أيام في إيران الجزء الثاني

هيثم بن سعد الصعب

هيثم بن سعد الصعب

[email protected]

هنا بدأت أعد العدة لأن أذهب لهذه الدولة و أن أراها بعيني كنت أثناء حديثهم أسألهم عن رؤيتهم للعرب كانت نظرتهم سيئة جدا وهذا ما تأكدت منه لاحقا وعرفت أسبابه, ما أعجبني فيهم أنهم يفرقون بين كرههم للعرب وبين تعاملهم معك كعربي كان تعاملهم معي في الجملة راقي ورائع إذا ما استثنينا موظفي المطار الذين كانوا في قمة القذارة .

في الحقيقة قررت وعزمت على الذهاب  , كان قرارا ارتجاليًا بمعنى الكلمة فلا تخطيط طويل ولا تجهيز متعب بذل لهذه الرحلة.

الحقيقة , فقراراتي الارتجالية غير المدروسة كثيرة جدا لكنها بحمد الله ناجحة في معظمها ربما هذا ما جعلني مطمئنا ومتأكدًا أن قراري صحيح رغم عدم وجود تعليل عقلي سليم !.

تكونت لدي معلومات كافية عن إيران و أهلها وطباعهم و عرفت نسيجهم الاجتماعي بنسبة مقبولة وهذا عائد لمحادثتي للكثير الكثير منهم , تأكدت و عرفت عند أني مؤهل للذهاب هناك كانت هناك عراقيل تكمن في أني سني ملتحي و سحنة وجهي عربية و أحيانا كباكستاني وفي كلا الحالتين في الغالب سأكون سني و الثانية تكمن في أهلي , والدي ووالدتي.

الحل كان يكمن فقط في تناسي كل العراقيل أحيانا التفكير بالمصاعب يولد مصاعب أخرى تجاهلها وجعلها للأيام كفيل بحلها وهذا ما حدث لي  .

بدأت أبحث عن مسار للرحلة , لم أجد رحلة مباشرة من الدمام لطهران هنا بدأت أسلك طريق آخر في أن أذهب لدبي و أستصدر تأشيرة دخول (فيزة ) من هناك واحجز لكني ضربت صفحا عن ذلك, كلمت السفارة الإيرانية في الرياض فأخبروني أنه لا يلزم حضوري للسفارة وبإمكاني استصدارها في المطار بما أني سعودي فقلت حسنُ وجميل هنا بدأت أفكر في الذهاب لإسطنبول ومن هناك لطهران  لكن أثناء بحثي وجدت رحلة على الخطوط القطرية وبسعر مناسب ومسار رائع كانت الدمام الدوحة ومن هناك لطهران وزمنها مناسب وسعرها مناسب لميزانية طالب  .

ذهبت وحجزت ودفعت قبل الاختبارات النهائية بأسبوع ثم بعد ذلك لم أخبر أحدًا لا صديق ولا قريب في الحقيقة حتى عندما قبضت أوراق الحجز بيدي كنت أقول في نفسي أن ذهابي غالبا لن يحصل لكن دعني أجرب لعل وعسى .

أنا من الناس الذين يضعون هامش خطأ عالي جدًا وهذا ما يجعل البعض يصنفني كمتشائم لكني مؤمن بأن الحياة لا مثالية ولا تنظير فيها, الواقع شيء والمثالية والتنظير شيء آخر  التفاؤل رائع وجميل ربما أني افتقده و سأحاول قدر المستطاع اكتسابه مع عدم تفريطي بهامشية الخطر التي أضعها دائما .

 

دعونا من هذا كله أنهيت اختباراتي بدأت أجهز ملابسي و أخيط بعضها جهزت كل شيء جاهز و أُرسلت لي بطاقة صعود الطائرة لم يبقى لي إلا صرف المال من ريال سعودي لريال إيراني أعرف مكانا للصرافة وسعره عادل إلى حد ما عكس أصحاب الصرافة الآخرين ذهبت هناك واصطففت في الطابور ما إن دخلت إلا وتدخل تلك الفتاة بلا حجاب و لانقاب ولا علامة إسلام و إيمان .

دعوني أقف هنا و أقول أعرف أن بعضكم سيصرخ وهل الحجاب و النقاب علامة إيمان و إسلام ؟؟

حقيقةً سؤال رائع, في البدء أنا مع تغطية الوجه ومؤمن بهذا القول الذي يسانده العقل والدليل لكن كما قلت فهامش الخطأ عندي عالي ولدي قبول في حدود فكاشفة الوجه غير المتبرجة و إن كنت أنكر في داخلي إلا أني لن أتكلم معها و سأعذرها لكن أن تتخلى عن كل مواصفات الإيمان و أوامر الله السهلة والبسيطة الواضحة المغزى وترمي الحجاب  و تشكل وجهها بكل الألوان لتري الآخرين أنها ابنة نعمة ومثقفة –كما تحسب - فهذا لا يمكن أن أتقبله فأنا مسلم أعرف أن الإيمان يزيد وينقص و أن مدى التزام الشخص يظهر على وجهه لا أقول أن المظهر كل شيء فكم من ملتحٍ كاذب, لكنه بعض شيء ودعونا من كلام الأغبياء الذين يلغون المظهر بشكل كامل و ألا أثر له فهؤلاء لا أحسبهم إلا حمقى ومغفلين يلغونه و تجدهم يعملون به فيحكمون على الشخص من مظهره ! على الأقل فأنا صادق مع نفسي فلا ألغيه ولا أدعه كل شيء ! وهناك فرق بين اقتضاء أن المظهر له علاقة بالمخبر و بين أن المظهر له علاقة في المخبر و أترك لكم البحث بين الفرق في معنى الاقتضاء و العلاقة .

نرجع لابنة النعمة هذه دخلت وتكلمت بلهجة أعرفها جيدا علمت أنها ابنة بلدي وليست غربية المهم تصدرت الدور بحكم أنها امرأة و أعجب منها فهي وأضرابها يطالبون بالمساواة بالرجل لكن عند حصولها على فائدة من إلغاء المساواة فهي أول من يضرب بالمساواة عرض الحائط المهم تصدرت الدور وكانت تكلم بجوالها بصوت عالٍ كما أذكر كانت تتكلم عن برامج أمومة وراعية المهم أنها أعمال خيرية الحقيقة ازداد غضبي أن أضراب هؤلاء بدأوا يتصدرون لمثل هذه المجالات وشيوخنا مشغولون في سفاسف الأمور وهؤلاء ينشرون فكرهم وحثالتهم تحت برامج خيرية المهم عزمت على أن أكلمها و أنصحها و أنكر عليها قد يقول بعضكم قد تكون خير منك فأقول والله لو أنها من أهل الجنة لأنكرن عليها فغلطها يجر الآخرين لنحو منحاها المهم أنهت مكالمتها بقولها إذن أرسل فلانا لأقابله في الفندق هنا عرفت أنها عديمة حياء وثائرة على كل القيم والعادات و حتى الدين عزمت على الإنكار .

رغم جبني فأنا لا أحب أن أدخل في مشاكل مع نساء من هذا النوع فهن في الغالب لن يمانعن أن يصرخن و أن يثرن المشاكل ويستغلن كونهن نساء في قمع الرجل المنكر . كنت أنتظر شجاعا يمارس الدور وينصحها أمام الجميع لتعلم أنا لم نتقبلها بشكلها القبيح على أرض العرب و الإسلام استجمعت شجاعتي وقلت سأنكر ولو سحبت من لحيتي خارج المكان ولو جلدت ولو صورت ونشرت في مواقع التواصل "كمتشدد يهاجم فتاة وديعة "

قرأت بعض الآيات من سورة طه وهي قبل آيات مواجهة موسى مع فرعون كان السيناريو المتوقع أحد ثلاث أولا أن تتقبل النصيحة و من خلال خبرتي وقراءتي لمثل هؤلاء الحثالة فهذه النسبة قريبة من الصفر الثانية أن تصرخ وتجمع الناس حول وتصورني و تستغل كونها امرأة في تهييج الناس علي و الثالث أن تتركني وتذهب في شأنها دعوت الله أن تتركني وتذهب فأنا لا أريد إلا الإنكار ويكفيني أن تفهم ذلك ما إن جاءت بجاني حتى قلت لها لو سمحت أختي قفي إلا أن وجهها ورغم كثرة التبرج فيه احمّر ومضت في طريقها حمدت الله كثيرا أنها ذهبت وتنفست الصعداء وافتخرت بنفسي أني على الأقل أنكرت عليها و أبديت الرغبة في ذلك والتفت لمن بجانبي وقلت سعودية قال لي الله يعين المهم نسيت موضوعها .

و أكملت وقوفي في هذه الأثناء برز شخص من جنسية عربية سأصدقكم القول بطبعي أبغض كل المنتمين لجنسيته و الأصل فيهم عندي أنهم منافقين كذبة ظلمة حسدة . سيخرج أحدكم و يقول لا تعمم أقول لكم بل عمم التعميم هو نتيجة طبيعية لسلسة من المواقف وهو نتاج طبيعي لذوي التفكير السليم العيب أن تحاكم لاحظوا أني قلت تحاكم ولم أقل تحكم على الشخص من جنسيته طبعا الرجل بدأ يتكلم مع الموظفين ويحاول يستذكر أساميهم وبالفعل نجح في ذلك فرغبته في تخطي الأدوار أعملت الدوائر في مخه  الصغير المهم فتحوا شباك آخر للصرافة ذهب و صف في الأول وفي الحقيقة أنه يجب أن يُؤخذ الأوائل من الصفوف الأخرى لتكون المسألة أكثر عدلا عموما لتوني فرغت من معركتي مع تلكم المرأة بالتعادل أردت أن أفرغ كل طاقتي في هذا الضعيف فهجمت عليه و أسمعته من الكلام الجارح و أنه مجرد متملق لهؤلاء كي يقضوا حاجته على حسابنا وبدأت أدندن على هذه المسألة ونظرت في عيني الرجل فبدأ يتلعثم في الكلام لم أرحمه وبدأت استغل غياب الحجة واستفرد فيه حتى أتى الموظف وجعله في الصف الأخير وجعلني مكانه.

كان قبلي شخص يصرف المهم بدأت أنظر للمسار الذي كنت فيه يتحرك بسرعة والشخص الذي أمامي لم يحرك ساكنا فعلمت أن الموظفين أرادوا أن يحفظوا بعض ماء وجه ذلك الرجل المراق فسرعوا صفي السابق وبطأوا صفي الجديد المهم أنا قبضنا المال في نفس الوقت فقلت له مستهزأً ما شاء الله التزمت بالنظام و انتهيت قبلنا صافحته لا حبا فيه لكن فقط كي لا أخرج بمنظر المنهزم أمام الجميع وكي أظهر مدى طيبة قلبي , كنت متصنعا بالفعل!.