المعين على الفهم... في موضوع هجرتنا المباركة إذا أردناها مباركة

زهير سالم*

ومن المعين على الفهم أن تفهم كيف يفكر نظيرُك، ندُّك، خصمُك، عدوُك… وأكبر مقتل للذكي أن يظن أنه الوحيد الذي يفهم، وأن مَن أمامه لا يدرك أبعاد نقله لبيدقه على رقعة الشطرنج، يتوقع منه الغفلة، أو يظن فيه القصور، أو يفكر بنفسه بنرجسية..من قال: أنا خير!!

في قضية اللجوء واللاجئين يتداخل الانساني بالقومي بالاجتماعي بالاقتصادي والحاضر بالمستقبل، وبعض الناس يغلبون التفكير في بعد من مثل هذا ، حسبما تقتضيه لحظتهم!!

أقرب مثل حي في ذاكرتنا المسألة "الأرمنية"

كلنا نؤكد على البعد الانساني للموقف الانساني من اللاجئين الأرمن يوم حلوا ضيوفا على أرضنا فأمناهم من خوف منذ ١٩١٤..

الأبعاد الأخرى للمسألة كانت غائبة..

اليوم الأرمن في لبنان لهم كوتا في الصوت الانتخابي.

والشركس في بعض الدول الأخرى كذلك..

من مصلحتنا بوصفنا لاجئين سوريين في هذه المرحلة أن نبقي قضيتنا، ومناشدتنا في إطارها الإنساني، خائفون وطالبون للأمن والأمان..

لا يجوز أن ننكر أو ان نعتب على الآخر إذا طالع الأفق فنظر إلى ما وراء السحب..

ولكن من تمام عقلنا ان نغرق مشهدنا بالبعد الانساني للحظتنا.. وأن لا نستعجل…

علينا كسوريين أن نفكر بعقل جمعي سوري على القواعد التالية :

- الثورة السورية في أبعادها كافة ومنها البعد الانساني لم تنته بعد، وأعداد اللاجئين مرشح للزيادة…وعلى اللاجئ الذي استقر، أن لا يقطع الطريق على اللاجئ الذي لم يستقر..

وحين يفكر التركي بإعادة مليون لا جئ سوري، عليه أن يتوقع استقبال مليون لاجئ آخر، يوم تتحقق النبوءات الروسية والايرانية والأسدية.. وعلينا أن نعينه على ذلك، وفي بعض دول الغرب يبنون المزيد من المراكز لاستقبال المزيد من اللاجئين، يبدو أن قرون الاستشعار لديهم أكثر حساسية أو صدقا مع أنفسهم..

- على اللاجئ السوري الذي استقر في بلد أن لا يشوش على اللاجئ المستقر في بلد آخر، وفي كل بلد في العالم، وحدة للمعايير والمكاييل والموازين، وعلينا أن نراعيها، وكأننا في كل مكان، لمصلحة بعضنا، وبما يخدم قضيتنا الجمعية أيضا…

- أن لا نسارع إلى تصديق ما قال الشانئون والمبغضون عنا، بل نظل ننفيه، ونأباه، ليس خبابة ومكرا، وإنما شكرا وعرفانا. ونعتبر الزمن المتاح فرصة لحل مشكلاتنا، وليس لتعقيدها وهذا زبدة خلاصة الفهم السياسي والانساني.

- العودة إلى الوطن -في مثل ظروفنا- استراتيجية "شرعية- قومية-وطنية اجتماعية- اقتصادية-" فيجب أن نتبناها، ونتمسك بها، ونربي عليها، وندافع عنها.

سيتحكم بقرار العودة لكل منا، قانون الضغط الأسموزي، لن يعود إنسان -إلا من رحم- إلى وطن الأمن فيه أقل، أو الجوع فيه أكثر، وبين هذا وذاك أمور مختلطة ومتشابكة، يجب أن يحسن العمل عليها العاملون..

الهجرة فرصة لإنجاز ما عجزنا عن إنجازه في ظل القهر والخوف والظلم، فهل نحن عاملون؟؟

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية