سيف الشآم

ربيح محي الدين

سيف الشآم

ربيح محي الدين

بُلبُلَ الأحزَانِ غَرِّدْ

وَاستَعِدْ لَحنَاً شَجِيَّا

وَاسكُبِ الأنغَامَ شِعرَاً

يُلهبُ النَفسَ الأبِيَّة

كَم نَشِيداً غَرَّدَتهُ

قُربِيَ الأطيَارُ نَشوَى

كَم نَسِيمَاً هَبَّ نَحوِي

نَاعِمَ الخَطوِ نَدِيَّا

صَوتُكَ الأخَّاذُ يُذكِي

فِي دِمَاءِ القَلبِ نَاراً

يَصدَحُ الذِكرَى نَشِيداً

يُوقِظُ الشَّوقَ الخَفِيَّا

كَم سَمَاءً طَالَعَتنِي

بِالنُجُومِ السَّاهِرَاتِ

كَم بِحَاراً سَامَرَتنِي

فِي الدُّجَا تَرنُو إِلَيَّا

بَيدَ أنَّ القَلبَ يَهوَى

نَغمَةً مِن شَدوِ طَيرٍ

قَد رَوِي مَاءً فُرَاتَاً

مِن بِلادِ الشَّامِ رِيَّا

نَغمَةٌ تَروِي حَيَاةً

مِلؤُهَا الأعيَادُ تَترَى

بَسمَةُ الأفرَاحِ فِيهَا

تَفتِنُ القَلبَ العَصِيَّا

يَاشَآمُ فِيكِ أشدُو

لَحنَ عِزٍّ وَافتِخَارِ

يَاشَآمُ أنتِ مَهوَى

المَجدِ وَقَّادَاً سَنِيَّا

يَاشَآمُ قَد رَضَعتِ

العِزَّ مِن ثَديِ الإِبَاءِ

وَاتَّخَذتِ النَّصرَ ثَوبَاً

بَاهِرَ الحُسنِ بَهِيَّا

وَابِلادَ الشَّامِ عَودَاً

وَارفَعِي تَاجَ الجُدُودِ

مَنْ بَنَوا لِلحقِ مَجدَاً

شَامِخَ الصَّرحِ عَلِيَّا

يَابِلالَ الحَقِّ أذِّن

وَاملَىءِ الدُنيَا دَوِيَّا

إنَّنَا نَبغِيهِ نَصرَاً

يَترُكُ البَاغِي جِثِيَّا

كَيفَ نَنسَاهَا عُهُودَاً

أوصَلَتنَا لِلمَعَالِي

كَيفَ نَنسَاهَا فُتُوحَاً

قَادَهَا سَيفٌ مُهَيَّا

كَيفَ نَنسَى عَهدَ تَقوَى

إذ أبو الدَردَاءِ فِينَا

يَقرَؤُ القُرآنَ يَتلُو

آيَهُ صُبحَاً عَشِيَّا

مَسجِدٌ قَد ضَمَّ عِطرَاً

مِن شَذَا عَهدِ الوَلِيدِ

والجُيُوشُ الصِّيدُ تَطوِي

زُمرَةَ البَاغِينَ طَيَّا

جَذوَةٌ مِن عَهدِ عِزٍّ

قَلبنَا يَهفُو إلَيهَا

قَد أحَالَ الليلَ نُورَاً

فِيهِ أبنَاءُ أمَيَّة

كَيفَ نَنسَى أنَّ فِيكِ

مِن صَلاحِ الدِّينِ نُورَاً

لَقَّنَ الأعْدَاءَ دَرسَاً

لَم تَزَل ذِكرَاهُ حَيَّه

ثُمَّ أرخَى الليلُ سِترَاً

وَابتَدَا عَهدُ الرُّقَادِ

وَاستُبِيحَت فِي الدُّجَى

أرضُ البُطُولاتِ الزَكِيَّة

أصبَحَت أرضُ الشَّآمِ

طُعمَةً لِلمُفسِدِينَا

وَاختَفَى صَوتُ الأذَانِ

فِي مُكَاءِ الجَاهِلِيَّة

وَامُصَابَ الشَّامِ فِيهِم

إنَّهُم أهلُ الضَّلالِ

إنَّهُم أبنَاءُ كُفرٍ

فِي ثِيَابٍ قُرمُطِيَّة

يَذكُرُونَ الدِّينَ جَهرَاً

يُبطِنُونَ الكُفرَ سِرَّاً

يَقرَؤُونَ الآيَ لَيَّاً

مِن شِفَاهٍ عَفلَقِيَّة

يَلثُمُونَ الأرضَ ذُلاً

تَحتَ أقدَامِ اليَهُودِ

يَغمُرُونَ الغَربَ مَدحَاً

فِي صَلاةٍ مَشرِقِيَّة

يَزعُمُونَ الصِدقَ دَومَاً

إنَّهُم أهلُ النِّفَاقِ

صِدقُهُم يَبدُو بِحَقًّ

فِي لَيَالٍ عَاطِفِيَّة

بَعثُهُم بَعثُ الدَّنَايَا

دِينُهُم سَفكُ الدِّمَاءِ

دَأبُهُم فِي كُلِّ يَومٍ

نَهبُ أموَالِ البَرِيَّة

أفسَدُوا أخلاقَ شَعبٍ

حَارَبُوا الإِيمَانَ فِيهِ

أزهَقُوا الأروَاحَ ظُلمَاً

إنَّهُم شَرُّ البَلِيَّة

يَاضِيَاءَ الفَجرِ أشرِق

وَانشُرِالنُّورَ السَنِيَّا

قَد سَئِمنَا العَيشَ دَهرَاً

تَحتَ نِيرِ الجَاهِلِيَّة

يَاإِلَهِي لا تَدَعهُم

يَملَؤُونَ الشامَ جَوراً

وَاحفَظِ الإِيمانَ دَومَاً

هَب لَهُ نَصرَاً جَلِيَّا

وَلتُصِخ يَابَغيُ سَمعَاً

قَد عَلا صَوتُ الفِدَاءِ

فَاسحَقُوا الأجسَادَ غَدرَاً

أو أذِيقُونَا المَنِيَّة

قَيِّدُونَا إن أرَدتُم

ألهِبُونَا بِالسِيَاطِ

سَوفَ يَعلُو صَوتُنَا

بِالحَقِّ هَدَّاراً أبيَّا

مَزِّقُوا الأوصَالَ مِنَّا

وَاسفِكُوا حَتَّى دِمَانَا

إنَّنَا نَأبَى انصِيَاعَاً

لِلشِعَارَاتِ الدَنِيَّة

كَيفَ نَرضَاهَا حَيَاةً

فِي الدُّنَا خَلفَ الطُّغَاةِ

بَعدَ أن كُنَّا مُلُوكَاً

تَاجُنَا عِندَ الثُّرَيَّا

كَيفَ نَرضَى أن يَصُولَ

البَغيُ فِي أرضِ الهُدَاةِ

كَيفَ نَرضَى أن تُصِيبَ

الحَقَّ ألوَانُ الأذِيَّة

قَد قَطَعنَاها عُهُودَاً

أن نُزِيلَ الظُلمَ عَنَّا

وَانتَضَينَاهَا سُيُوفَاً

تَصرَعُ البَاغِي العَتِيَّا

دَربُنَا دَربُ الضَّحَايَا

والمَنَايَا وَالجِهَادِ

فِي سَبِيلِ اللهِ نَمضِي

نَرفُضُ العَيشَ الهَنِيَّا

فَاستَعِدِّي يَا شَآمُ

لانتِزَاعِ القَيدِ عَنكِ

أَشْهِرِي لِلبَغيِ سَيفاً

مَاضِيَ الحَدِّ أبِيَّا