الحل السياسي والمجتمع المتجانس
تتم في سورية عملية إعادة تشكيل المجتمع السوري ، وصولا إلى صيغة ( المجتمع المتجانس ) الذي يحلم به بشار الأسد . مصطلح "المجتمع المتجانس " ليس سبق لسان بالنسبة لبشار الأسد ، وذهنه الكليل أعجز من أن يبتدع مثله ؛ بل هو أحد الأهداف الاستراتيجية المطروحة في مختبرات صنع القرار الدولية . هذا المصطلح الذي استمع إليهم على أفواه داعميه مرارا حتى ألقاه اللاوعي على لسانه لأكثر من مرة .
حلّ " المجتمع المتجانس " كان منذ انطلاقة الثورة الصيغة التوافقية التي عمل عليها الجميع بدأب ، وكان عيب هذه الصيغة الوحيد ، أنها تهدد الضفاف الغربية للمتوسط بالطفح البشري من طوفان المهجّرين ، وليس المهاجرين . عن نفسي فأنا مهجّر عن وطني منذ أربعين عاما ، ولم أكن مهاجرا بالمعنى الإرادي قط . فسدت ثغرة الخوف من هؤلاء بأن أوكلت الدول المعنية إلى الدول المضيفة أمر احتواء الأمواج البشرية ، بأي صيغة وبأي طريقة . سواء على الطريقة اللبنانية أو على الطريقة التركية فلا فرق بين الطريقتين لدى صانعي القرار الدولي .
بعض دول الجوار السوري اعترفت بالقرار ، وبدأت تتعامل معه إيجابيا وبتخطيط مديد منذ الأعوام الأولى ، ودول أخرى ما تزال تغص به وتحاول عرقلته ، أو التملص من أعبائه وتداعياته .
حين يقال إن بعض الدول قررت إيقاف دعم الأونروا الفلسطينية ، فمن حق أن نتساءل إلى أي مدى ستظل الدول المانحة تنوء بميزانيات المخيمات الداخلية والخارجية .
بشار الأسد ورث سورية وشعبها ، وطنا جاهزا ، عن أبيه ، ولكن حين وجدوا أن هذا الوطن فضفاضا جدا عليه قرروا أن يعيدوا ( تدويره ) أو ( تفصيله ) ليتناسب مع المقاس .
هذه الحقيقة المؤامرة كان شريكا فيها كل من وعاها من قيادات المعارضة السياسية في أطرها الوطنية والحزبية . بعضهم دعمها بالجهد ، وبعضهم دعمها بالصمت ، وبعضهم دعمها بالطمس وما يزال بعض الناس على عماها يطمسون ..