تفسير سورة النساء 1

العلامة محمود مشّوح

تفسير سورة النساء

21 / 4 / 1978

درس فقه (الحلقة الأولى)

العلامة محمود مشّوح

(أبو طريف)

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد :

 فمع ابتداء الحديث عن سورة النساء في هذه المرحلة من دروسنا في هذا المسجد نتجه إلى الله تعالى ضارعين وداعين أن يرزقنا فهماً لكتابه ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

 إن هذه السورة الكريمة التي نفتتح الحديث عنها اليوم هي من السور المدنية وليس بين أيدينا تاريخ محدد موثوق لتعيين زمن نزول هذه السورة ، ولكن الروايات المشتهرة تشير إلى أنها نزلت بعد سورة الممتحنة ، وبالتأمل الدقيق في مضامين السورة الكريمة يحملنا على ظنٍ غالب أن هذه السورة نزلت على الأرجح في فترة زمنية تتراوح بين السنة الثالثة للهجرة والسنة الثامنة ، أي أن ساحتها الزمنية ربما كانت قد استغرقت ست سنوات في النزول ، وهذا ليس غريباً ، فسور القرآن بعامة يندر منها ما نزل جملة واحدة ، فإن غالب سور الذكر الحكيم نزلت مفرقة وموزعة على الأحداث والنوازل ، لأن هذا القرآن الكريم كما قلنا لكم أكثر من مرة كان يقود المعركة التي خاضها الإسلام في مواجهة المشركين والمنحرفين والمحرّفين من أهل الكتاب ، فكانت آياته الكريمة تنزل إذ تنزل لتجيب على حاجة راهنة ملموسة ، أو لتحل عقدة قائمة تستدعي الحل .

 فالقرآن ليس كتاباً يكتبه مؤلف في فترة قصيرة ثم يُخرجه إلى الناس دفعة واحدة ، ولكنه بحكم طبيعة المعركة التي كان الإسلام يخوضها كان لا بد أن ينزل ليحل المشكلات وليجيب على التساؤلات وليثبت النبي والذين آمنوا في مواطن الزلزال والشدة ، والله جل وعلا يقول في سورة الفرقان ( وقال الذين كفروا لولا أُنزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك ) يعني كذلك نزلناه مجزءاً ( لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً ) ويقول فيما يقتص على النبي عليه الصلاة والسلام ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) فالحاجة كما ترون ماسة والضرورة داعية إلى أن يظل القرآن بالنسبة إلى الداعي الأول رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام رفيق العمر ، يأتيه في الصباح وفي المساء وفيما بين ذلك من ليل أو نهار .

 فاذا نحن ألقينا علـى السـورة الكريمة نظرة مجملة فنحن نجد أن اسـمها ( النساء ) وبطبيعة الحال فهذه التسمية ليست هي كل شيء ، فقد تُسمى السورة من القرآن باسم الحرف المقطع من حروف الهجاء الذي تبدأ به السورة كما هو في سورة ( ق ) وفي سورة ( ص ) ، وقد تُسمى باسم حدث من الأحداث كما سُميت سورة البقرة باسم البقرة التي أمر الله بني إسرائيل أن يذبحوها ويضرب الميت ببعضها ليقوم حياً فينطق باسم قاتله ، وقد تكون مسماةً باسم خارقة كما سُميت سورة المائدة بهذا الاسم ، لأن عيسى عليه السلام دعا ربه تبارك وتعالى أن يُنزل عليهم مائدة من السماء ، فاستجاب الله لنبيه الكريم عيسى صلى الله عليه وسلم .

 وقد تكون مسماة باسم منتزع من غرض من الأغراض التي تدور السورة من حوله كهذه السورة التي نحن بصددها ، فهي سورة النساء ، ومن حقها أن تُسمى بهذه التسمية . فلقد تضمنت من الأحكام والتشريعات والتوجيهات مما يختص بالنساء ويتفرع عليهن قدراً هو أكبر بالتأكيد من أي قدر آخر جاء في أية سورة أخرى . ولكن الشأن في ذلك هو شأن القرآن باستمرار ، فهو لا يسوق الأحكام والإرشادات والتوجيهات بجفاف ، وإنما يسوقها مرطّبةً بندى الإيمان عبقةً بأجواء اليقين ، فلا بد أن تتخلل هذه الأحكام وأن ترافقها دعوات حارة إلى خشية الله وإلى مراقبة الله وإلى التذكير بالأصل الذي تفرّع عنه الناس .

 ولكن السورة من حيث هي سورة من السور المدنية جاءت ذات مذاق يفترق عن مذاق السور المكية ، وذات مضمون يختلف من حيث النوعية عن مضامين السور المكية . فنحن نستطيع أن نقرر بطمأنينة تامة أن هذه السورة لما كانت نازلة بعد غزوة أحد ، فإنها جاءت متضمنة على إشارات ذات دلالة بالغة على الوضع الجديد الذي أنشأه في المدينة ظهور المنافقين . فقد ينبغي أن يكون معلوماً أن الإسلام دخل المدينة قبل هجرة النبي عليه الصلاة والسلام مع المبايعين في العقبة الأولى ومع المبايعين في العقبة الثانية ، وآتى أُكله وأثمر ثمراته على يدي مرسلي رسول الله مصعب بن عمير وعبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنهما اللذين أرسلهما رسول الله عليه الصلاة والسلام معلمَين لأهل المدينة من الذين أسلموا حديثاً ، لكي يُقرأوهم القرآن ويعلموهم شرائع الدين .

 ومن البيّن إن شاء الله تعالى أن مجتمع المدينة حين وفد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه يهود ، وكان فيه عرب ظلوا على شركهم ووثنيتهم . وحين وفد النبي عليه الصلاة والسلام فإن أخذة المفاجأة أبطلت كل تحرك كان أحد من هؤلاء يحدث به نفسه ، ومضت الأمور خلال الستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً التي انقضت بين هجرة النبي عليه الصلاة والسلام وغزوة بدر الكبرى ، ونحن لا نكاد نحس في الأخبار التي بين أيدينا من حديث تلك الفترة الكريمة أية مقاومة أو تآمر من قبل المشركين واليهود في المدينة . لكن هذا الهدوء الظاهري لا ينفي أن ثمة قلوباً تنبني على الأحقاد وثمة اقواماً يتربصون بالمسلمين الدوائر ، ولكن التفاف القلوب حول الزائر الجديد رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل من الحكمة التلبث والتريث والحذر ، وحينما جاءت وقعة بدر كانت في الحقيقة ضربة قاسمة لظهر الشرك ولظهر كل الذين يتعاطفون مع الشرك والمشركين ، ولشدة الهول الذي نتج عن انتصار المسلمين في بدر ذلك الانتصار الساحق انفلت زمام أعصاب المشركين واليهود من أيديهم فاشرئب النفاق وظهر ، ولكن على استحياء وفي استخفاء إلى حد كبير . ثم استدار العام ووقعت غزوة احد ، وكانت بلاءً من الله للمؤمنين ، وكانت تمحيصاً للعزائم وتثبيتاً للهمم ، وكانت درساً قاسياً وامتحاناً رهيباً ، كانت معركة انجلت عما يتفطر له القلب ، ولكم أن تتصور موقف رسول الله وهو عند أُحد يُجيل ناظريه الشريفين بين جثث الأصحاب المجندلة على الأرض ، أولئك الذين عاش معهم وعاشوا معهم وأحبهم وأحبوهم وعاهدهم وعاهدوه وتوافقوا على أن ينصروا الله جل وعلا ، يراهم تحت السماء لا شيء يظلهم ولا يأويهم ، ويرى البطون مبقورة ، والأكباد منتزعة ، والأنوف مجدّعة ، والآذان ممزقة ، فيقف وقلبه الكبير الشريف الكريم يتنزى ألماً ويقول : ما وقفت موقفاً هو أغيظ علي من هذا . موقف يفتت الأكباد إلا أنه الثمن الباهظ الذي لا بد أن يُدفع ، والحياة الدنيا لا ترحم المتخاذلين ولا تفهم الذين يلوذون بأذيال الخيال متوهمين أن الدول وأن الأمم يمكن أن تكون بغير تضحيات .

 وحين رجع النبي عليه الصلاة والسلام من أُحد وهو مثقل القلب بهذا الهم المظلم ازدادت شراسة المنافقين ، وتطورت دسائسهم ، وتصاعد مكرهم ، وامتدت رقعة مؤامرتهم ، وحسبكم أن تتذكروا أنه لم تمضِ سنتان حتى كان الثمر المرّ الخبيث قد نضج ، وإذا المنافقون بألاعيبهم ومكرهم وتآمرهم وأموالهم التي اشتروا بها الذمم والضمائر وألبوا بها القبائل الشرهة الطامعة على الإسلام والمسلمين يزحفون نحو المدينة عام الخندق في غزوة الأحزاب ليجعلوا المدينة ـ وهي يومئذ الإسلام كله والإيمان برمته ـ محاطة بالأعداء إحاطة السوار بالمعصم . فغذا عرفنا ان السورة نزلت في هذه الجواء المشحونة بالآلام والمتاعب فسوف نعرف لماذا جاء الحديث عن النفاق وعن المنافقين في سورة النساء بهذه الوتيرة الشديدة ، ولكن علينا أن ندرك أن الإسـلام هو الإسلام في السلم كما هو في الحرب ، في الرخاء كما هو في الشدة ، فهو مع الصديق كما هو مع العدو ، الإسلام هو الإسلام ، لأنه كلمة الله التي لا تحيد والتي لا تجور . ومع الحديث وأضراره وعن المنافقين وألاعيبهم يسوق الله جل وعلا حادثة حصلت في ذلك الحين ، ليعلمنا ان الألم مهما يكن قاسياً وساحقاً فلا يجوز أبداً أن يُخرج الإنسان عن جادة القسط ، فسوف ترون ونحن نستعرض هذه السورة الكريمة أنها تقص علينا حديث سرقة وقعت اتُهم بها أُناس أبرياء ولكنهم أعداء ، ولقد كان صهو النبي صلى الله عليه وسلم مع المجرمين الذين يتنصلون من الحادث ويغتنمون فرصة العداء المسـتحكم ويغتنمون الجو النفسي المهيئ ليرموا بالتهمة هؤلاء البرآء ، والله كما قلنا هو الله رب المسلم ورب الكافر ، رب العدو ورب الولي ، والعدل هو العدل ، به قامت السماوات والأرض ، ومهما تكن أهدافك عالية وغاياتك نبيلة فإنها لن تبرر لك بحال من الأحوال أن تسلك سبيل الجور ولو للحظة واحدة .

 فجاءت الآيات في هذه السورة الكريمة تكشف للنبي صلى الله عليه وسلم خطر الاتجاه الذي تسير فيه القضية ، المتهمون أعداء ويهود ، والذين يتنصلون من الجريمة مسلمون أصدقاء ، ولكن الحق هو الحق ، فيكشف الله خبأهم ويفضح دخيلتهم ويلقن نبيه والمؤمنين هذا الدرس الكبير ( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ) ويذكر الله ( ها أنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) ويحذر من يكتسب إثماً ويرمِ به بريئاً ، ويكون الدرس في أصعب ظرف يمر بالمسلمين ضمن المكايد والمؤامرات والشراسة التي لا نظير لها ليكون الإسلام والمسلمون أمثولة للناس . العداوة لا تمنع العدالة ، والصداقة لا تعني الرضى بالجور ، وهكذا تمضي السورة الكريمة تنقلك كما تنتقل النحلة من زهرة حلوة إلى أخرى هي أحلى منها حتى تفرغ السورة كما افتُتحت بالنساء اختُتمت أيضاص بشأن النساء ، فلنستمع للفواتح مستعين بالله جل وعلا ، ولنحاول أن نتحدث إليكم عن بعض ما يُنّزل الله جل وعلا .

 يقول الله تعالى : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، يا أيها الناس ) هكذا تُفتتح السورة ، نداء إلى الناس عامة ، ومعلوم أن نداءات القرآن شيء ينبغي أن يُصغى إليه وأنصت له بمنتهى التنبه والاهتمام ، لأن نداءات القرآن لا تكون إلا لأمـر هام ، فمهما سمعتَ الله يقول ( يا أيها الناس ) أو ( يا أيها الذين آمنوا ) فأرعِ سمعك ذاك ، فإنه خير يراد لك أو شيء يُطلب منك أن تحذر منه ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الله الذي تساءلون به والأرحامَ ) وفي قراءة ( والأرحامِ ) ( إن الله كان عليكم رقيباً ) أي مراقباً ( وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) والخبيث هو ما لا يحل لك اقتناؤه ولا أخذه ، والطيب هو ما حل لك اقتناؤه وأخذه ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً ) والحوب هو الإثم الذي يُدخل صاحبه في النار ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى ) أي لا تعدلوا ( فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) ومعنى ( تعولوا ) تجوروا وتظلموا أو يكثر عيالكم فتدفعكم كثرة العيالغلى ارتكاب المكروه لا سمح الله ( وآتوا النساء صدقاتهن ) والصدُقات جمع مفرده صدقة ، وهذا تعبير عن المهر الذي يدفعه الزوج للمرأة ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) أي هبة خالصة وعطية كريمة بغير منٍ ولا طلب عوض ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً ) أي إن سامحنكم بشيء من هذا الصداق الذي هو حق خالص لهن ( فكلوه هنيئاً مريئاً ) وهذا يعني بمفهوم المخالفة أن الرجل زوجاً أو أباً أو اخاً أو أياً من الأولياء لا يحل له أن يأخذ من مهر النساء إلا ما طابت به له نفس المرأة وما عدا ذلك فهو محرم عليه أخذه كما هو واضح .

 ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) والسفهاء هم الذين عندهم سوء تدبير وسوء تصرف بحيث لا يحسـنون القيام على المال ولا يجيدون حفظه ولا تدبيره وتثميره ، فالله جل وعلا سمّاهم هنا : سفهاء ، لأن السفه هو الطيش وخفة العقل اللذان يمنعان الإنسان من التدبر في العواقب السيئة التي ستنتج حتماً عن عدم التبصر في عواقب الأمور ، فقال الله ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) وهي في الحقيقة أموال هؤلاء السفهاء ، لأنها جارية بملكهم ، كن الله قال هنا ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) فحوّل الخطاب إلى الجماعة وأضاف المال إلى الجماعة المؤمنة مشيراً إلى حق مقرر للجماعة ممثلة في سلطاتها الشرعية أن تمارس رقابة كاملة على تصرفات الأفراد ، فما اتسق منها مع مراد الله أجازته ، وما اختلف منها مع مراد الله منعت منه وأبطلته .

 ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً ، وابتلوا اليتامى ) أي اختبروهم وتعرّفوا على أوضاعهم وقدرتهم على الاستقلال بشؤونهم ( حتى إذا بلغوا النكاح ) أي وصلوا سن البلوغ ( فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ) وإذاً فدفع الأموال إلى اليتامى يُشترط أن يتحقق قبله أمران ، الأول : أن يبلغ اليتيم الحلم ، الثاني : أن يكون رشيداً أي عاقلاً غير سفيه ( ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ) يعني تبادرون بأكل مال اليتيم قبل أن يبلغ الحلم ( ومن كان غنياً فليستعفف ) من الأولياء القيّمين والأوصياء على اليتامى ( ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً ) فالله جل وعلا يشترط حين الدفع إلى الأيتام الإشهاد ، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ، لأننا نلاحظ أن الكثيرين من الأيتام بعد أن يبلغوا الحلم يدعون على الأولياء أمامنا وأمام القضاء ان الأولياء أكلوا أموالهم الآيلة ليهم إرثاً من مورثيهم ولم يُعطوهم إياها . فالله جل وعلا احتياطاً لهذه الأزمات التي يجب ألا تحدث في المجتمع المسلم أوجد الإشهاد عند الدفع قطعاً لدابر سوء التفاهم .

 ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً ) وهذه الآية والتي تليها مرشحة للآيات التي سوف تأتي بعد والتي انصبت على بيان انصباء الورثة من ميراث المورثين .

 ( وإذا حضر القســمة ) يعني قسـمة الميراث ( أولو القربى ) الأقارب ( واليتامى والمساكين فارزقوهم منه ) يعني من مال الميراث الذي يُوزع وإن كانوا غير مستحقين ( فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً ) ثم يلفت الله جل وعلا أنظار الناس بعامة على حسن النظر في المآلات ( وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً ) فكل واحد من الناس ينظر لمصلحة أولاده ويتوجس ويخشى أن يموت قبل أن يدرك أولاده وبناته سن الاكتمال ، فهم يخشون ان يتركوا هذه الذرية الضعيفة ، كيف تجيز لنفسك ان تعدو على مال اليتيم وانت تحسب حساب اولادك وتحسب لحظات اليتم هذه ؟ ( وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً ، إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً ) أي بغير وجــه حق ( إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ) .

 بعـد هـذه الفاتحة المؤلفة من عشـر آيات يبدأ الكلام علـى آيات الميراث ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ) إلى آخر الآيات التي تحدد انصباء الورثة من مال المورثين .

 أتصور أنه لم يبقَ من الوقت ما يتسع لشرح هذه الآيات ، فسنرجئ ذلك إن شاء الله إلى الدرس القادم . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.