( طسم تلك آيات الكتاب المبين )) ، ففي فاتحة هذه السورة ما جاء في فاتحة سورة الشعراء من ذكر لآيات القرآن الكريم ، ووصفه بالبيان .

16ـ سورة لقمان  : (( ألم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لآيات القرآن الكريم ، ووصفه بأنه هدي ورحمة للمحسنين ، والإحسان ما كان استقامة فوق درجة استقامة الإيمان والإسلام كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

17ـ سورة السجدة : (( ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لنزول القرآن الكريم  مع نفي الريب عنه ،وذكر منزله وهو رب العالمين  جل جلاله .

18ـ سورة يس : (( يس والقرآنى الحكيم )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف القرآن الكريم بالحكمة .

19ـ سورة ص : (( ص والقرآن ذي الذكر )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف للقرآن الكريم بأن وظيفته التذكير  .

20ـ سورة الزمر : (( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف القرآن الكريم  بأنه منزل من عند الله ذي العزة والحكمة مع الإشارة إلى من أنزل عليه صلى الله عليه وسلم .

21ـ سورة غافر : (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف  نزول القرآن الكريم  من عند الله ذي العزة والعلم .

22ـ سورة فصلت : (( حم تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف تنزيل لقرآن الكريم  من عند إله رحمان رحيم ، مع الإشارة إلى تفصيل آياته ، وإلى اللسان العربي الذي نزّل به ، وحري بمن يتحدث به أن يعلم ما فيه من بشارة وإنذار.

23ـ سورة الشورى : (( حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى أن القرآن الكريم هو وحي من الله ذي العزة والحكمة أوحي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أوحي إلى الرسل الكرام من قبله صلواته وسلامهم عليهم أجمعين ,

24ـ سورة الزخرف : (( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف القرآن الكريم بالبيان باعتبار اللسان العربي الذي أنزل به  رجاء أن يعقل الناس .

25ـ سورة الدخان : (( حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف للقرآن الكريم بالبيان ، مع ذكر زمن نزوله في ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان الأبرك ، ومع بيان ما يكون فيها من أمر حكيم من عند الله عز وجل ، ومع التذكير بأنه سبحانه هو من أرسل رسوله الكريم كي يبلّغ للناس كافة  رحمة منه جل شأنه .

26ـ سورة الجاثية : (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف للقرآن الكريم بأنه منزل من  عند الله ذي العزة والحكمة.

27ـ سورة الأحقاف : (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم )) ، وهي نفس فاتحة سورة الجاثية بنفس ما وصف به القرآن الكريم فيها .

28ـ سورة ق : (( ق والقرآن المجيد )) ، ففي فاتحة هذه السورة وصف للقرآن الكريم  بالمجيد وهو ما كان في منتهى التشريف ، ورفعة الشأن  .

29ـ سورة الطور : (( والطور وكتاب مسطور في رق منشور )) ، ففي فاتحة هذه السورة قسم الإله سبحانه  وفي ثناياه ذكر القرآن الكريم كما جاء في كتب التفسير  ،ووصفه بالمسطور أو المكتوب في رق منشور .

30ـ سورة الرحمن : (( الرحمن علّم القرآن )) ، ففي فاتحة هذه السورة إشارة إلى القرآن الكريم  يعلمه الرحمان سبحانه للإنسان المخلوق ، ويعلمه بيانه .

31ـ سورة القدر : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر )) ، ففي فاتحة هذه السورة ذكر لوقت نزول القرآن الكريم ، وهو ليلة القدر مع ذكر فضلها العظيم ،وذكر نزول الملائكة والروح فيها  لعظمة شأن حدث تزول هذا الكتاب الكريم .

هذه فواتح سور القرآن الكريم التي تحدث فيها الله عز وجل عنه تنبيها إلى قدره العظيم وإلى قدر منزله سبحانه وتعالى ، وقدر من أنزل عليه ، مع ذكر أوصافه ووظائفه ، والغاية من إنزاله ، وتبليغه للناس كافة .

وفيما يلي ملاحظات حول ما ذكر الله عز وجل عن كتابه الكريم في فواتح هذه السور:

ـ منزله هو الله الذي لا إله سواه  جل في علاه .

ـ المنزل عليه هو رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

ـ هو كتاب منزه عن الريب .

ـ هو كتاب حق يزهق الباطل .

ـ هو آخر كتاب أنزل ، وهو مسبوق بكتب أخرى منزلة لهداية البشر  .

ـ هو كتاب يضفي عليه الله عز وجل من صفاته المثلى كالحكمة .

ـ هو كتاب مؤلف من آيات بما تعنيه لفظة آيات من فواصل قرآنية ، وما تعنيه أيضا من أدلة وبراهين وحجج .

ـ هو كتاب من تعليم الله عز وجل .

ـ هو كتاب مبين ذو بيان .

ـ هو كتاب أنزل باللسان العربي المبين .

ـ هو كتاب أنزل في ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان الأبرك ، وهي ليلة مشهودة تشهدها ملائكة الرحمان وروحه القدس .

ـ هو كتاب هداية ، وبشارة وإنذار .

ـ هو كتاب للناس كافة .

ـ هو كتاب يزيد المتقين تقوى، والمحسنين إحسانا .

ومن واجب من يستعرض هذا الكتاب الكريم خلال ليالي شهر الصيام في صلاة القيام أن ينتبه جيدا إلى ما افتتح به رب العزة جل جلاله سوره من حديث عنه مع التركيز على طبيعة الوصف الذي نبه إليه الخالق جل وعلا ، ولنذكر على سبيل المثال  لا االحصر نفيه سبحانه  الريب عنه لنتتبع الآيات  الواردة في السورة المتضمنة لهذا النفي لمعرفة أخبار ريب المرتابين . وإذا وصف الله تعالى كتابه بالحكمة ، وجب التماسها في ثنايا السورة المفتتحة بهذه الصفة ، وهكذا دواليك .

وخلاصة القول أن حديث الله عز وجل عن كتابه الكريم في فواتح السور المذكورة هو تنبيه منه سبحانه وتعالى إلى ما سيلي ذلك التنبيه مما أراد إيصاله وتبليغه لخلقه . ومع ربط حديثه سبحانه عن كتابه الكريم في فواتح السور بمضامينها يحصل التدبر المطلوب له ، ومن ثمن يحصل التخلّق بما فيه كما تخلق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن اهتدوا بهديه من صحابته الكرام ، وكل من ساروا  إلى نهج هديه .