انتخابات مجلس شعب بدون شعب ...أوقفوا المهزلة السوداء

زهير سالم*

بعد أيام / وتماما في 19/ 7/ 2020 سيتم العرض المباشر للكوميديا السوداء على مسارح المدن والبلدات السورية ..

وكان بشار الأسد قد أجل قبل شهرين تقريبا إجراء انتخابات مجلس الشعب إلى يوم 19 / 7 ، الذي بات اليوم قريبا  ، وزعم أن ذلك تفاديا لانتشار كورونا . ولكن كل التقارير المحلية والأممية تؤكد أن المرض اليوم أشد انتشارا من يوم التأجيل الأول ، ولكن المهزلة ما تزال..!!

مهزلة الانتخابات في سورية تتم على عين ، بل بمشاركة كل الدول المتكافلة المتضامنة مع المستبد الفاسد . بما فيها الخمس الكبار في مجلس الأمن ، ودول الجامعة العربية . والمحتلين الثلاثة : الروسي - الأمريكي - الإيراني على السواء .

تُجرى انتخابات " مجلس الشعب " في هذه الدورة وثلثا الشعب السوري مفقود أو مهجر . وتُجرى انتخابات مجلس الشعب وأكثر من ثلث الجغرافيا السورية خارجة عن سيطرة الظالم المستبد . والأغرب في كل مانقول ، أن الذين يعاينون الخلل في ركن من أركان العملية الديموقراطية ، وهو غياب الشعب الذي هو الركن الأول فيها ، والذي ينتظر أن ينتحب ممثليه ، سيصيرون بعد ، كما كانوا عبر عشر سنوات من سقوط أهلية الظالم القاتل ، إلى الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات ، وبشرعية كل ما ينبثق عنها ، أو يُبنى عليها ، ولاسيما الأسوء المنتظر في انتخابات من سيسمى رئيس الجمهورية . وهذا سيعني أن يعلق الحل السياسي المشنوق في سورية سبع سنوات أخرى ..

ربما لا نكون بحاجة إلى الحديث عن عبثية عملية الانتخابات في سورية منذ 1973 حتى اليوم . فنحو نصف قرن مضى لم يستطع هذا المجلس بشخصياته المتبادلة إنجاز أكثر من العبارة العبقرية التي خاطب بها أحد أعضائه رئيسه المحبوب : أنت قليل عليك أن تقود سورية يا سيادة الرئيس ، أنت يجب أن تقود العالم ...

عبثية الانتخابات تنبع من قانون الانتخابات ، ومن طريقة المقاولين في إعداد القوائم . والقائمة دائمة على قاعدة : مقعدك مقابل صوتك . وحيث يصبح كرسي المجلس مدخلا من مداخل الفساد ـ ومقاما من مقامات التهريج . وثالثا من طبيعة التهريج الذي يتم داخل المجلس . ورابعا من العصا الغليظة التي تتربص بكل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء - حسب تعبير رئيسه الأسبق  عبد القادر قدورة - فيسأل سؤالا عن قانونية إجراء ..

لا يغيب عن كبير ولا صغير من السوريين حقيقة الدور المريب والبئيس الذي لعبته مجالس والذي سيلعبه مجلس :

جاد المفوض بالعليق فحمحموا ..وثنى عليهم بالشكيم فأسلسوا

في كل كرسي تسند نائب ..    متكتف أعمى أصم أخرس

ويبقى الذي يجب أن نتواصى به كمواطنين سوريين أولا ..

اعتبار كل من سيشارك في هذه اللعبة العبثية مترشحا شريكا في الجريمة التي تجري على الأرض السورية . بمختلف التبعات وعلى كافة المستويات ..

ثانيا - دعوة جميع المواطنين الشرفاء إلى مقاطعة هذه الانتخابات ما استطاعوا . ونعتبر المشاركة فيها لمن يستطيع أن يتملص منها - مقدرين ظروف الإكراه - نوعا من الاشتراك فيما يجري على الأرض السورية من جريمة ..

ثالثا - نحمل المجتمع الدولي ولاسيما الدول الحاضرة والمؤثرة في الساحة السورية المسئولية المباشرة عن السماح بتمرير المسرحية الجريمة التي ستجعل المستقبل السوري أكثر مأساوية وسوادا ودمارا ..

رابعا - وندعو كل مواطن سوري مهما كان موقعه ،  أن يرفع صوته ولو بتغريدة ..لا للكوميديا السوداء ، لا انتخابات مجلس الشعب قبل أن يعود الشعب السوري إلى وطنه حرا كريما سيدا ، لا يضام ولا يخاف ..لا للانتخابات قبل أن يطلق سراح الأسير ويحاسب المجرم على جريمته ..

أوقفوا الانتخابات ..أوقفوا الجريمة ..أوقفوا المهزلة المأساة

أيها السوري : الحر لا تنم .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية