الذكرى الخامسة للاحتلال الروسي المباشر لسورية

زهير سالم*

قضايانا اليوم 30/9/2020م

وقولنا الاحتلال المباشر يعني أن روسية كانت تحتل سورية من قبل القبل . ومنذ 1980 وعندما حاول الشعب السوري المجاهرة في المطالبة بحقوقه الإنسانية والمدنية المشروعة سارع حافظ أسد إلى موسكو لعقد اتفاقية الصداقة السوفيتية - الأسدية  ، بفحوى العفن المعهود .

كل السوريين السوريين يتذكرون  السلاح الروسي ، والخبراء الروس  ، الذين خذلوا الجندي السوري في معاركه ضد الاحتلال ، وفي معركة تحرير الجولان ، هذه هي حقيقة الصداقة التي ظل الأسديون متمسكين بها ويدفعون ثمنها من رحيق دم السوريين  ..

الصداقة السوفييتية - الأسدية ، ثم الروسية - الأسدية ، تقوم على ثلاثة قوائم يعرفها الأسديون كما يعرفها السوريون جيدا ، ويسمعون فحيحها صباح مساء : هي صداقة صهيونية - روسية - أسدية ، والاعتبار الأول للأول ـ والثاني للثاني ، والطشية للطشي الثالث ، والأسديون يعرفون هذا ويقرون بل يتمسكون به ..

 

جميل من كل سوري حر أن يخصص اليوم وغدا وبعده للحديث عن هذا الاحتلال الآثم اللعين ، الاحتلال الذي تم بموافقة كل دول العالم . ومن سمع منكم أن دولة في العالم استنكرت الاحتلال الروسي لسورية فليذكرنا ..!!

وأول ما يجب أن نذكر من شأن هذا الاحتلال في ذكراه الخامسة أنه تم بمباركة صليبية من بطرك الكنيسة الأرثوذكسية " كيريل " حيث قام فلاديمير بوتين الرئيس الروسي العلماني من أصول شيوعية ماركسية بزيارة البطرك الأرثوذكسي وطلب بركته وتأييده لذبح المسلمين في سورية ، وحرمانهم كما صرح به وزير خارجيته لافروف من حكم أنفسهم بأنفسهم . وهذا لا ينساه ولا يتناساه من السوريين إلا من نسي حليب أمه ، أو نسي الندبة التي في بطنه والتي تربطه بها . وعدوّ جدك ما بودك . هكذا علمتك أمك وهذا ما أورثك أبوك . وكل الذين يداورون عن هذه الحقيقة كذابون دجالون ...

ومهما قلنا في مثل هذا اليوم الأسود الفاجع في التاريخ السوري الحديث فلن نوفيه حقه من الرفض ومن الألم ومن التفجع ومن تأكيد العزم والتصميم ، ويبقى قولنا في أشباه  السوريين الذين يقبلون بالروس بعد ستة عشر قرار فيتو لحماية القاتل ، واستدامة مجزرة السوريين ، يبقى القول في هؤلاء والقول في الذين يقبلون الذهاب إلى مشروع دستور روسي أو إلى مشروع معارضة روسية مرقعة - كحذاء الطنبوري - يبقى هو الأولى والأجدر لعلها تتنبه بصائر وأبصار ...

أتحفكم اليوم ، وأضع بين أيديكم تصريحات بل اعترافات جديدة لسيرغي شويغو وزير دفاع فلاديمير بوتين قائد ميليشيات المرتزقة من عصابة الفاغنر أتحفنا بها في هذه الذكرى أنقلها لكم ..سيرغي شويغو الذي يتفاخر في كل المزادات العالمية أنه جرب في لحم السوريين 600 سلاح استراتيجي ، وأنه يستعد لتجربة المزيد ..

فقد كتب سيرغي شويغو  بالأمس مقالا جديدا للتفاخر بقتل السوريين نشرته صحيفة " النجمة الحمراء " التابعة لوزارته ، وزارة الدفاع الروسية:  وإليكم بعض ما قال ..

" قمنا قبل بدء العملية العسكرية في سورية ، بتشكيل قوة حربية تضم 50 طائرة ، منها 34 طائرة حربية ، ومنها 16 طائرة مروحية . وقمنا بنشر وحدات عسكرية للإسناد المادي والتقني ، ووحدات التموين ، وقوات من العمليات الخاصة . وبالسرعة المطلوبة ، وقبل الإعلان رسميا عن " عملية الاحتلال " ما بين قوسين من عندي ، تم نقل المعدات لمسافة 2500 كم لنفاجئ بذلك العالم .  " وكل هذا الكلام المتفاخر لشويغو وزير الدفاع الروسي .

وأضاف شويغو في مقاله في صحيفة النجمة الحمراء . وهذا الاعتراف يجب أن يقرأه بعناية كل سوري معارضا كان أو مواليا ، ليعرف حقيقة ما يسمى اليوم الجيش العربي السوري ، وما هو  فيما آل إليه إلا مجموعة فصائل أو ميليشيات تحت الإمرة الروسية . وجرى التقليد في سورية أن كل قائد يستلم قيادة قطعة عسكرية ينادي : بإمرتي ..وهذا ما أعلنه شويغو الروسي عن الجيش الأسدي ..

وفي رأيي هذا أخطر وأهم اعتراف يصدر عن روسي ، قال شويغو  فانتبهوا : " لقد تم إرسال مستشارين عسكريين إلى جميع أجهزة القيادة في الجيش السوري " ومسمى المستشارين هنا هو تعبير ملطف عن القادة . بمعنى أن " جميع أجهزة القيادة في الجيش السوري " وضعت تحت القيادة الروسية .  وبإمرة القادة الروس . وأن جميع القادة السوريين أصبحوا مرؤوسين وأتباعا ,,وحتى من يسمى رئيس الجمهورية ووزير الدفاع . وربما الميليشيات والمستشارين الإيرانيين والحزبللاويين أيضا . ولعلكم تذكرون مقعد وزير الدفاع الأسدي على الكرسي الواطئ في حضرة الجنرالات الروسي . ولعلكم تذكرون ، الجندي الروسي يجر بشار الأسد من كمه إلى الخلف عندما أراد بوتين أن يسلم على جنرالاته !! نحن لا نتقول على أحد .

والاعتراف الثالث الذي يسجله شويغو في مقاله في صحيفة النجمة الحمراء هو قوله " قتلنا 133 ألف مسلح . منهم 4500 مقاتل من جمهوريات الاتحاد السوفييتي ..ومنهم 865 شخصا من القياديين "

واعتراف شويغو إقرار يلزمه ـ اعتراف بقتل هذه العدد الضخم من الناس . وكما كل القتلة المتسلسلين يعترف للتباهي .

ونحن نؤكد أن أعداد الذين قتلهم الاحتلال الروسي في سورية ، والذين أعان على قتلهم ، قد قاربوا المليون إنسان ، وسيصحو يوما ضمير العالم ليحاسب المجرم على جريمته .

ونحن نؤكد ثانيا أن جُل من قتلهم الروس أو أعانوا على قتلهم من المدنيين الأبرياء ، وجل هؤلاء المدنيين  من المسنين والنساء والأطفال  ، الذين لا يستطيعون حيلة أمام سياسة الأرض المحروقة ....

ونحن نؤكد ثالثا أن جل الأهداف التي قصفها الروس في سورية كانت  المساجد والمدارس والمستشفيات ومحاضن الرضع  والأسواق والأفران ومجالس العزاء ..

نذكر بوتين ووزير دفاعه ووزير خارجيته أنهم عندما جاؤوا إلى سورية مجيئهم الذي يتفاخرون به،  حددوا لمهمتهم ثلاثة أشهر ، ثم مددوها إلى سنة ، ثم هاهم أولاء اليوم يحتفلون ويتفاخرون بعامهم الخامس ..والشعب السوري أقوى من أن يُستتبع ، وأعز من أن يُذل ، وأبقى من أن يُستأصل ..

وأنه  لن يكون بعيدا اليوم الذي ستخرجون فيه أيها المحتلون المجرمون من سورية  على وجوهكم ، مولين أدباركم ، كما خرجتم من أفغانستان ..

الله وأكبر والنصر لإرادة الشعوب الحرة الرافضة للاستعباد وللاستعمار .

الله أكبر والنصر لشعب سورية الحر الأبي.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية