تشارلز الثّالث في مسرح شكسبير

جميل السلحوت

مساء 25 نوفمبر 2016 شاهدنا أنا وزوجتي، ابني قيس وزوجته مروة، وابن عمّي محمد موسى وزوجته "جويس" وابنته أماندا العرض الأوّل لمسرحيّة "الملك تشارلز الثالث" على مسرح شكسبير في شيكاغو. يقع مسرح شكسبير على لسان بريّ يدخل بحيرة متشيغان اسمه نافي بيير "Navy Pier"، قبالة ناطحات السّحاب في مركز مدينة شيكاغو، وهذا اللسان يحوي العديد من المحلات التّجاريّة المتنوّعة، إضافة إلى عدد من المطاعم.

شكل المسرح:

لا يستطيع المرء رؤية بناء مستقل للمسرح من الخارج، فهو ضمن هذا اللسان البحري الذي يمتدّ داخل البحيرة لما يزيد على الكيلو متر، ويبدو البناء فيه كأنّه بناء واحد، ومن جهته الغربيّة هناك شارع عريض ذو التّجاهين، يصل حتّى نهاية اللسان، وعلى يمين الدّاخل إليه تقع مواقف متواصلة للسّيارات، تحوي داخلها على مصاعد، ومداخل لهذا الصّرح المعماري اللافت.

والمسرح مكوّن من ثلاث طبقات، أمام كلّ واحد منها صالون"لوبي"، وفي "لوبي"الطّابق الأوّل هناك تمثال لشكسبير يظهر فيه رأسه وصدره.

يدخل المرء صالة العرض فيه من طابقين، فيجد أمامه مسرحا بيضاويّ الشّكل، تمتد خشبة العرض في منتصفه، ويجلس الحضور على ثلاثة جوانب.

في المنتصف هناك ثمانية صفوف في كلّ صفّ منها ستّة عشر مقعدا، على جانبيها ممرّات إلى صالة العرض ومنها وعلى اليمين واليسار خمسة صفوف في كلّ واحد منها أربعة عشر مقعدا، وفي الطبقة الثّانية"لوج" مكوّن من حوالي عشرين قوسا خشبيّا، بين كلّ واحد منها والآخر يجلس ثمانية أشخاص، كلّ أربعة في صفّ واحد، أمّا في الطّابق الثّالث فهناك صفّ واحد وبنفس المواصفات والأعداد.

الإضاءة: من خلال الطابقين الثّاني والثالث، يظهر أمام كلّ مقعد أماميّ مصباح إضاءة ضخم متحرّك مصوّب على "ستيج" العرض، عدا عن المصابيح الأخرى المعلّقة في السّقف.

هذه المسرحيّة: مؤلف هذه المسرحيّة هو مارك بارتليت، ومخرجها جاري جريفين، وشارك في تمثيلها ثلاثون فنّانة وفنّانا، منهم فنّانون معروفون ومشهورون عالميا أمثال: روبرت باثروست، كاتي سكنّر، جوردان دين، أماندا درينكال، أليس مانلي ويلسون، جونثان وير.

تعرض هذه المسرحيّة منذ عامين متتاليين، وحازت على عدّة جوائز عالميّة، والعرض الذي حضرناه هو عرضها الأوّل في أمريكا.

موضوع المسرحيّة:

تنتقد المسرحيّة التي امتدت ساعتين ونصف، تقسمها استراحة مدّتها ربع ساعة محاولات الالتفاف على "الدّيموقراطيّة" تحت مسمّيات مختلفة.

ويدورموضوعها بطريقة ساخرة حول وفاة اليزابيث ملكة بريطانيا الحاليّة، وانتقال العرش بعدها لابنها الأمير تشارلز، لتبدأ بعدها المؤامرات للالتفاف على صلاحيّات الملك الدّستوريّة، لتنتهي بتنصيب الأمير وليام ابن تشارلز ملكا بدلا من أبيه، وتلاحظ في المسرحيّة السّخرية من الأمير هاري الابن الأصغر للأمير تشارلز ولأميرة ديانا، لتشكيك العائلة المالكة بصحّة نسبه.

الحضور:

بداية يجدر الانتباه أنّه يتم الحجز مسبقا لحضور أيّ مسرحيّة، ويمكن الحجز بواسطة الهتف والدّفع مسبقا من خلال بطاقة الدّفع، لذا فإنّ جميع المقاعد مشغولة، وتتراوح أعمار الحضور بين العشرينات وحتّى الثّمانينات، وكان هناك حضور لاثنين من ذوي الاحتياجات الخاصّة يجلسان على كراسي مقعدين، ولم أشاهد أيّ طفل بغضّ النظر عن عمره، ويسود الهدوء التّام أثناء العرض، ولم نسمع رنين هاتف محمول.

تشجيع المسرح:

يبلغ سعر التّذكرة الواحدة مئة دولار في الغالب، لكنّ المسرح يعطي خصما لافتا لمن هم دون الخامسة والثّلاثين من العمر، فيبيعهم التّذكرة بعشرين دولارا فقط؛ ليشجّعهم على ارتياد المسرح.

بجانب المسرح يوجد مطعم ضخم وراق جدّا، يقدّم خصما بنسبة 15٪ لمن جاء لتناول عشائه، بعد أن يسأل النّادل الزّبائن على كلّ طاولة: هل جئتم لحضور مسرحيّة، فإن كان الجواب بالإيجاب، سيجدون الخصم في فاتورة الحساب، وبهذا يصطادون عصفورين بحجر واحد، فبخصمهم هذا يشجّعون الزّبائن على تناول طعامهم في هذا المطعم المجاور للمسرح، ويشجّعونهم على حضور المسرحيّات التي تقدّم كلّ ليلة على خشبة مسرح شكسبير، كما أنّ موقف السّيّارات التّابع للبلديّة يعظي هو الآخر خصما لمن يحضرون العروض المسرحيّة.

الدّيكور: كان الدّيكور لافتا ببساطته وعمقه، فكان العلم البريطاني يتوسّط شاشة العرض، وبقي مرفوعا بشكل طولي فوق خشبة العرض، وتغيير الدّيكور، بعد كلّ مقطع يتمّ في ثواني معدودة، وكان لافتا نزول وسحب مجسم لمدخل رئاسة الوزراء البريطانيّة في ١٠ داوننج ستريت، من أعلى المسرح بسرعة فائقة.

سرعة تبديل الممثّلين والدّيكور عند نهاية كلّ مشهد كانت تتمّ في ثواني معدودة.