شاعر عكاظ

د. منير الغضبان

أبو ياسر

شاعر عكاظ

عبد الله عيسى السلامة

[email protected]

د. منير محمد الغضبان *

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أخي الحبيب شاعر عكاظ العرب .

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أفصح الخلق لسانا وأعظمهم بينا محمد رسول الله والذي قال له الصديق إني أراك يا رسول الله أفصح العرب فقال : ومالي ألا أكون كذلك وأنا من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر " وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين .

دائما أبحث عنك أيها الأخ الحبيب فلا أراك ويحضرني دائما ما يقال لأبي تمام وما قال لهم :

 قالوا لم تقول ما لا نفهم

قال : لم لا تفهمون ما أقول ؟

فأنت شاعر العقل العربي الراشد في الأمة ، تمزج هذا العقل بقلبك ودمك ، فتنصهران معا ً فيقع بينهما ما يسحر الألباب ويقع بينهما ذلك الالتحام .

إن في ذلك لآيات لأولي الألباب .

فهل الألباب العقول أم القلوب ؟

إنه التحام كامل بينهما كان فيما مضى رسالة العلماء الذين حاولوا أن يستخرجوا الذهب من المعدن الأدنى فأطلق على علمهم السيمياء إي علم السحر ثم تطور فصار الكيمياء . أما هم فلم ينجحوا فيما بغوا فيه أما أنت فنجحت فدخلت  في ظلال النص النبوي الخالد " إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة " فجمعت بينهما شعرا خالدا وروايات أوابد.

أخي الحبيب لم يكن يدور في خلدي أن تكون في عكاظ حيث كان شاعر العرب يقرر هناك ، حيث يتحرك حسان والخنساء ويتحرك لبيد والأعشى ففي هذا السوق تعرف العرب شاعرها وهاهو عكاظ اليوم وهاهم العرب قد عرفوا شاعرهم وأسلسوا جميعا لك القياد واختاروك على كل من دونك من الشعراء .

يجمجم قلبي أيكما شاعر العرب يا أخوي الحبيبين يا أخي عبد الله ويا أخي نجيب ، تأتي صور الدكتور الحبيب مراد فأرى صوره  تلتمع التماع النجوم الوضاء في السماء لا يدرك سموها أحد وتأتي أنهار الحبيب السلامة وهي تجري في أعماق الأعماق تستخرج الكنوز والدرر واللآلئ فلا يغوص إليها ولا يبلغها أحد . ترى أي عيني أحب إلي ؟

لقد علمني حكماء العرب ألا أحكم إلا لكما معا تحاذيتما على الركب وصرتما كفرسي رهان. تناول كل واحد منكما عالما ً  فهو قمة في عالمه وكلاكما ينتمي إلى أرومة واحدة أرومة هذا الدين والجهاد في سبيله وفي دوحة العلياء لا يفترقان فأنتما  ثورة بركان الإيمان في وجه الطغيان .

أخي الحبيب أبا ياسر : لكم عشت معك شاعرا وقاصا ومنظراً لم أرك لحظة من اللحظات لنفسك ، إنما وهبت قلبك وقلمك وعقلك وذاتك لأمتك وكم من الليالي أحييناها إلى الفجر ما كانت لحظة فيها لأمر ذاتي أو هم شخصي ، لم ألتق فعلا مع إنسان ما له ذات كما التقيت معك ، ودعني أشبهك بعملاق الفكر الإسلامي المعاصر : الأستاذ محمد قطب ، فما أذكر لحظة أنني التقيت معه مرة إلا يعطي لنفسه دقيقة أو دقيقة ونيف ، كيف حالك ؟ الحمد لله بخير ثم يتدفق الفكر يتكلم لا الإنسان ، أما أنت فلم تكن يوماَ فكرا فقط إنما كنت فكرا مشتعلا ً ولهبا متوقدا دون أن يظهر أثر ذلك عليك فالإعصار في قلبك يهيج هيجان البحر المتلاطم لكن الذي لا يملك إلا النظر إلى المظهر ويقصر عقله عن كنه ما تدركه سرعان ما يملل ويسأم وينصرف إلى شايك ومائدتك ! ولا شك أنك أعددت لكل حالة لبوسها ولكل إنسان لسانه ومقاله ولا أزال أذكر دائما مقولتك المشهورة

" أن أجلس في مجلس لا يُتحدث فيه إلا الكلام الفارغ (والعلاك المصدي) ، يقطعني ذلك الأمر كما لو كنت أُنشر بالمنشار "

كثيرا ما يبدأ الجو بيننا هادئا وسرعان ما ينساب الخلاف في الرأي انسياب النسيم وكل يعرض وجهة نظره ويدلل عليها ولا نقوم  عن مجلسنا إلا على نقاط ارتكاز .

أخي الحبيب : أحار والله في أي عوالمك أعيش فلو وقفت مع عالم الشعر لكنت أسير الهم والأمل واللظى فإذا قال غيرك في درب حياته

قال السماء كئيبة وتجهما     قلت ابتسم يكفي التجهم بالسما

قلت أنت :

قلت ابتسم عني .

فأنت من مذهب سابع الخلفاء الراشدين نور الدين زنكي الذي طلب منه أن يبتسم فقال : كيف أبتسم والقدس أسيرة بيد الصليبيين ؟

وها أنت عاريا في قصيدتك :

لا تثقلي القلب إن الهم يثقله       قد كاد يبهظه، بل كاد يقتله

لم يبق من وجع إلا استبد به     وليس في الكون هم ليس يهمله

أما الأمل والسراب اللذان يتلاحقان بك ، مهما حاولت إخفاءهما فلن تستطيع :

يغدو وراء طموح شارد iiوجل
يـفـر مـن قلق فظ إلى قلق
إن جنّهُ الليل أمسى فجره iiأملا
الـملح في دمه والمر في iiفمه




ومـا  يُـصـبّـره إلا iiتعلله
فـظ إلـى قـلـق فظ iiيقلقله
فـيسلب  الفجر منه ما iiيؤمله
أهلان في منزل لا بشر منزله

ولن تستطيع إلا أن تختم جولتك بأملك :

فقصّر الدرب نحو العجل تسلكه     فوق الفراعين أحرار تجندله

وهذه فلسفة الظلم عند شاعرنا العظيم

ليس بالظالم الذي يسحق الشعب
إنـمـا  الظالم الذي يمكّنُ iiالظا
وجـبـان  يـغمد السيف رعبا
وفـقـيـه  يـزيّن الذل iiبالفقه
نـسـي  الـعـز إن للعز iiفقها





ويـجـنـي ما شاء من iiأرزاقه
لـم مـن قـهـره و شد iiوثاقه
حـين تمسي حياته في iiامتشاقه
فـتـعـسـا  لـلخئن iiالمتفاقه
ضـج  سـم الطغاة من iiترياقه

أما أنت يا أبا ياسر فما أقدرك على وصف نفسك :

أطلب الموت ، وحاذر أن تموت     أطلب الموت كأن الموت قوت

كن شهيدا ، كن قتيلا ، كن نسيما حالما بين البيوت .. أطلب الموت وحاذر أن تموت

وأين يعيش المجاهد في هذا العصر ؟

فكيف تفعل في هذا العصر :

أيها ال : لا ، أيها ال كلا  التي تحرق أحلام جراء الدمن

سأدعك في عرينك ، وفي قمتك العليا ، لأقول لكل الجماهير ، انظروا شاعر عكاظ العرب ، عاد المجد فانبعث بك من جديد ، لكل أمة العروبة والإسلام ، هنئوا معي شاعر العروبة والبطولة والإسلام .

              

* باحث إسلامي سوري