المنشد الداعية رضوان خليل عنان ( أبو مازن)

عمر العبسو

sgdfsg1024.jpg

(١٩٥٢- ٢٠٢٣م)

  هو المنشد الداعية، ورائد النشيد الحركي الإسلامي المعاصر.

   من مواليد حي الميدان في دمشق عاصمة سورية ٢ / ١٠ عام ١٩٥٢م.

   نشأ، وترعرع في حي المهاجرين في ظل أسرة مسلمة ملتزمة بتعاليم الدين تحب العلم، وتحترم العلماء. 

بدأ النشيد الإسلامي، وهو في المرحلة الثانوية. 

وانتج خلال ٢ سنة تسعة أشرطة.

وصمت عن الأنشودة مدة طويلة حتى شاع خبر استشهاده.

ثم أخرج الشريط ١٠ تحت عنوان لا تحزني عام ٢٠٠٣م.

وكان يتردد على مسجد حي المرابط.

ثم ذاع أمره وانتشرت أشرطته. 

الدراسة، والتكوين:

درس مراحل التعليم المختلفة في مدارس دمشق.

ثم حصل على شهادة الليسانس في الرياضيات والفيزياء من كلية العلوم في جامعة دمشق.

  هاجر إلى مصر نتيجة مضايقة النظام السوري ضد الدعاة في عام ١٩٨٧م، واستمر بعد الثورة في طريق الهجرة الطويل إلى مصر حتى وفاته.

امتاز نشيده بحسن اختيار الكلمات وعذوبة الأداء له حوالي ٩ أشرطة مسجلة.

   استمد أناشيده من المجلات الإسلامية في ذلك الوقت ثم قرأ دواوين الشعر الإسلامي المعاصر مثل شعر سيد قطب، والشاعر هاشم الرفاعي، ود. يوسف القرضاوي، ومحمد منلا غزيل، وإبراهيم عزت ، ويوسف العظم، وعصام العطار... وغيرهم.

   ولقد نشأت في بداية الشباب على أناشيده، وأناشيد إخوانه أبو دجانة، وأبو الجود، وأبو راتب، والترمذي، وحاج أحمد بربور ...وتلك المدرسة من المنشدين الدعاة.

 وكان رحمه الله تعالى طيب القلب، لطيف المعشر، يقول الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم.

وفاته:

  توفي المنشد أبو مازن رضوان خليل عنان ( أبو مازن) في مدينة القاهرة يوم الأربعاء ١٥ أذار عام ٢٠٢٣م. عن عمر ٧١ عاما، وصلي عليه في مسجد الصديق، ودفن في مقابر بلبيس. 

رحمه الله تعالى رحمه واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

المنشد أبو مازن كما عرفته:

كتب الإعلامي المصري خالد عبد الله:

16/3/2023

  المنشد السوري أبو مازن (مواقع التواصل الاجتماعي)

كان الفتى طفلا صغيرا لم يبلغ العاشرة بعد، يسمع صوت هذا المغرد يملأ جنبات بيت أسرته، بعض إخوته الكبار يحفظون كل كلمة في الأناشيد بلحنها من غير خطأ، تعلق بالحالة والجمال معا مع معايشة للواقع زادت ما يسمعه وضوحا وعمقا وتأثيرا.

  أحب الفتى ذلك الصوت وصاحبه، ثم أصبح يردد تلك الأناشيد بصوته بين الناس، وفي داخله "أنى له أن يبلغ مبلغ صاحبها"، فصاحبها لا ينفصل عنها حقيقة ومعايشة وصدقا، فضلا عن طبقات صوته وإتقان فنه، حفظ الفتى كل ما سمع، فجمع من المعاني والقيم والمشاعر والصور والطموح والآمال ما لا يستطيع أن يحصره في كلمات.

وبعد عشرين سنة يعلم الفتى -وقد صار رجلا وأبا- أن مثله الأعلى في النشيد ورفيق الروح الذي لم يره من قبل يعلم أنه حي يرزق على خلاف ما كان يظنه كثيرون، والأعجب من هذا أنه يعيش في البلد ذاته منذ سنوات طويلة ولا يعرف ذلك أحد، إنه في مصر، أبو مازن في مصر.

بدأنا في استئناف العمل الفني من جديد، فاختار أن تكون معظم كلماته من ديوان الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله، وكانت لحظات عجيبة كأن مفاجآتها لا تنتهي

كان ذلك في العام 2001، اتصلت به ورحب بلقائي، وبدأت زيارات عديدة، وجلسات ماتعة أتعرف من خلالها على تلك الشخصية الفريدة، كنت أتلمس المعاني من صورة ذهنية رسمتها في خيالي عنه، فإذا هو مثالها وحقيقتها، الخلق الأصيل الراقي، العمل الدؤوب، القدوة العملية، الشخصية الهادئة الواثقة مع تواضع تذوب حياء معه.

  بدأنا في استئناف العمل الفني من جديد، فاختار أن تكون معظم كلماته من ديوان الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله، وكانت لحظات عجيبة كأن مفاجآتها لا تنتهي، فهذا الديوان حوى أجمل ما أنشد أبو مازن: ملحمة الدعوة، اليوم عيد، مصعب بن عمير، حبيبتي بلادي، وغيرها.

توافقنا على عدة قصائد وبدأ في تجهيزها، وبالتعاون مع أخي وصديقي سميح زريقات في الأردن أخذنا خطوة بالسفر إلى عمّان، وكان من جميل فضل الله علي أن عشت أياما في غرفة واحدة مع أستاذي أبي مازن، اقتربت من ذلك الكبير أكثر، شهدت أخلاقه ورقي معاملاته، صدق مشاعره نحو دينه ودعوته وأمته، حكى لي عن شيخه وأستاذه في سوريا، الأستاذ جودت سعيد رحمه الله، فما وجدت الرجل إلا نموذجا مثل أستاذه.

  رأيته مع العمال في مصنعه كأنه واحد منهم، رأيته إماما في مسجده يحبه كل من حوله، قدوة عملية، منشرح الصدر، باسم الوجه

  لم أشعر لحظة منذ عرفته أني أتعامل مع فنان يسعى إلى شيء مما يرغب فيه كثيرون، بل مع داعية وظف كل طاقته لخدمة دينه وما يؤمن به، لأثر يبقى في قلوب الناس، وتغيير يلامس القلوب والأرواح، ويحرك الهمم والطاقات، رأيته مع العمال في مصنعه كأنه واحد منهم، رأيته إماما في مسجده يحبه كل من حوله، قدوة عملية، منشرح الصدر، باسم الوجه، يؤثر الجد من غير عبوس ولا تشدد، محب لأهله، شديد البر بأمه، ويبقى أثره في الفن والنشيد -لغايات التربية والدعوة- عميقا في نفوس محبيه من شرق العالم الإسلامي إلى غربه، رحم الله أبا مازن رضوان خليل عنان، وجمعنا في مستقر رحمته، وعوّض الأمة عن فقده.

وغدا يجيب لنا المجيب دعاءنا ودموعَنا وصلاتَنا ورجاءَنا

وغدا نرى من يمكرون بديننا يستنجدون من اللهيب بغيثنا

وغدا سنضحك ملء كل قلوبنا في دار خلد زُيّنت بحبيبنا.

وفاة المنشد السوري الشهير (أبو مازن) رضوان خليل عنان

15/03/2023 

  وقد نعته قناة الجزيرة كما نعاه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومركز الشرق العربي يديره زهير سالم.. وضجت وسائل التواصل الاجتماعي في نعيه ..

وجاء في نعي الأتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يلي:

(توفي المنشد السوري الشهير (أبو مازن) رضوان خليل عنان صباح اليوم الأربعاء 23 من شعبان 1444 الموافق 15 مارس 2023 في العاصمة المصرية القاهرة، وه من مواليد دمشق عام 1952م دمشق، وتخرج من كلية العلوم بجامعة دمشق بتخصص الرياضيات.

  يعتبر المنشد أبو مازن من رواد منشدي الصحوة، حيث اشتهر بأناشيده التي تناولت مواضيع الدعوة والإصلاح والصمود في وجه الظلم والطغيان، والتي كانت تُنشد بألحان حزينة تناسب الأجواء التي يعيشها السجناء تحت أقبية السجون الحالكة، وفي ظروف الظلم والطغيان التي تسود سوريا وغيرها من بلدان العالم الإسلامي.

  بدأ الأستاذ رضوان خليل عنان الإنشاد الملتزم، وهو طالب في المرحلة الثانوية، وأنتج خلال عامين أشرطته التسعة، وكانت من أشهر أناشيده (أناشيد أبي مازن)، والتي حققت شهرة واسعة في السبعينيات والثمانينيات. ومن بين أشهر أناشيده (ملحمة الدعوة، وقصة شهيد، وأخي أنت حر، وآنست نور الله، ونم يا صغيري)، وأنشد شريطًا عاشرًا بعنوان (لا تحزني) عام ٢٠٠٠.

  بعد توقف أيام البطش والقهر أوائل الثمانينيات، انتقل الأستاذ رضوان خليل عنان إلى العمل في مجال الهندسة وهاجر من سوريا عام ١٩٨٧ ليفتح مصنعًا في مصر، حيث عاش، وعمل حتى وفاته اللَّهمَّ اغفرْ لَهُ وارحمهُ، وعافِهِ واعفُ عنهُ، وأكْرِم نُزَلَهُ، ووسِّع مُدَخلَهُ، واغسلْهُ بالماءِ والثَّلجِ والبَردِ، ونقِّهِ منَ الخطايا كما نقَّيتَ الثَّوبَ الأبيضَ منَ الدَّنسِ، وأبدِلهُ دارًا خَيرًا مِن دارِهِ، وأهلًا خَيرًا مِن أهلِهِ، وزَوجًا خَيرًا مِن زَوجِهِ، وأدخِلهُ الجنَّةَ ونجِّهِ منَ النَّارِ.

في وداع الراحلين..

وكتب الداعية زهير سالم يقول: 

رحل عن دنيانا

الصوت الذي طالما أشجانا..

رحل ابو مازن، " رضوان خليل عنان"ولصوته في أذن الزمان وجيب..

  رحل المنشد الذي غنى للعزم والعزيمة، وللهمة العلية، والذي جمّل الصبرَ والصبرُ مر علقم..وحتى أنشد أسيرنا ويتيمنا ومهجرنا:

صابر الصبرَ فاستغاث به الصبرُ

فقال الصبورُ: يا صبرُ صبرا

اللهم اغفر له وارحمه وأعلِ نزله وزده إحسانا وعفوا وغفرانا..

اللهم إنه كان ممن دل خلقك، عليك. وحببهم بك، وقربهم إليك وشحذ هممهم في مواجهة عدوك وعدوهم..

  ووفد اليوم عليك فاجعل قراه منك الجنة. 

 واكتب له حسنة بكل كلمة أشجت السامع، أو أذرت المدامع.

  ونشهد اأنه كان لسان الصدق فيما أنشد، وقال.

وعظم الله أجر أسرة الفقيد، وأجر إخوانه وأحبابه ومستمعيه…

لندن: ٢٢ شعبان/ ١٤٤٤- ١٥/ ٣/ ٢٠٢٣

بين يدي فراق المنشد أبي مازن..

وكتب الشاعر الداعية محمد جميل جانودي يقول في رثائه:

  لقي اليوم وجه ربه، ابنُ الشام البار، المنشد المبدع الشجاع، ذو الصوت الشجي، والحنجرة المعجزة، المهندس رضوان خليل عنان المشهور بـ (أبو مازن)، لقي ربه مهاجرًا في مصر الكنانة، بعد عمر كان عطاؤه فيه جزيلًا وكثيرًا ومميزا...فقد لخص حياة دعاة الأمة وشهدائها، ومناحي جهادها المختلفة بأناشيد كانت تعبر أصدق تعبير عن حياة أولئكم النخبة من أمة الإسلام العظيم...تحدث عن أفراحها وأتراحها، تحدّث عن ميادين الدعوة التي زينتها وملأتها حركةً، ودعوةً، وعلمًا، وجهادا.. تحدّث عن معاناة أولئكم الأبرار وهم في سجون الطغاة، وعن معاناة الأرامل وهن يُرَبِّين أبناءهن ويلقنّهم مبادء الدعوة التي حملها آباؤهم ويشرحن لهم فيم قضى آباؤهن؟ وتحدّث عن الإعداد والاستعداد لشباب الأمة وهم يقومون بواجبهم تجاه دعوتهم بالدفاع عنها ونشرها، والذود عن حماها... وتحدّث وتحدّث... وكانت حنجرته مطواعًا له، يوجه نبرات صوتها بالمناسب مما يصدح به ويُنشده...

رحم الله أخانا أبا مازن، وأكرم وفادته، وجعل له مزمارًا في الجنة يحيّي به إخوانه السابقين، ويستقبل به إخوانه اللاحقين وجميعهم فرحين مستبشرين بتكريم ربهم لهم...وعظّم الله أجر الأمة على صبرها على فراق عملاق من منشديها الذين قضوا وهم يقدمون للدعوة أجل الخدمات في تحبيبها للبراعم الأطفال، وفي الاستئناس بكبير معانيها من قبل العاملين الكبار، والذين كانوا بعطائهم المميز الجزيل خير من وصف المحن التي حلت برجال الدعوة وكان عطاؤهم ذاك أقوى محفز على الصبر والمصابرة والثبات... وجميل العزاء لخاصة أهله وأقربائه وأرحامه... إنا لله وإنا إليه راجعون..

شباب الحق لن تنساك يومًا...

إسطنبول في الأربعاء 22/شعبان/1444 و15/آذار/2023.

  عرفته حين كنت لا أعرف من الكلمات إلا أبسطها، ومن الألحان إلا وقعها، ولا أدرك من المفاهيم إلا آثارها على وجوه من حولي.. كنت أصغر من أن أفهم معاني أناشيده حينها ولكنني كنت أطرب وأرقص لها وأنا أسمعها على مسجل سيارتنا في طرق السفر والمشاوير .. ثم غاب والدي خلف تلك القضبان التي كان يردد لفظها مع منشدها أبو مازن في أنشودته أخي أنت حر وراء السجون، فعرفت حينها معنى القضبان والسجون، غاب أبي وغابت عني تلك التسجيلات وهذه الأناشيد عاماً أو عامين ربما، إلى أن اكتشفتها في أحد دروج بيتنا، كانت كاسيتات تحمل أسماء أصحابها، أبو الجود،الشيخ أحمد البربور، أبو راتب، أبو مازن، أبو دجانة، عندما وضعتها في جهاز التسجيل أعادت لروحي تلك السعادة التي كنت أشعرها سابقاً وأنا أسمعها في سيارتنا، أعادت لي نشوة والدي.. وذلك البريق السحري الذي كان يلمع في عيونه ويشرق به وجهه وهو يسمعها... أعادت لي والدي... فأصبحت رفيقتي وأنسي وملاذ شوقي ومضت الأيام ومع مضيها بدأت أفقه الكلمات فاكتشفت أن فيها كنزاً مخبأً تركه لي أبي قبل غيابه، فيها كل ماأراده لي، وماأراده أن أكون، حفظتها وتشبعت معانيها ومزجتها بروح عقلي، كم حلقت مع ألحانها، وكم هبت روحي مع نسيم الإيمان وأنواره كلما سمعت أبا الجود ينشد هبي ياريح الإيمان وكوني إعصاراً.. هبي في أرجاء الأرض وذري الأنوارا، وكم تصبرت روحي وسكنت كلما سمعت أبو مازن ينشد بصوته العذب، وكان مصعب معطراً بأطيب العطور، وكانت شامة أحبت الحياة، ثم يسترسل في رحلة إيمانه وثباته، وكم صاغت كلمات أبو الجود خلي يدي فلست من أسراك، علاقتي مع الحياة، لم ينبهني أحد لخطورة تلك التسجيلات ولكن البريق الذي كان يشع في عيني والدي حين سماعهم سابقاً أخبرني بأنهم سر ثقيل كالجبال، وعلي تحمله، كبرت وكبر السر حتى انفجر مع من ثاروا أخيراً على الطغيان الأسدي عام ٢٠١١، وعادت تلك الأناشيد مجدداً تصدح بدون خوف في وجداني وأصدح بها علانيةً في وجه الطغيان، الليل ولّى لن يعود.. وجاء دورك ياصباح، والآن وبعد تلك السنوات وفي أيام ذكرى الثورة نقرأ خبر وفاة منشدها أبو مازن ليذكرنا حتى وهو ينتقل لجنان ربه بإذن الله أن الثورة مازالت مستمرة ماضية، وأن الليل ولّى ولن يعود وأنه قد جاء دورك ياصباح

رحم الله أبو مازن والشيخ البربور، وحفظ الثلة الباقية هؤلاء الذين صاغوا وجداننا وعلمونا معنى الحرية رغم أنف الطغاة والقيود.

مصادر الترجمة:

١- مركز الشرق العربي. 

٢- صفحة الشاعر جميل جانودي.

٣- موقع الجزيرة نت. 

٤- مواقع الكترونية أخرى.