القدس ليست وحدها
الحراك المبارك في الشهر المبارك في البلد المبارك الذي يحييه الشباب المقدسيون في منطقة باب العامود في القدس الشريف أعلن عن إرادة فلسطينية لم ولن تنكسر، وسجل انتصارا معنويا في سبيل انتزاع كامل الحقوق الفلسطينية، بدءا من إعلان قيام الدولة الفلسطينية على حدودها المعروفة من النهر إلى البحر وعاصمتها القدس الشريف إضافة إلى حق العودة.
بشائر النصر
هذه المشاهد تمثل بشائر النصر، فهنيئا لكم أيها الأبطال هذه الوقفة العظيمة المشرفة التي أضافت في سجل المقاومة انتصارا جديدا ضمن قائمة الانتصارات والانتفاضات الفلسطينية، منذ ثورة العشرين وثورة يافا وثورة 1936م، والعديد من المعارك التي اختلط بها الدم العربي على أرض فلسطين والانتفاضات العظيمة منذ انتفاضة الحجارة مرورا بانتفاضة الأقصى في 28 أيلول – سبتمبر 2000 وصولا إلى المواجهات التي حدثت في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي والتي عمدت بالدماء الزكية لآلاف الشهداء واستنساخ المقاومة الباسلة التي جابهت الاجتياحات المتكررة على قطاع غزة في أعوام 2004م و2008/ 2009م وفي أعوام 2012م و 2014م وآخرها 2019م وكلها كانت الكلمة العليا لأبناء فلسطين المقاومين الأبطال الذين لقنوا الاحتلال معنى الإرادة والصمود فهم يدافعون عن أرضهم وهم متمسكون بقضيتهم، لذا فقد حققوا تلك الانتصارات وأفشلوا العدوان المتكرر وكل القبب الحديدية والتحالفات السياسية الدولية.
الملاحم التاريخية
هكذا هي معادلة الإرادة والكرامة القائمة على النصر والشهادة في كل الملاحم التاريخية على أرض فلسطين والتي يستلهمها اليوم من جديد أبناء القدس الشريف في رسم إحدى ملاحم النضال الفلسطيني لتعلن أن النصر آت وأن الوعد الإلهي قد اقترب .
القدس تنتفض عبارة خفقت معها نبضات المؤمنين من أبناء هذه الأمة العربية والإسلامية، فما حدث ويحدث في منطقة باب العمود منذ بداية شهر رمضان الكريم كان رسالة بليغة لمختلف الجهات العربية والدولية، فالقضية ليست فقط عادة فلسطينية لأبناء القدس بالتجمع في باب العامود كمناسبة رمضانية يحييها شباب القدس، بل تجاوزت ذلك عندما حاول جيش الاحتلال فرض إرادته في تفريق هذه التظاهرة فتحولت الى ملحمة عظيمة ما زالت تعصف بمحاولات الاحتلال فرض إرادته وتوجه رسالة أن القدس عربية اسلامية قد سخر الله من يدافع عنها في وجه حملات التهويد، فهيهات عندما تقرر الإرادة الفلسطينية استنهاض عزائمها معتمدة على سواعد رجالها في أرض الرباط والمعراج، فهنيئا لهذه السواعد العظيمة التي لن تغرب شمسها حتى إعلان النصر المبين، قال تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰيَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِۗإِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” صدق الله العظيم.
الهبة المقدسية
المسيرات التي تجاوبت مع تلك الهبة المقدسية المباركة في قطاع غزة والضفة الغربية وفي الأردن وغيرها إلى مختلف الاتجاهات والحدود والتي تفاعلت معها في حالة استنهاض واستنفار للمشاعر المؤمنة من أبناء الأمة العربية والإسلامية، كانت كفيلة أن تعزز من صمود أبناء القدس في فرض إرادتهم مؤكدة أن القدس ليست وحدها، وأن أرض الرباط ستبقى في رباط حتى يأذن الله بوعده العظيم .
ونحن أبناء الأمة إذ نتابع هذه الهبة المقدسية العظيمة لنرفع التحية لكم أيها الأشقاء في القدس الشريف مطمئنين أن النصر آت وملامحه ليست خافية على أحد وأنه سبحانه قد تأذن وأخبر نبيه وأمته بما يشبه القسم ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب، وهو وعد إلهي ثابت، وهو ما حدث ويحدث منذ عهد سيدنا موسى والى يوم القيامة، ولا شك أن الوعد الإلهي الأعظم في سورة الإسراء أيضا: (وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً(4) فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً (5) ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوّلَ مَرّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً (7) عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) (8)” صدق الله العظيم.
هذه الوعود الإلهية كافية للمؤمنين بالنصر إن لم يكن اليوم فغدا، وإن غدا لناظره قريب، والله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .