مع النبي في القرآن؛ دلالات ومنهج

د. محمد سعيد حوى

خطبة الجمعة 16-1-2014

د. محمد سعيد حوى

كنا وقفنا مع جوانب من علاقة الرسولr بالقرآن

في العبادات قياماً وتلاوة وتعليما وفي الجهاد به وفي الدعوة خطابة وحواراً وتعليماً، ووالحياة به سياسة وحكاً، فكان سنته تطبيقاً أعظم للقرآن وكان هو البيان الأكمل لكتاب الله وكان القرآن سجل الحياة العامة و  الخاصة لهr.

ودعونا نقف مع النبي في القرآن مع آية منه

 ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]

-        ما احوجنا أن نقف نتأمل ملياً بالآية الكريمة وقد جمعت خمس صفات للنبي r

-        أنه من أنفسنا، عزيز عليه ماعنتم، حريص عليكم، رؤوف، رحيم.

-        و العجيب أنها جاءت في سورة براءة التي ظاهرها الشدة لنعلم أن كل تلك التشريعات لأجلنا، ولأجل منعتنا ونصرنا وقوتنا، وسعادتنا في الدارين.

-        و عندما نتأمل في الآية الكريمة ندرك كم هي منة الله على الإنسانية برسول الله r وكم هو حريص على الإنسان بالمقابل وللأسف كم هي سياسات بعضهم في التنفير  من الدين بسبب التشدد في غير مكانه أو التطرف أو الجهل أو سوء الخلق.

-        هذه الآية من آواخر ما نزل؛ كان يقال فيها إنها أقرب العهد بالسماء.

-         الآية التي جمعت وصقين لرسول اللهr من أسمائه سبحانه، ما جمع أسمين من أسمائه سبحانه إلا لنبينا (بالمؤمنين رؤوف رحيم) وقال في حق نفسه سبحانه(إته بكم رؤوف رحيم)

-        فالصفة الأولى:(من أنفسكم) تأمل في تجلياتها بالمعنى الإنساني والاجتماعي والسلوكي والفكري والسياسي.

-         ولأنه من أنفسنا فهو العارف بآفات النفوس وما يصلحها فلا يكلف المؤمنين  فوق ما يطيقون ،روى  أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ  قال: قال رسول الله r: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) صحيح البخاري، 5063 .

-        من أنفسنا فكان يشارك المؤمنين في كل أحوالهم في جهادهم في جوعهم في قلقهم في خوفهم.

-        ولإنه من أنفسنا فكان القدوة التي يجد كل منا بغيته فيها من غير مشقة.

-        من أنفسكم في تواضعه وشعوره بشعوركم وأحاسيسكم.

-        ويرعى مصالحكم ، ويحرص على استقلال إرادتكم وقراركم؛ في ظل العبودة لله.

-        وهو من نسب تعرفونه بينكم(إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطقى من قريش  بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)(مسلم).

-        (عزيز عليه ما عنتم) يشق عليه إعراضنا و مخالفتنا و يشق عليه أن يكلفنا بما لا نطيق فهو يحب الخير كل الخير.

-         كم خفف الله  على الامة لأجله في فرض الصلاة.من خمسين إلى خمس وقس على ذلك.

-        وخذ هذا الموقف من تجليات هذه الصفة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ، وَقَالَ مَرَّةً: «نَقْفُلُ» . فَقَالَ: «اغْدُوا عَلَى القِتَالِ» . فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . فَأَعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً، فَتَبَسَّمَ، قَالَ: قَالَ الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الخَبَرَ كُلَّهُ(البخاري).

-        ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7]، ما أحوجنا أن نبحث عن كمال التشريعات التي تحقق هذا المعنى(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)

-        كم قدم للمرأة التي يستغلها الأعداء الآن  ويجعلون من قضاياها رأس حربة في محاربة الإسلام من خلال تشويه الصورة و بسبب الجهل من البعض؛ فبينما جاء الإسلام وجاء محمد r لينقذها من الوأد جاء من يروي من دون تحقيق (الوائدة والمؤودة في النار)؟

-        وجاء الإسلام ليعلي انسانيتها فجاء من ينسب للرسول أنها شؤم

-        وجاء الاسلام ليجعلها قائمة بالدعوة و الجهاد عامرة للمساجد ويأتي من يقول (وقعر بيتها خير لها)

-        وجاء الإسلام ليجعلها من نفس واحدة مع الرجل و يأتي من يقول لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها..

-        وكل ذلك من قضايا تستحق مواقف خاصة فأين هؤلاء من رسول الله r من تشدداتهم و غلظهم فتجدهم لا يختارون إلا التشدد

-        نعم الحجاب حق ولكن لم يجعله القرآن على صفة محددة؛ توسعة.

-        ونعم الفواحش حرام ولكن لنا في المتع الباحة متسع؛ فكم سمع النبي الحداء، ويقول رفقاً بالقوارير.

-        ونعم البدعة ممقوتة ولكن ليس كل جديد بدعة

-        (حريص عليكم) حريص على الأمة أن تكون لها المكانة العليا أن تكون في مقعد صدق أن تنجو جميعاً من عذاب الله.

-        أن ندخل في الإيمان والجنان ( إنا لن نسؤوك في أمتك) إنا سنرضيك في أمتك) ( شفاعته لأهل الكبائر من أمته)( صاحب المقام المحمود يشفع للخلائق في فصل الحساب، ثم يشفع ليدخل أهل الجنة الجنة، ثم يشفع ليخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ثم يشفع لأهل الجنات ليرتقوا في مقاماتهم عند الله، وبشفع لبعض من كتب عليه العذاب بعمله أن يخفف عنهم، ويشفع لأهل الأعراف.ويشفع لأقوام استحقوا العذاب فلا يعذبون(أحصى بعضهم ثماني شفاعات لرسولنا) فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا) صحيح البخاري، 6483 .

وهذا كله ثمرة بالمؤمنين رؤوف رحيم(فماذا نقول فيها)فإلى لقاء إن شاء الله.