الجريمة المكعبة في مخيم اليرموك تفضح أدعياء المقاومة وحلفاءهم

زهير سالم*

أصبح التغافل الاستراتيجيةَ المعتمدة لكل العالم ، للبعيد والقريب ، للعدو ولمدعي الصداقة عن الجريمة المستدامة تنفذ ضد الشعب السوري على أعين الناس وهم يشهدون . حتى أولياء الدم ناموا على وترهم ، فكأن إبليس قد ضرب على قوافي رؤوسهم : ناموا عليكم ليل طويل ..

خمسة أيام مرت ، وحرب ضروس ، بكل همجية الحرب الروسية - الإيرانية - الأسدية تنفذ على مخيم اليرموك ، أو بالأصح على ما تبقى منه ، ومن سكانه ، وكذا على ما جاوره من أحياء دمشق الجنوبية ، قصفا وتدميرا وقتلا ، وسط حصار مستدام!! في مشروع مخطط مدروس أقرّ في رأس أولوياته : الإبادة والاستئصال ونشر الموت والدمار ..

" مخيم اليرموك " المضافة الفلسطينية ، التي شهد سكانها على عمق انتماء أبناء هذه الأمة بعضهم لبعض . ففي مخيم اليرموك ، منذ الأيام الأولى لثورة الحرية والكرامة في سورية ، سقطت ثنائية سايكس - بيكو المزعومة ( سوري - فلسطيني ) . كما كانت قد سقطت من قبل في امتحانات الهجوم على تل الزعتر والكرنتينا .

وكان مخيم اليرموك شاهد الوعي الحي الحاضر الناطق الذي لم تحجبه حجب الزيف ، ولم تغطه غاشيات المصالح الزائفة العارضة ؛ فظل ناطقا صداعا بالحق أن الأسدي والإيراني هم في رأس قائمة أعداء الأمة وكل قضاياه وقضية فلسطين قضيتها المركزية بلا مراء ..

ومثل مخيم اليرموك قلعة الوعي الحصينة التي تعبر بالصبر والصمود والرفض والإباء عن رفض أصيل لكل تمويهات ( المقاومة والممانعة ) الكاذبة ، كما فضحت من قبل تمويهات الصمود والتصدي التي نفذ تحت بهرجها الكثير من فصول المؤامرة الكبرى حتى عتبات مدريد ..

مخيم اليرموك الذي عايش أبناؤه من قبل تجربة إخراج المقاومة الفلسطينية الفتحاوية الصادقة من لبنان ، وعايشوا إعادة تهجير البندقية الفلسطينية ...

مخيم اليرموك الذي ما زال محاصرا مستهدفا مضيقا عليه هو مخيم اليرموك الذي ظل سكانه قريبين من ذكريات ( تل الزعتر والكرنتينا وطرابلس ) ، ودوامة تمزيق ( فتح ) ، ولعبة ( احتضان حماس ) و( احتضان حركة الجهاد ) لأهداف يحددها الموساد الصهيوني جيدا ، والذين ذاقوا نعيم ( فرع فلسطين ) لا يمكن أن يزيف وعيهم ناطق مأزوم يريد أن يدفع أزمته بأي شيء أو بغير شيء كما يقول أبو الطيب المتنبي..

مرة رابعة وخامسة وسادسة يقوم الروس والإيرانيون والأسديون باستهداف ما تبقى من مخيم اليرموك ، ومن أحياء دمشق الجنوبية ؛ لاستئصال البقية الصالحة من أبناء هذا المخيم ، وهذه الأحياء ، تحت عنوان مدعى مكذوب اسمه ( الحرب على الإرهاب )..

وفي عالم المافيا ، التي تسيطر على العالم اليوم ، فقط يدعي المجرم حرب الجريمة . وفي عالم المافيا فقط يكون للمجرمين قوانينهم وعدالتهم وقضاتهم وشرطتهم وسجونهم والمدافعون عنهم ، والمغطون عن جرائرهم ..

سأل صحفي بعض المسئولين الأمريكيين : من أي بند من بنود الميزانية سيغطي ترامب نفقات الضربة الخضراء على نظام بشار الأسد ؟!

أجاب المسئول : من بند النفقات الإعلامية لتحسين صورة الدولة ..انتهى.

ليس عجبا أن يصمت كل العالم على جريمة الإبادة في مخيم اليرموك ..

ليس عجيبا أن يشارك محمود جبريل في الجريمة وأن تصمت فتح وحركتا حماس والجهاد وأخواتها ، فهذا لم يعد زمان الأمة الواحدة ، والقضية الواحدة ، هذا زمان ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .)

العجيب أن يصمت من ثار مخيم اليرموك لينصرهم ، وليدفع عنهم ، وعن شراكة حقيقة اعتقدها تربطه بهم . ..

العجيب أن أصمت أنا ، وتصمت أنت ، ونصمت نحن ، ويصمت أولئك الذين تولوا أمرنا ثم غفلوا عنه ..

فعذرا أهلنا في مخيم اليرموك وفي حي القدم والحجر الأسود عذرا ثم عذرا ثم عذرا

ندين الجريمة المكعبة في مخيم اليرموك وما حوله من أحياء دمشق ..

ندين جريمة المجرمين ، وتكالبهم وتآمرهم ..

وندين صمتنا وتخاذلنا وتخلينا وقعودنا ..

يا رب نبيك موسى قال (( قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي..)).

وحق لمن لا يملك إلا نفسه أن يقول : معذرة إليك يا رب ..معذرة إلى كل المضطهدين المظلومين من السوريين : رب إني لا أملك إلا نفسي ..فقط نفسي ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية