عبثية الدستورية على أشلاء المدنفين !!

زهير سالم*

الثلاثاء: 31/ 5 / 2022

ناقش الشركاء الثلاثة بالأمس الثلاثاء بحميمية غالبة، موضوع وجوب "احترام مؤسسات الدولة" ، كأصل دستوري، وتحدثوا عن ما يسمونه "الجيش العربي السوري" أنموذجا، وتداولوا موضوع الاعتراف به وبدوره الوطني في قتل السوريين ، وتدمير سورية، وإبادة خضرائها، والاستعانة بالميليشيات المستأجرة المستوردة، التي أعانته على كل رذيلة لم يقدر عليها!!

وربما كان المنتظر من الذين يرشحون أنفسهم لأمر لم يدركوه أن ألآ يدخلوا مع العابثين بهم في "الزواريب" وأن يخصموا اللجاج ويوفروا الوقت بكلمات، نعم والحديث بالمجمل أجمل.

قال العربي الفطري لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: لو كنت أشهد أنك رسول الله ما نازعتك...هل كان يجب أن نرسل هؤلاء إلى دار الندوة ليتعلموا الحجاج. فيقولوا: ولو كنا نعترف أن في سورية دولة ما ثرنا عليها!! ولو كان في سورية دولة وثار عليها الناس لكان لها معهم شأن آخر ..لم يكن منذ 1963 في سورية دولة قط، وإنما هي سلطة متسلطة وظالمة وقاهرة. وعلى هذا يدور الحجاج، وينتهي الكلام. وتقطع جهيزة قول خطباء الفتنة والبغي والإثم والعدوان!!

 

 نعم ،إن كل مؤسسات "الدولة الوطنية" هي مؤسسات وطنية، يجب أن يصونها الدستور، وينتمي إليها المواطنون ..

ولكن عندما يقوم النزاع على الأصل يكون الحديث عن الفرع عبثا، أي عندما يقوم النزاع على "وطنية الدولة" القائمة في سورية" وهل هي دولة وطنية أو سلطة قهرية فئوية، يسقط الحديث عن كل التفاصيل، ونوفر الوقت على أنفسنا وعلى المواطنين المدنفين..

وحين نؤسس لقاعدة أن ليس في سورية دولة، يصبح الحديث عن وطنية "مؤسسات الدولة" مثل الجيش والأمن والقضاء والتعليم والصحة والاقتصاد والثقافة عبثا ولغوا، وتضييع وقت على حساب كل الذين ترتشف دماءهم كما كأس المتة، كل هذه الأذرع الأخطبوطية السلطوية التي ما ثار الشعب الأبي إلا لقطع أذرعها... أو تستقيما، ولن تستقيم حتى تؤسس الدولة من جديد على تقوى من الله ورضوان..

الدولة الوطنية لا يمكن أن تكون دولة الفرد، ولا دولة "العائلة" ولا دولة "الطائفة" ولا دولة "الحزب" ولا دولة "المتسلطين القاهرين" وهنا انتهى الكلام..

الوقت والظرف وكل المعطيات حولنا ، لا تحتمل ولا تتسع أن نفتح ملفات جيش الشرق تأسيسا، وجيش الطائفة تفريعا ، والشروط العملية للانتماء إليها، والسلوك العملي السائد فيها، فالوقت أقصر والقضايا أكثر...

في سورية السلطوية أليس من حق أن نتساءل:        

كيف يجلس الطالب على كرسي التعليم، ويتلقى العلم "موثوقا" من أستاذ يعلم من تاريخه العلمي، أنه ما حصل على المنحة "الوطنية" بخلفيته العلمية، وإنما بخلفيته الطائفية، أو بخلفيته السلطوية، , وأن تقديره يوم تخرج من الجامعة كان بدرجة "مشحوط".

 وكيف يثق المواطن بقدسية مؤسسة القضاء؟؟؟ وهو يتابع القاضي، يداوم بعد الظهر على مقاعد المقاهي، حيث يبيع ويشتري كالمنشار الخصمين معا، أو وهو يعلم أن القاضي يتلفظ بحكم الإعدام بحق "مواطن إنسان" ولا يسأله إلا عن اسمه، فقط ويا ويله إذا كان اسمه عمر!!

مؤسسات الدولة يجب أن تحترم، نعم .. ولكننا دائما نقول: عندما تكون لنا "دولة" فقط دولة، وأشدد "دولة" بأي نموذج تاريخي قامت عليه الدولة، مع أن كل العقلاء يميزون بين مرتسم الدولة ومرتسم "سلطة القهر" وأبشع سلطات القهر ما قامت على خلفية عفنة مقيته في الاعتقاد والسلوك.

وما يفعله هؤلاء العابثون اليوم في "جنيف" يجب أن يدينه من السوريين كل حر وأصيل وشريف.,. وليعلم كل الصامتين على فعلهم، أو المتماهين معهم أنهم ستكت شهادتهم ويسألون ..

 إن جل ما يسعي إليه الشركاء الثلاثة في جنيف هو إعادة توزيع المقاعد في دائرة "المتسلطين" ولكل كرسي ضمن هذه الدائرة ثمن، والأول مستعد أن يعطي، والثاني من حسابنا - أيها السوريون سيدفع- يزاحمون اليوم على دائرة القهر ليجدوا لأنفسهم مكانا بين القاهرين، فيشاركوهم غنمهم على حساب المقهورين، الذين دفعوا ثمن هذه الثورة المباركة ليرفعوا القهر عن أنفسهم..

في لعبة "كذا من نكزه" سيظل السوريون الأحرار أيتاما لا ناصر لهم، حتي يجدوا الفرصة للتعبير عن أنفسهم، والدفاع عن حقوقهم.

الحق والباطل لا يمتزجان. ولا تقوم شراكة بينهما أبدا، ولم تقم شراكة بينهما قطُ، ولا تقوم شراكة بينهما عوضُ. ويا أيها المتماهون مع لعبة الباطل بين شركائه اعلموا: أن الله يعلم ما تعملون...

(إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

اللهم اكفنا شرورهم لفيفا...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية