خواطر فؤاد البنا 862

أ.د. فؤاد البنا

لا أستغرب من موت ضمائر كثير من الذين استحوذ عليهم الشيطان وذهبوا بعيدا عن الله، لكنني أستغرب أشد الاستغراب من أناس يظهرون في ثياب التدين، حيث لا تتوقف أقدامُهم عن التردد على بيوت الله في كل صلاة، لكن أياديهم لا تكف عن السطو على حقوق الناس، وربما خلت قلوب بعضهم من حقيقة الإيمان، بينما تعاني ضمائرهم من موت سريري؛ نتيجة علمانيتهم المُقَنَّعة التي جعلتهم يَفصلون بين حقوق الله وبين حقوق الناس، ذلك أن شعائرهم التعبدية لا تقام بمعانيها وإنما تؤدّى بمبانيها، مما جعل ثمرتها مجرد انفعالات تملأ الآذان بالضجيج، لا فاعليات تملأ الأعين بالانبهار!

*****************************************

نرى في حقول حياتنا الكثير من أشجار الحَنظل، وجميع الزارعين يزعمون أنهم إنما غرسوا أشجار زيتون، فهل اختلت منظومة الأسباب؟ أم أن الخلل في منظومة تفكير هؤلاء الذين يغرسون فسائل الوهن وينتظرون رؤية أشجار القوة تبسق في وديان الواقع؟!

*****************************************

الحرية لا تعني الفوضى، والشورى لا تعني التذبذب في اتخاذ القرار، فإن الارتياب يُفُت في عضد العزم، والتردد ينال من قوة الإرادة؛ ولهذا قال الله لنبيه بعد الأمر بالمشاورة: {فإذا عزمتَ فتوكّل على الله}.

*****************************************

أدى الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية إلى صناعة انقلابات خطيرة في كافة مجالات الحياة، وأخطرها هو انقلاب الهرم الأخلاقي والاجتماعي رأساً على عقب؛ حيث صعد الأنذالُ واللصوص إلى قمة الهرم الذي صنعته الأيادي الآثمة والأقدام المسارعة إلى الخطايا، وسقط الكرام والشرفاء إلى القاع، ورأينا الشرفاء يموتون جوعاً وقهراً بينما يرقص الأوغاد على جثثهم نشوةً وطرباً، على طريقة قبائل الزولو الهمجية في جنوب إفريقيا !

*****************************************

كم للثقافة السلبية في مجتمعاتنا من حضور طاغٍ، حيث نرى الانفعالات تسابق الغزلان ونرى الفعاليات أبطأ من السلاحف، وكم نسمع ألسنة السلبيين تستنكر ما يقوم به دعاة الظلام ولا نرى أيديهم تمتد بجانب صُنّاع النور! إن هؤلاء لا يزالون يُقدمون النهي عن المنكر على الأمر بالمعروف، مع أن القرآن قدّم الأمر بالمعروف على النهي عن المنكر في كل المواضع في القرآن.

*****************************************

إن اصطفاف سائر أحرار اليمن تحت راية الولاء لوطننا وحده، هو الكفيل بتمزيق صفوف الانقلابيين شرّ ممزق، وإعادة ما بقي منهم إلى كهوف الظلام وإعادة الاعتبار لشعبنا العزيز الذي ضاقت به الملاجئ ولفظته المنافي.