حسابات المخادعين الأربعة في سوريا
وفقا للصفقة التي بموجبها تغاضت الولايات المتحدة عن نقض اتفاق خفض التصعيد جنوب سوريا؛ فإن روسيا ملزمة –بعد السيطرة على درعا- بإبعاد القوات الإيرانية وميليشياتها 80 كلم عن الحدود مع الجولان المحتل. في 16 تموز/ يوليو القادم سيلتقي ترامب وبوتين لإتمام الصفقة؛ "ترسيخ بقاء الأسد مقابل الحد من النشاطات الإيرانية"، مع الإبقاء على "حق إسرائيل في توجيه الضربات الجوية على المواقع الإيرانية" (واشنطن بوست 29/6/2018).
في حسابات المخادعين الأربعة؛ "إسرائيل" وإيران وروسيا والولايات المتحدة؛ الآتي:
1- تفضل "إسرائيل" عودة من اختبرت "انضباطه" على حدودها طيلة أربعين سنة، وقد وجهت رسالة عبر رئيس الأركان غادي آيزنكوت إلى نظيره جوزيف دانفورد، أكدت فيها "أنها لن تقبل وجوداً عسكرياً لغير جيش النظام السوري في المنطقة الحدودية في الجولان" (هآرتس 1/7/2018).
2- تعتبر إيران نفسها منتصرة بالإبقاء على الأسد حتى لو لم تتمكن من الاقتراب من الحدود، ولكنها ستعمل ما بوسعها لتحقيق انتصار ثان باقترابها من الحدود بالتخفي أو بالاندماج السري بجيش النظام.
3- وفق الصفقة ستربح روسيا بقاء الاسد تابعا لها، وهي مستفيدة سياسيا واقتصاديا من الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، خصوصا بعدما تراجعت أهمية ميليشيات إيران ببسط النظام نفوذه على معظم المناطق الخارجة عليه عدا مناطق الاكراد والاتراك –وهي خاضعة لتفاهمات دولية- ، وهي بدأت بالترويج منذ الآن على لسان نائب وزير خارجيتها أن بقاءً محدوداً للقوات الإيرانية في سوريا "يقتصر على مكافحة الإرهاب، وهذا يتفق مع مصالح إسرائيل أيضاً" (30/6/2018- وذلك خلافا لما يروجه الإعلام الإيراني أن محاربته داعش يضر المصالح الإسرائيلية).
4- تعتبر إدارة ترامب أنها حققت انتصارين؛ قضت على داعش من خلال حلفائها لا سيما الاكراد، وحدت من النفوذ الإيراني من خلال الصفقة مع الروس، وهي حمت حدود حليفتها "إسرائيل"، وأعطتها حق التحرك عندما تدعو الضرورة بالتفاهم مع روسيا، وهذا الواقع سيسمح لها بإعادة القوات الأمريكية قريبا إلى الولايات المتحدة.
لوهلة أولى سيبدو أن الثورة انتهت، وأن السوريين سيعودون إلى الخضوع لحكم الأسد، وأن المعطيات السياسية والميدانية تؤكد ذلك؛ لكن القادم لن يكون كذلك، لأكثر من سبب وسبب، والأيام القادمة ستثبت ذلك.