قانون التحصين السياسي والإداري للثورة

-قانون حماية الثورة-

أبو عدنان

مقدمة

هل يحق لمن حطم للتو قيوده ان يخشَ من اعادة تقيديه بها ؟

هل تحتاج الحرية الوليدة لابعاد مغتصبيها السابقين عنها ؟

هل يحق للسوريين الذين عانوا طويلاً من نظامٍ وضحوا كثيراً للتحرر منه .. هل يحق لهم بمنع من يعكس سلوكهم في الماضي الطابع الاجرامي والعميق الفاسد لهذه الدكتاتورية منعهم من ادارة النظام الجديد  ..؟

هل الثورة بحاجةٍ للحماية من الانتكاسة .. وممن عاداها ..؟

أليس من الظلم عودتهم .. أليست خيانةً للشهداء وهتافات التظاهرات ..؟

ألا يصعب على من تشبع بافكار الطواغيت والمستبدين وتغنوا بها ودعوا اليها ألا يصعب عليهم ممارسة الديموقراطية ..؟

اذا كان الجواب نعم فان قانون التحصين السياسي والاداري أو حماية الثورة يهتم بتلك المخاوف ويعتبرها مشروعاً وطنياً  ..

إن هذا التشريع لهو ميثاق شرف و أخلاق قد رافق كثيراً من الثورات تاريخياً وجميع ثورات الربيع العربي عدا الثورة اليتيمة السورية. . . لقد قال احد البرلمانيين في تونس عنه انه قانون حماية الديموقراطية وقال أخرون انه يمنع من تعطيل مسار التنمية الديموقراطية وأقول عنه انه ميثاق أخلاق وشرف.

انه مجرد تحييد لمن شارك بمنظومة الفساد ولم يطاله نص تجريمٍ قانونيٍ.

انه يؤطر للقانونية ويمنع الفوضى.

انه غير مفهوم العدالة الانتقالية والتي تكون ضمن إجراتٍ قضائيةٍ طويلةٍ ودائمةٍ وهي على أهميتها فإنه حاجةٌ مستعجلةٌ مؤقتة بل وهو أحد مقدمات ضماناتها بل هو أحد أسباب نجاح المسار القانوني لإي ثورة.

مبادئ وتعريف القانون

المبادئ :

1 تحديد الاشخاص المشمولين بالمنع سواءً كانوا طبيعين ام اعتباريين 2 تحديد الاعمال السياسية  أو الوظائف العامة الممنوع عن الاشخاص السابقين القيام بها

3 تحديد المدة الزمنية الخاصة في الفقرتين 1 و 2

4 لا ينص على عقوبة جزائية ولا يتعلق بإشخاص طالتهم نصوص جزائية

5 لا يطبق بعد محاكمة وإنما من قبل لجنة قضائية ويحق لمن طبق عليه الاعتراض والمحاكمة

6 ذو طبيعةٍ استثنائية مؤقتة

7 يكون عند التحول من نظامٍ الى أخر عبر ثورة شعبية

 

التعريف :

فانون استثنائي يهدف الى استبعاد أشخاص محددين يعتبروا جزءاً من نظامٍ قامت ثورةُ شعبيةٌ عليه عن مزاولة اعمال سياسية أو وظائف عامة محددة ولمدةٍ محددةٍ .

 

 

انتقادات القانون

سياسية

1 يبقى من القوانين الاستثنائية ذات الاثر السلبي على الحياة السياسية وقد كانت القوانين الاستثنائية بحد ذاتها ركنا معتمداً اساسياً من النظام الاستبدادي والذي قامت الثورة عليه فضلاً عن السمعة السيئة للقوانين الاستثنائيةً تاريخياً و النتائج العكسية لها .

2 يمنع من العودة للحياة الطبيعية السياسية.

3  لا يعبر في الغالب عن رأيٍ ديموقراطي بل عن رأي المنتصر ويمكن تسميته قانون المنتصر بامتياز .

4 يؤخر في المصالحة الوطنية.

5 يكرسُ الاقصاء السياسي وغالباً ما يفصل القانون على مقاسِ من يراد استبعادُه 6 إن اوضح مثالٍ للقانون هو قانون اجتثاث البعث في العراق

قانونية

1 درجت المنظمات الحقوقية ووفق المبادئ العالمية على انتقاده في البلدان التي صدر فيها بإعتباره يحد من التعبير والمشاركة في الحياة العامة فقد انتقدت منظمة ( هيومن رايتس واتش ) قانون العزل السياسي المعروض على البرلمان التونيسي لانه يحرم ألاف الاشخاص من أخد حقوقهم الاساسية وانه يوفر أرضيةً لإقصاءٍ سياسي شبه كامل اعتماداً على انتماءٍ حزبي كما ان منظمة ( العمل الدولية ) اعتبرت ان قوانين العزل السياسي تميزية ضد التعبير عن الرأي السياسي و المشاركة في الحياةِ العامة .

2 ولعل من أهم الانتقادات الحقوقية لهذا القانون أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة بالمحاسبة،والقانون يحرم المعزول من محاكمة و هي إن جرت فعلى الغالب بعد ان يتم عزلُه .

 

مبررات القانون

1 مبررات تاريخية :

ليس القانون بدعةً من الزمان فقد أقر وترافق مع كثيرٍ من الثورات التاريخية كما و أٌقر في بعض ثورات الربيع العربي ومازال يناقش في بعضها الاخر بل يمكن القول أن تأخر صدوره في بعض دول الربيع العربي كان له نتائج سلبيةً في عودة الدولة العميقة للحكم اما على الصعيد الوطني فإن عدم اعتماد هذا القانون قد تسبب في تسلق المتسلقين على الثورة و كانوا سبباً في كثيرٍ من الاحيان بانفصال قاعدتها عن هرمها و إبعاد شبابها عن دائرة صنع قرارها و فقدان قيادة ٍ موحدةٍ لها بل كان السبب الرئيسي لعدم سرسان نبض الثورة في عروقِ الكثيرين ممن اختاروا الحياد ولسان حالهم يقول كانوا بعثيين و مشايخ سلاطين (يشبحون) وعادوا إلينا ثوريين ومازالوا يشبحون .

وقد تكرس القانون في أهم دستورٍ و اقله موادً وهو دستور الولايات المتحدة الامريكية حيث ينص التعديل الرابع عشر الذي اضيف بعد الحرب الاهلية على ان اولئك الذين خدموا في صف الجنوب لا يمكنهم العمل في الوظائف العامة او الترشح الا بموافقة ثلثي الكونغرس .

كما نصت معاهدة توحيد ألمانيا عام 1990 على ان من عملوا في الجهازالامني والمتعاونين معهم و أعضاء الحزب الشيوعي في ألمانيا الشرقية يعتبروا أناس غير صالحين للاستمرار في شغل مناصب رفيعة ومسؤولة عامة في النظام الجديد .

وكما ان أوربا في عام 2000 فرضت على النمسا استبعاد الفائز في الانتخابات ( هايدن ) استبعاده من الحكومة لما عُرف عنه من عنصريةٍ تجاه غير النمساوين

وكان هذا القانون بمسمياته المختلفة ومضامينه الواحدة تقريباً هو موضوع نقاش في الهيئات السياسية أو البرلمانات في دول الربيع العربي فهو اي القانون يرتبط بالثورات وتبديل نظام الحكم من استبدادي الى ديموقراطي ومناقشتُه حاجةٌ ملحة موضوعه غير موضوع العدالة الانتقالية كما تم بيانه .

2 حقوقية

لا تمنع اي اتفاقيةٍ دوليةٍ أو قانون محلي اشتراط حسن السيرة والسلوك بشاغل الوظية ولا سيما إذا كنت من الحلقات الاولى المهمة والمؤثرة

كما انه لا يمكن ان تطال نصوص قانون العقوبات جميع من ايد الاستبداد و الدكتاتورية وذلك من الناحية الجزائية فضلاً عن انه وفي حالات كون البعض تطالهم النصوص الا انه يتعذر ايجاد و جمع ادلة الاتهام ضدهم بسبب ما كانو  يتمتعون به من نفوذٍ وسلطةٍ .

ان استبياناً عن القانون جرى لعشراتِ من الحقوقين العاملين بالثورة بين رفض الغالبيةِ من المستبانِ رأيهم للقانون وكان السبب اما انهم كانو بعثيين عاملين أو مشايخ كانو بمرحلةٍ من المؤيدين، كما وبينت بعض الاراء جهلهم بالقانون وعدم الحاجة اليه للتمايز الحاد الشاقولي في المجتمع بين مؤيدٍ ومعارض،كما وبينت اراءٌ اخرى رفض القانون بسبب عدم وجود اساسٍ له في الشريعة الاسلامية .

الامر الذي يؤكد الحاجة بل الحاجة القصوى للقانون لما يؤسس له من ثقافةٍ قانونية في الثورة وحمايةٍ من المتسلقين عليها من كبار البعثيين ومشايخ السلطة .

ان القانون هو لمرحلةٍ مؤقتة حتى تتبلور وتنضج وتنتظم المفاهيم الحقوقية الجديدة وتستطيع الدولة استرداد عافيتها .

تتبع هذه الدراسة نماذج عن مشاريع قوانين حماية الثورة و التحصين السياسي و العزل السياسي في مصر و ليبيا و تونس وبعضاً من المناقشات الجارية ثم الاستبيان الذي تم ومن ثم مناقشة اقتراح مشروع قانون سوري.