ديوان"رحلة الوجدان" في السوم السابع

ديمة جمعة السمان

sgcbdf995.jpg

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية ديوان" رحلة الوجدان القدس مستقرهالمحمود فايز بشير. يقع الديوان الصادر عام 2022 عن دار الرّعاة للنشر والتوزيع في رام الله، بمشاركة جسور ثقافية للنشر والتّوزيع في عمّان في 108 صفحات من الحجم المتوسط.

افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:

ديوان للشاعر الحيفاوي الفلسطيني محمود فايز بشير، الذي امتهن الرّياضة في شبابه وعرف كحارس مرمى متميز، احتضنه نادي الموظفين في القدس، المؤسسة الوطنية الرائدة التي كان يتميز أعضاؤها وكل من ينتمي له بالحس الوطني القومي، إذ كان للنادي دور فاعل في الحراك الوطني والثقافي. واستمر في عطائه وانجازاته رغم كل المعيقات. وأخيرا كان له الفضل من خلال رئيس الهيئة الإدارية السيد موسى خرس ومن خلال الدائرة الثقافية الممثلة برئيسها أ. عزيز العصا بتشجيع الشاعر بشير على المضيّ في نظم قصائده، كما قام النادي بتمويل طباعة الديوان ليرى النور.

شاعرنا الفلسطيني ابن مدينة حيفا ولد عام 1938، حصل على شهادة البكالوريوس تخصّص دراسات فلسفية واجتماعية من جامعة دمشق، وحصل على شهادة الدبلوم العالي في التربية من الجامعة الأردنية عام 1979.

عمل مدرسا ثم مديرا في عدة مدارس ومعاهد تتبع وكالة غوث اللاجئين في الأردن الشّقيق.

كما كان يمارس رياضة الجمباز، وقد أقام عدة مهرجانات لمدارس وكالة الغوث في عدة مدن فلسطينية قبل عام 1967، بالإضافة إلى أنه أتقن فن الخط العربي، مما جعله يعد كراسا بعنوان "الميسر في الخط العربي" للمرحلتين الابتدائية والاعدادية لسلطنة عمان في أواخر السّبعينات.

ولكن رغم هذه المسيرة الحافلة بالعطاء، استطاع أن يجد ولو مساحة ضئيلة لنفسه ولشعره، فقد كان ينظم الأبيات الشعرية الملتزمة، ويحتفظ بها لنفسه، ولكن بعد أن وصل إلى سن التقاعد، انطلق الشعر زفرة من قلب يحمل هموم الوطن، مؤكدا على قوة وصمود وثبات شعب جبار.

اصطحبنا الشاعر في رحلة داخل قصائده المتنوعة التي حملت بين طياتها الانتماء والأصالة، ومحطات أخرى مختلفة ومواقف وظروف ارتأى الشاعر توثيقها، كما كان للشعور بالشكر والامتنان لمن كان داعما نصيب.

قصائد شملت الكل الفلسطيني، وعرجت على قضايا وطنيّة وإنسانية في الوطن العربي الأكبر.

قصائد تنقط حسّا مرهفا بلغة جميلة بعيدة عن التعقيد، جميلة على الرغم من أنها كانت مباشرة جدا. كما ان القصائد حملت عناوين موفقة تعكس ما جاء فيها.

وكان أجمل ما فيها القصائد التي خصصت للقدس، والتي يعتبرها الشاعر مستقرا لرحلة الوجدان. 

قصائد إنسانيّة بكل ما فيها، تحمل القيم التي يتمسك بها كل انسان حر.

وقال الدّكتور عزالدين أبو ميزر:

       أعلم أن الكثيرين من رواد ندوتنا العتيدة ينتظرون مداخلتي في هكذا كتابات.

       صحيح أنهم جميعا أدباء ويتذوقون الأدب ومنهم من كتب القصص بأنواعها، ومنهم من يتقن فن الرواية والسرد نساء ورجالا، ولكن القليل القليل وأنا أحد أولئك من يقرضون الشعر. ورحم الله الشاعر الحطيئة حين قال:

الشِعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُه....إذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُه

زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُه....والشِعرُ لا يَسطَيعُهُ مَن يَظلِمُه

يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُه

فالشعر أرقى أنواع الكلام بعد كلام الله تعالى لمن يحسن صياغته، وكان الشاعر قديما أو راويته ينشد الشعر إنشادا ولا يلقيه إلقاء، أو قراءة كما نفعل اليوم. ويفوق الإنشادَ اليوم الغناءُ وهو يتربع على قمة هرمه.

ألا ترى كيف كان يتسابق كبار الشعراء في كتابة أشعارهم لكوكب الشرق وللسيدة فيروز مثلا، وهما اللتان كثيرا ما عمدتا إلى تغيير بعض كلمات القصائد على صحتها لأن إحساس المغنية لا يصل إلى هذه الكلمة كاملا ويصل إلى غيرها. لتحافظ على قيمها الغنائية فتصوروا هذا الرقي في الاحساس والأداء.

وعودة إلى كاتب قصائد رحلة الوجدان الذي قرأت قصائده جميعا وبتمعن كبير لتكون مداخلتي تفصيلية لا مجملة كعادتي، ولا تعدو الحقيقة كثيرا، فإن الكمال لله وحده ولكلامه، ولأن ذائقة الناس تختلف من واحد لآخر فأقول: - قالوا في المثل :  إن لكل امرىء من إسمه نصيب، وأوسع الأمر أنا وأقول : إن لكل شيء من إسمه نصيب، وديوان " رحلة الوجدان " فيه من العاطفة والوجدان الكثير الكثير اللذان لا يمكن إنكارهما.

هذا الديوان قصائده جميعها على بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد وجدت في قصيدتين خللا فى وزن بعض الأبيات، وكثيرا من الإقواء  نتيجة لأخطاء لغوية بجعل الكلمة مرفوعة واللغة توجب نصبها مثل:

جيلا تمرد  في الهوى تواقُ والصحيح أن تكون تواقا على النصب. ومنع بعض الكلمات من الصرف والأصل أن تكون مصروفة، فليس الواحد منا سيبويه ولا ابن فارس ليغير كما يشاء اتباعا للقول: يحق للشاعر ما لا يحق لغيره. ككلمة قطعانُ والأصل أن تنوّن، وإذا نونت يختل الوزن الشعري.

وكذلك جمع كاتبنا في مواضع كثيرة على غير مقياس، ككلمة (جَفْن) تجمع على أجفان وجفون وأجفن، وقد جمعها هو على: جُفُن على غير قياس.

      وكلمة بتّار تجمع على بواتر ولا تجمع على بتراء كما قال:

هل أغمدت أسيافنا البتراءُ

واستعمال كلمات عامية وهي فصيحة ككلمة لهط أي سرق وأكل المال الحرام ومعناها بالفصحى : الضرب بكف يده.

وكلمة: الهرّيبة ، وغيرها.

وكيف يتسق المعنى في بيت الشعر:

أم هل غفا القبطان غفوة غافل

وتحطم المجذاف والمرآبُ

والمرآب: مأوى السيارات ولا علاقة له بالبحر والقوارب ولا المجذاف.

والمثل العامي: إن كنت قنطارا فأنا أمامك قنطاران، فقال:

أكيل الرد قنطارين كي أثأرْ

وكلمة: هوى معناها سقط : والنجم إذا هوى.  وهو يقصد أحبّ، بقوله

ليث هوى من يومه الإقداما

واستعمال كلمات في غير موضعها مثل:

 والطيب زالعنبر يشمّ ولا يذاق.(بطعم الطيب والعنبر)

وقوله: في الصبح قبل الفجر. والصبح يأتي بعد الفجر.

وفي قصيدة القدس الصامدة:

من ظن أن يكفي القيود جبان، فما معنى جبان ؟

وقصيدة غزة المنتصرة يقول: تطرق الأعتابا والأبواب هي التي تطرق من جهة، ومن جهة أخرى فإن جمع عتبة: عتبات وعُتُب. وليس أعتاب.

وفي قصيدة حيفا: هجر طويل طوله لا ينضب

والطول مقياس فهو يطول ويقصر وليس ينضب كماء البئر مثلا.

وحيث أن هذا الديوان هو باكورة كاتبه فقد كنت قاسيا بعض الشيء محبة بصاحبه على غير معرفة مسبقة على حساب المثل القائل: أقس على من تحب. من باب التوعية والنصيحة الصادقة فالبذرة موجودة ورعايتها واجبة. لا لكسر مجذافه ومرآبه.

وإنما لأبين له ولكل السامعين أن كل كلمة في لغتنا الجميلة وفي الشعر خاصة لها وزنها ولها موسيقاها ولها إحساسها ولها معناها، الذي تتميز به عن غيره، والذي لا يمكن لغيرها من الكلمات أن يحل محلها فيه. وقبل ثلاثة ايام سمعت جزءا من محاضرة لأحد الفيزيائيين المصريين في حديثه عن كلمات القرآن الكريم أن كل كلمة من كلماته لها ترددها الخاص والذي يتفاعل سلبا أو إيجابا مع الكلمات الأخرى مثل: قول الله عن الجبال بقوله: فقل ينسفها ربي نسفا.

وتختلف في ترددها عما قاله عن تدمير المدن والأبراج والجسور بقوله : فدمرناها تدميرا، ولا يصح استبدال كلمة تدمير بكلمة نسف، وهكذا... فقد ازددت معلومة جديدة.

       وعودا على بدء لديوان من عمره من مثل عمري وقصائده التى فيها كثير من العاطفة والصدق في الإحساس والوجدان، وشاعرية لا يمكن إنكارها وإن كانت بحاجة إلى إثراء بالقراءة والحفظ من أشعار الآخرين المباشرة وغير المباشرة، وليس المبهم منها والغامض. فأنا شخصيا أراقص الكلمة في خاطري فإن غلبتها أبعدتها، وإن غلبتني أثبتها في مكانها فرحا بها وهي تقول لي مهما بحثت فلن تجد غيري لهذا الموضع وهذا المكان. فالشعر ليس صف كلمات كألفية ابن مالك مع صحتها وزنا ولغة. وإنما:

الشعر إحساس ونبض مشاعر...إن لم  يكنه كان وهما  عابرا

والشعر عشق لا  تحد حدوده....والعجز فيه أن يكون مظاهرا

والشعر عندي أن يكون مؤثرا....في قلب سامعه وسحرا آسرا

والشعر  إيمان  وذوب  محبة...إن لم يذق منه سيبقى الخاسرا         

وكتبت هدى عثمان أبو غوش:

رحلة الوجدان" رحلة طويلة تمتد حروفها منذ النكبة حتى زمن الكورونا، رحلة فيها حروف تسكن المدن، بين القدس التي خصص لها عدّة قصائد، وما بين غزّة الصمود، وإلى حيفا مسقط رأسه وحنينه إليها، وثمّ نحو بعض مدننا الفلسطينية (يافا حيفا، بيسان، القدس، عكا، الناصرة وصفد) حيث جمعها في قصيدة واحدة، وأيضا هي حروف تعرف الوفاء، لذا كانت قصائد الرّثاء للأصدقاء،وهي حروف غاضبة ثائرة بسبب الخيانة للوطن، لذا ذمّ العملاء والتطبيع، وهي حروف تؤمن بالمرأة، لذا ذكرها الشاعر عدّة مرّات في قصائده، فهي حواء وهي الأم والحبيبة،وهي حروف فيها نشمّ عطر النفحات الدينية والحكمة ويشاركنا آلامه الشخصية.

أُسلوب الشاعر-استخدم الشاعر الأسلوب السهل البسيط من ناحية وضوح المعاني، وكانت معبرة صادقة، والعاطفة متدفقة.

استخدم الوصف في قصائده، حيث وصف الفلسطيني المقاوم. يقول:

"شُبانها صيدٌ  بساحات الوغى_أحجارهم تُصلي العٖدا نيرانا"(القدس عندما تثور)

كما وصف حال الفلسطينيين قبل النكبة وقارنها باليوم حيث الفقد والحسرة على الوطن المسلوب.

استخدم الأسلوب الاستنكاري ليؤكد على صمود الشعب.

يقول :"أيصير القيد أغلا

لا وتأنفنا السّجون

أيخور العزم فينا

إن ظُلمنا أو تهون"(حديث الانتفاضة).

كما استخدم أسلوب المديح من أجل مساندة شعبه، وإبراز قوّة وعزيمة الشباب في الدفاع عن الوطن. يقول:

هم كالأُسود أو النُمورٖ زئيرُهم-كالرّعد يقصفُ يصعَقُ العدوانا

كما واستخدم الأسلوب القصصي المتسلسل بالوصف التصويري، وقد برز هذا الأسلوب في قصيدة "معركة جنين"عام 1948فيصف مجريات المعركة وتطورها حتى النهاية،وهزيمة العدو.

 في سالف الليلات حامت فوقها

طيارة في جوفها موت يُساق"

"قذف العدو بناره..."

"لا سقف يؤويها..".

كما واستخدم أُسلوب المناداة، وأُسلوب الحوار خاصة في القصائد العاطفية تجاه الحبيبة كقصيدة "مناكفة."

ظهرت شخصية الشاعر من خلال القصائد، الإنسان الوطني،المخلص الوفيّ لأصدقائه، البارّ لأهله، ويمكن تلخيص شخصية الشاعر من خلال قصيدته "أنا من أنا"،شخصية تتحلى بالصبر وتتمسك بحكم العقل، واثق الخطى،صارم، عواطفه جياشة.

وقال المحامي حسن عبادي:       

 قرأتُ الديوان وأعجبني من أول نظرة وقراءة، لغةً وأسلوبًا وموسيقًا (لن أتطرّق لبحور الشعر).

اسمحوا لي بداية أن أخرج عن النص وعن البروتوكولات وأشكر نادي الموظفين في القدس على تمويل إصدار الديوان، وهذا ليس مفهوما ضمنا، فإصدار كتاب في شرقِنا مُكلف ومؤسّساتنا تتجاهل دعم كتّابنا ومبدعينا ممّا يُثقل كاهل الكاتب والمبدع، ويثنيه أحيانا عن الإصدار لصعوبة تمويله، وهذه لفتة كريمة ومباركة من النادي.

بعد النكبة شاع مفهوم "الأدب الملتزم" وبرز شعراؤنا الكبار أمثال راشد حسين، حنا أبو حنا، توفيق زياد، سالم جبران، محمود درويش، سميح القاسم وغيرهم، ومنصّتهم في حينه كانت المهرجانات في المناسبات، وشعرهم هيّج الجماهير العربية وعبّأها، وكان الشعلة لإكمال المسيرة والبقاء، وإبداعهم كان سببًا لتَمركُزِ شعرهم في مقدمة الشعر العربي والعالمي؛ لأنه تحدّث عن القضية الفلسطينية، ونجح في إيقاظ الجوانب الإنسانيّة الرّاقية في كلّ قارئ عرف ماهية الشعر الجميل.

وكذلك الحال بعد النكسة، أو الهزيمة كما سمّاها طيّب الذكر سميح القاسم، بدون توجيه أصابع الاتّهام والتصغير، ومع كلّ مشاعر الاعتزاز بهم وبما تركوه لنا من موروث إبداعيّ متميّز بهرَ القريب والبعيد أقول بأنه آن الأوان لنتجرّأ ونخرج من حضنهم الدافئ القاتل.

 كفانا أدبا شعاراتيّا نمطيّا متشابها، وكفانا شعرا مباشرا مهرجانيًا تتغير فيه الأسماء، وتبقى الثوابت الأساسية من دون مس، مما يسيء لقضيّتنا نفسِها قبل أن يسيء إلى الأدب، لاحقا. بتقوقعنا وتقليدنا الأعمى للأدب المباشر – نصّا، أسلوبا ومضمونا -نبعد أكثر وأكثر عن صون قضيتنا في الكتابة، ونساهم في إضعافِها، وعلينا أن نُقدّمها كما ينبغي لها أن تكون، لا كما نحب لها أن تكون.

وها هو شاعرنا يغرّد داخل السرب؛ ليكتب الشعر الشعاراتي المباشر، شعر المناسبات المباشر والمقيت، رغم جماليته اللغوية والموسيقية كما قلت.

جاءت العناوين قويّة ومعبّرة وهيّاجة؛ فلسطيني، الفلسطيني الصامد، نهوض الفلسطيني، الفلسطيني الثائر، فلسطين (أرض وشعب)، فلسطين العربيّة الصامدة وغيرها.

 راق لي حضور القدس، ليتلاءم والعنوان الفرعي للديوان، وكذلك حضور الكلّ الفلسطيني، بقراها ومدنها (حيفا ويافا وعكا والناصرة وصفد وبيسان وطبرية) إلى جانب غزة وجنين، فنحن بلد واحد وشعب واحد، ولكن حضور "صهيون" بكثرة كان مبتذلا دون لزوم. وكأنيّ بالشاعر "يُشرعِن" الكيان دون حاجة.

تغنّى بالنكبة ووجعها، وبالنكسة وما بينهما، معرّجًا على الانتفاضة المباركة، متناولا هموم شعبنا.

وقف وقفة أبيّة ضد التطبيع والمطبّعين وثعالبهم ولم ينسى العميل الذي ضلّ الطريق

كما وراقت لي قصيدته للأسير المحرّر "الغضنفر"، وهذه لفتة جميلة ومباركة دخلت قلبي دون استئذان.

وكذلك لمسة الوفاء لأصدقائه فاروق الناطور وكمال فحماوي ...ولكليّة وادي السير!

وكذلك قصيدته الرائعة "سأعود يومًا سيّدا" وحبّذا لو ألقاها على مسامعنا.

وكذلك سقط سهوا تاريخ كتابة بعض القصائد، وفي مثل هذه الكتابة المباشرة من الضروري ذِكر التاريخ لنعرف السياق والمناسبة.

أزعجني غياب مصمّم الغلاف الجميل وعدم إعطائه حقّه.

وأخيرا؛ أنتجنا أدبا شعاراتيّا نمطيا متشابها، تتغير فيه الأسماء، وتبقى الثوابت الأساسية من دون مس، وكانت المشكلة هنا، هي أن موضوعًا كالقضية الفلسطينية، لم نستطع أن نبلوره ونشكله كخزان ضخم لكتابةٍ جماليةٍ عاليةٍ، الأمر الذي أساء إلى القضية نفسِها قبل أن يسيء إلى الأدب، لاحقًا. وعندما قرأنا أدب أميركا اللاتينية، وبعض الآداب الأوروبية المقاومة، اكتشفنا كم كنا بعيدين عن صون قضيتنا في الكتابة، واكتشفنا كم ساهمنا في إضعافِها، لأن تلك الآداب الأخرى قدمت أبطالها وقضاياها كما ينبغي لها أن تكون، لا كما تحب لها أن تكون.

صدقت شاعرنا، تبقى حيفا وكرملها، رغم كلّ شيء، المبتدأ والخبر!

وكتبت رائدة أبو الصوي:

قصائد وحِكم وتاريخ وتوثيق لأحداث قديمة ومعاصرة، جذبني جدا العنوا ، رحلة الوجدان ،لوجدان ( الضمير وكل احساس أولي باللذة والألم)، لوحة الغلاف فيها عمق وتناغم وانسجام بالرسائل والألوان.

بداية من اللون البنفسج ، الأصفر والأزرق، قبة الصخرة في القلب في وسط اللوحة

كما هو الحال في وضعها في قلب كل مسلم .

ألم وأمل هذا هو محتوى الرحلة ،نثر الزهور على أطراف الطريق المؤدي لعبة الصخر ، شقائق النعمان والأقحوان ،رحلة الوجدان والقدس مستقره ، الأقصى بوابة السماء، بوابة الراحة الأبدية.

في هذا الديوان تحول الشاعر  محمود بشير من حارس مرمى إلى هدّاف، حقق هدفا في شباك الابداع الأدبي .

ابتدأ الأديب بقصيدة بعنوان نشيد نادي الموظفين القدس الشريف، قصيدة فيها من الوفاء والانتماء والفخر والمديح ما يظهر مكانة نادي الموظفين العميقة في وجدان الشاعر ،

وبصراحة ودون مجاملة نادي الموظفين المقدسي يستحق كل الاحترام والتقدير.

ثم بالقصيدة الثانية تغنى بالفلسطيني ،قصيدة الفلسطيني الصامد.

هذا الديوان يستحق ان يضاف لمنهاج اللغة العربية في المدارس العربية؛ لأنه شامل ويتحدث بصورة شاملة عن معظم القضايا بأسلوب جذاب .

ابن القدس، ابن حيفا، ابن الجليل ،ابن يافا ،ابن غزة، ابن الخليل ،ابن كل الأرض

في القصيدة ألم وأمل ،بداية بالألم، وانتهاء بالبيت القائل:

ويعود حتماً للديار مكللاً ... بالغار يسمو عزة ومقاماً .

الجميل بالقصائد  كتابة تاريخ كل قصيدة من القصائد .

في قصيدة فلاحة من بلدي، أعطى المرأة الفلسطينية حقها.

قصائد من أروع ما يكون.