الشكر لقناة سنا... والتهنئة لقناة سنا

زهير سالم*

الشكر لقناة سنا... والتهنئة لقناة سنا

أطفالنا يتنفسون نظيفا

زهير سالم*

[email protected]

عشتُ منذ البداية مع مؤسسة سنا، وأعيش اليوم مع قناتها. مع القناة معشوقة الأطفال من الصغار، و( الكبار) الذين يأبون أن يغادروا براءة الطفولة. وبالمتابعة المبصرة يرتسم أمام عينيك حجم الواجب الذي يؤديه القائمون على هذه القناة. فوسط العديد من المبثوثات الملوثة، بفتح الواو وكسرها، تنتصب قناة سنا شجرة طيبة تقوم بالدور الذي أناطه الخالق جل وعلا بالدوحة الخضراء وسط عالم من التلوث والفوضى والاضطراب.

نظر بعض الناس إلى هذه الدوحة على أنها محطة مسافر، ومأوى ظليل في حر الهاجرة ، وموئل لترويح النفوس التي خلقت على الملل، ومكان مناسب لتعليق أرجوحة طفل يحاول أن يتعلم الطيران، أو يتهجى اللفظ السليم على يد الأستاذ سليم، كما كانت قريش ترسل أبناءها إلى بني سعد، تقوم قناة سنا بكل ذلك فتغطي وتوّفي وتهدي إلى الطيب من القول، تطبعه في عقل طفل صغير محفوفا بلحن جميل، ولتكون القناة بعد كل ذلك ومعه حصنا ودرعا و جسرا يسلك عليه من امتلك القلب السليم والعقل القويم والطيب من القول الذي يهدي إلى صراط الحميد..

ويربط قناة سنا بالدوحة الخضراء لمن يتأمل أكثر أنهما معا يُغذيان الوجود بمزيد من الهواء النظيف. فلا تجد في مبثوثات (قناة سنا) إلا السماحة واليسر والود والحب والدعوة إلى المكارم في أبسط صورها وأرقى معانيها. وبالمقابل تجد نفيا سمحا لمشاعر النقمة والكراهية والكبر والتعالي. تكرس قناة سنا قيم الإيمان والسماحة واليسر وتنفي ملوثات النفس المتكاثرة فيما حولنا بتحذير طلق من معانيها وفي كثير من الأحيان بدون ذكر ألفاظها وأساميها. فوراء كل قيمة أو كلمة شاعر حساس يستطيع أن يجسد العقيدة والقيمة والخلق أمام أطفالنا الصغار، حتى تتقراها أيديهم بلمس، فيقبلون عليها أو ينفرون من أضدادها، دون أن يقال لهم بالأمر المباشر خذ أو دع.

يزعمون أن قطع الغابات واجتثاث الأشجار كان له دوره في تهديد الوجود الإنساني، وتدمير البيئة الكونية، وفي تقديري أنا ما حدث في مجال الكون من دمار حدث أضعافه في مجال النفس الإنسانية. وفي تقديري أن ثقب الأوزون الأخلاقي يفوق في خطره مرات ومرات ثقب الأوزون الكوني، الذي تجتمع لرقعه الدول والحكومات وتعقد من أجله الندوات، وتسيّر المظاهرات. بالتأكيد أن الثقب الثاني هو مفردة على الطريق من مفردات النتائج السلبية للثقب الأول. وقناة سنا الدوحة التي نتحدث عنها هي الجهد الذي يبث مقومات الحياة حيث يعمل الكثيرون على إشاعة الموات. هي القناة التي تعيد النظافة والوضاءة والتنظيم لفطرة الطفل الربانية، وتمحو ما تقدر عليه من تشويه. في تغريدة بلبل، وهمسة جدول، وأزيز حبل مرجوحة تثبت قناة سنا الملامح الحقة لهوية أصيلة وعصرية منفتحة تتعالى على كل ما ينال هوية أطفالنا من مسح و مسخ. وللهوية في منهج سنا آفاقها الإنسانية الإسلامية والقومية وهي آفاق متداخلة إلى حد كبير.

لن نشكر قناة سنا إلا أن نشعر بالفخر للإنجاز الذي تحققه. قلة من الرجال ومن الإمكانات وكثير من الإنجاز ومن العطاء.. حالة تذكرك بعمرو إذ يستنجد عمرَ بأربعة آلاف فيمده بأربعة فقط، ويقول له ممتنا عليه. آثرتك بهم على نفسي.

ولنشكر قناة سنا من واجبنا أيضا أن نقترب لندرك إن كان لنا دور في دفع عجلة النور التي تعمل حتى اليوم بالكثير من الجهد والدأب والفن والذوق والالتزام...

منذ أيام استحقت قناة سنا الذهبية والبرونزية في جائزة الإعلام العربي.. هل نهنئها على ذلك فقط، أم نهنئها لأنها استحقت فوضعنا بين أيدي القائمين عليها عن ثقة عقول وقلوب أطفالنا..

بارك الله في الهمم، وأعان الرجال، وكثّّر في الأمة العاملين الصادقين المخلصين.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية